الخليج أونلاين-
في الوقت الذي ينتظر فيه المسلمون بإقليم كشمير دعماً إسلامياً، للوقوف بوجه الحكومة الهندية التي تسعى لتغيير ديموغرافية إقليمهم، أثبتت دول عربية إسلامية، لها قوة تأثير دولية، وقوفها إلى جانب الهند، وصمّ آذانها عن استغاثات وصراخ المسلمين في هذه البقعة من العالم.
فبعد أسبوع واحد من إلغاء الحكومة الهندية المادة 370 من الدستور؛ التي تمنح وضعاً خاصاً لمنطقة كشمير المتنازع عليها مع باكستان، وتتيح لولاية جامو وكشمير الخاضعة لسيطرة الهند، وضع قوانينها الخاصة، أبرمت الهند صفقة مع السعودية بقيمة 15 مليار دولار.
جاء ذلك بإعلان شركة ريلاينس الهندية إبرامها خطاب نوايا مع شركة أرامكو السعودية، يقضي بصفقة شراء محتمل تستحوذ بموجبها الشركة السعودية على 20% من أنشطة النفط والكيماويات للشركة الهندية.
بموجب الاتفاق المبدئي بين الشركتين، ستزود "أرامكو" مصفاة "ريلاينس" الواقعة على الساحل الغربي للهند، بنصف مليون برميل يومياً.
بذلك فإن هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها 15 مليار دولار، ستكون أكبر استثمار أجنبي في تاريخ "ريلاينس" وتاريخ الهند عموماً، بحسب رئيس شركة ريلاينس وأغنى رجل في الهند موكيش أمباني.
ونقلت وسائل الإعلام الهندية عن أمباني قوله، إن شركته ستعلن في الأيام المقبلة عن استثمارات بإقليم جامو وكشمير؛ عقب قرار الحكومة الهندية تقسيم الجزء الذي تسيطر عليه إلى إقليمين بعد قرار إلغاء الحكم الذاتي في المنطقة.
الخطوة هذه اعتبرها مراقبون، لا سيما الباكستانيون الذين يدافعون عن قضية سكان إقليم كشمير، تكريماً ضخماً لمسعى الهند في محاربتها المسلمين، وهو ما تطرقوا إليه في مقالات وتدوينات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل المحلية.
تكريم إماراتي - بحريني
السبت (24 أغسطس الجاري)، منحت الإمارات رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، أرفع وسام مدني في البلاد خلال زيارته لها.
وقال حساب ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، على "تويتر": إن الأخير "قلّد رئيس وزراء الهند وسام زايد؛ تقديراً لدوره في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين".
فضلاً عن ذلك، أشار الحساب إلى "إطلاق طابع بريدي تذكاري خاص بمناسبة مرور 150 عاماً على مولد المهاتما غاندي".
وهذه هي المرة الثانية التي تقلد فيها الإمارات مودي "وسام زايد"؛ إذ كانت المرة الأولى في أبريل الماضي.
التكريم العالي لرئيس وزراء الهند لم يكن أول تأكيد لدعم أبوظبي موقف نيودلهي من المسلمين في كشمير؛ حيث سبق أن أعرب سفير الإمارات لدى الهند، أحمد البنا، عن دعم بلاده قرار الهند إلغاء الحكم الذاتي لكشمير، معتبراً أن القرار "خطوة تشجع على الاستقرار والسلام وعلى تحسين ظروف السكان".
ونقلت صحيفة "غلف نيوز" الإماراتية الصادرة بالإنجليزية، عن السفير الإماراتي؛ تعقيباً على قرار الهند تقسيم الجزء الذي تسيطر عليه في جامو وكشمير إلى إقليمين، قائلاً: إن "إعادة تنظيم الدول ليست حادثة فريدة من نوعها في تاريخ الهند المستقلة، وإنها تهدف أساساً إلى تقليل التفاوت الإقليمي وتحسين الكفاءة".
وعلى خُطا الإمارات منح ملك البحرين، حمد بن عيسى، رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، وساماً رفيعاً، خلال زيارة الأخير للمنامة السبت (24 أغسطس الجاري)، وفق وكالة الأنباء البحرينية.
ومنح بن عيسى، مودي "وسام البحرين من الدرجة الأولى"؛ تقديراً لجهود الأخير "في تعزيز العلاقات بين البلدين"، وفق المصدر ذاته.
ووصل مودي إلى البحرين، قادماً من الإمارات، في زيارة هي الأولى من نوعها على مستوى رؤساء وزراء نيودلهي للمنامة، استهلها بمحادثات ثنائية مع نظيره البحريني خليفة بن سلمان.
