الخليج الجديد-
كشفت مصادر مطلعة، لـ"الخليج الجديد"، أن اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا الذي وقع، الأحد، في جدة، وقيل إنه جاء برعاية سعودية، كان بمثابة هدية إماراتية للسعودية، ومحاولة لمنح نصر دبلوماسي من ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، ولو بشكل شكلي.
وأكدت المصادر وجود توجس مصري جراء تنامي الدور الإماراتي في منطقة القرن الأفريقي، والدفع بالسعودية كوسيط لرعاية اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا في جدة، في مقابل تغييب القاهرة عن المشهد.
ووقع رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد"، والرئيس الإريتري "إسياس أفورقي"، اتفاق سلام في السعودية، أمس الأحد، بحضور العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، وولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، والأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش".
اللافت أن الزعيمين الإريتري والإثيوبي، زارا أبوظبي قبل شهرين، وعرضت صورة من ذلك الاجتماع تظهر الرجلين مع "بن زايد" وهو يتقدمهما على درج القصر، وهو المشهد الذي أعيد تكراره في جدة، لكن بظهور "سلمان" ونجله.
ولم تتضح بعد طبيعة الدور الذي اضطلعت به السعودية في الاتفاق، الذي سبق توقيعه بالفعل قبل شهور، لكن يبدو أن حزمة من المساعدات لأديس أبابا وأسمرة دفعت الجانبان إلى الموافقة على تكرار التوقيع على الاتفاق، في مشهد احتفالي.
وكانت السعودية قد قدمت عرضا يقضي بتزويد إثيوبيا بالوقود لمدة عام مع تأجيل الدفع لمدة 12 شهرا.
وسبقتها الإمارات بتقديم حزمة دعم قدرها 3 مليارات دولار تتألف من مليار دولار وديعة في البنك المركزي الإثيوبي، وتعهد بملياري دولار في هيئة استثمارات.
كذلك، بحث عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي وجهاز الشؤون التنفيذية في الإمارة، "خلدون المبارك"، مشروعا أعده الجهاز حول الدعم الإماراتي الممكن لإريتريا.
ولم يمانع الإثيوبيون والإريتريون في تكرار مشهد المصالحة، أملا في جني مكاسب مالية، واقتصادية، مقابل منح الرياض دورا في رعاية اتفاق السلام بين البلدين.
في المقابل فإن القاهرة تشعر باستياء من تغييبها عن مشهد المصالحة، فضلا عن امتعاضها من الأساس إزاء التقارب بين أديس أبابا وأسمرة، والذي تشعر أنه لا يصب في مصلحتها.
وتخشى مصر من تنامي النفوذ الإثيوبي، وهي دولة حبيسة، بعد فتح الموانئ الإريترية أمامها، وحصولها على دعم سعودي إماراتي سخي يعني التعجيل بإتمام مشروع سد النهضة، الذي تخشى القاهرة تأثيره على حصتها من مياه النيل.
وترى مصادر تحدثت لـ "الخليج الجديد"، أن القلق المصري ليس مستجدا ولا يقتصر على نشاط الإمارات في القرن الأفريقي؛ مشيرة إلى تحرك المخابرات الحربية المصرية لرصد حجم النفوذ الخليحي والاستثمارات المتزايدة في السودان، خاصة من السعودية والإمارات وقطر.
وخلص تقدير المخابرات المصرية إلى أن هذا النفوذ يهدد الدور المصري في منطقة حيوية تمس أمنها القومي وتعتبر تقليديا ساحة مصر الخلفية، مطالبة باتخاذ تدابير تضمن ألا يؤثر هذا النفوذ على مصالح مصر في منطقة القرن الأفريقي.
ووفق مصدر دبلوماسي مطلع سبق أن تحدث لموقع "عربي21"، فإن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، طلب من الخارجية المصرية تقريرا عاجلا يرصد النشاط الدبلوماسي والتجاري للإمارات في القرن الأفريقي والبحر الأحمر واليمن، وذلك قبيل زيارة ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" للقاهرة، الشهر الماضي.
ودخلت الإمارات المنطقة منذ أكثر من 10 سنوات مدفوعة من جهة برغبتها في أن تلعب دورا في اقتصاد إثيوبيا الذي يحقق نموا، ومن جهة أخرى بخشيتها من أن يكتسب خصوم مثل إيران وقطر موطئ قدم لهم في القرن الأفريقي.
وغداة انتهاء حالة الحرب بين إثيوبيا وإريتريا، بوساطة الإمارات الطموحة في القرن الأفريقي، فإن التكهنات ثارت حول خسارة مصر ورقة ضغط هامة على الجانب الإثيوبي.
وفي يوليو/تموز الماضي، قررت إثيوبيا وإريتريا إنهاء عداء استمر 20 عاما منذ اندلاع الحرب بينهما على حدود متنازع عليها عام 1998.
وتم بموجب "إعلان المصالحة والصداقة"، فتح السفارات بين البلدين وتطوير الموانئ واستئناف رحلات الطيران.