هذا ما تريده دول الحصار
يمنح الدستور الهندي إقليم "جامو وكشمير" وضعاً خاصاً في المادة 370، يتمتع فيه باستقلالية في الشؤون الإدارية، عدا تلك المتعلقة بالخارجية والدفاع والاتصالات.
وتمنح هذه المادة من الدستور حماية للإقليم من أي تغيير ديموغرافي؛ إذ تمنع الهجرة إليه من المناطق الأخرى من الهند، وهو ما يثير غضب القوميين الهندوس المتطرفين، الذين يمثلهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
ويسعى مودي إلى تشجيع الهندوس على الهجرة إلى كشمير؛ بهدف تغيير الهوية الديموغرافية للإقليم الوحيد ذي الغالبية المسلمة في الهند.
وبموجب الوضع الخاص كانت الوظائف الحكومية بالولاية مخصصة لسكانها، وكذلك فرص الدراسة الجامعية، للحيلولة دون تدفق أشخاص من بقية أنحاء الهند إلى الولاية.
ومنذ اعتماد دستور "جامو وكشمير" عام 1956، أقر قانون الإقامة الدائمة، الذي يُسمح فيه للسلطة التشريعية بتحديد المقيمين الدائمين وما الذي يميزهم.
وبناء على ذلك أصدرت لكل السكان المعروفين في المنطقة شهادة إقامة دائمة، تعطيهم بعض الامتيازات في الوظائف والتعليم، وحق التملك وشراء العقارات في الولاية.
وحددت السلطة التشريعية في كشمير المشمولين بالإقامة الدائمة بضابط ينص على أنهم "كل من كان يعيش داخل الولاية في 14 مايو 1954، لحظة تطبيق التشريع، ويعد كل من عاش في الولاية عشرة أعوام منذ ذلك التاريخ من السكان الدائمين".
وبإمكان الهيئة التشريعية في الولاية أن تغير تعريف المقيم الدائم أو أي جوانب أخرى تتعلق بذلك، بإصدار تشريع، بشرط حصوله على موافقة غالبية ثلثي الهيئة.
وبوقوفها إلى جانب الحكومة الهندية، تؤكد كل من السعودية والإمارات والبحرين أنها مع قرار نيودلهي في سعيها للقضاء على وجود إقليم خاص بالمسلمين، يمارسون فيه طقوسهم، لا سيما أن ما تناقلته وسائل الإعلام الناطقة باسم حكومات البلدان الثلاثة، لم تذكر فيه أن قادة حكوماتها طرحوا قضية كشمير أو دافعوا عن سكانها المسلمين في لقاءاتهم مع مودي.
في هذا الشأن يقول الكاتب السوري أحمد موفق زيدان، في تدوينة له نُشرت بـ"الجزيرة نت": إن "حالة ما تعرف بالهندسة الديموغرافية المستمرة في سوريا، وما يجري في فلسطين والأويغور بالصين وغيرها، ربما شجعت الهند على المضي بالسياسة نفسها".
وأضاف زيدان أن هدف الهند من ذلك هو "تعزيز الحزب الحاكم لهندوسية متطرفة دعا إليها منذ اليوم الأول، بل كانت من أهم حملاته الانتخابية على مدى السنوات الماضية من بروزه إلى السطح السياسي، ساعده في ذلك تراجع التضامن الإسلامي والعربي في قضاياها".
وتابع: "ومن ثمَّ، مثل هذا الفراغ يمكن استغلاله بشكل كبير، وهو ما تبدَّى في الحالة السورية، وكذلك الجولان والأويغور والروهينغا، وغيرها من القضايا التي لا يأبه المسلمون لها كثيراً ولا حتى العالم، بما يجعل الاستفراد بأهلها سهلاً وميسوراً وقليل التكاليف على مرتكبيه".
اتحادٌ آخَر ضحاياه مسلمون
اتحاد السعودية والإمارات والبحرين على موقف ينتج عنه ضحايا مسلمون، مثلما هو الحال في دعم الهند وإعطائها صبغة شرعية في سعيها للإضرار بالمسلمين في كشمير، ليس الأول.
فحصار قطر الذي شاركت فيه هذه الدول الثلاث بالإضافة إلى مصر، منذ يونيو 2017 حتى الآن، سبق الموقف من كشمير، بالإضافة إلى تدخلات هذه البلدان في شؤون بلدان أخرى، ودعمها الحكومات المتسلطة، وجهات مسلحة، على حساب تطلعات الشعوب واستقرار بلدانها، وهو ما جرى ويجري في سوريا وليبيا واليمن.
وجميع نتائج تلك التدخلات كانت تسفر عن ملايين من الضحايا بين قتل وتشريد وفقر ومرض وحرمان.