متابعات-
بعد مرور عام على إعدام الصحفي "جمال خاشقجي" خارج نطاق القضاء، يسعى مواطنون سعوديون لتكريم إرثه بمواصلة النضال من أجل حقهم في التعبير عن أنفسهم بحرية، وسط عدم وجود أي مؤشر لمحاسبة المسؤولين عن قتله واستمرار سلطات بلده في حملة القمع المعارضين.
جاء ذلك في تقرير أوردته منظمة "العفو الدولية"، اليوم الأربعاء، في موقعها على الإنترنت بالتزامن مع الذكرى السنوية لمقتل "خاشقجي" على يد فرقة قتل حكومية داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقالت المنظمة إن ناشطين سعوديين في الخارج، وبدعم منها، أطلقوا سلسلة من المدونات الصوتية (بودكاست) تحت عنوان "المملكة العربية السعودية الكبرى"، وهي تسلط الضوء على مختلف قضايا حقوق الإنسان التي تؤثر على البلاد.
وذكرت المنظمة أن السلسلة الأولى تسلط الضوء على قصة "جمال خاشقجي".
وأضافت: "تكمن في صميم هذه المبادرة رغبة الناشطين في أن يظهروا للجميع في السعودية، والعالم بأسره، أن إجراءات القمع المتشددة لن تمنعهم من التعبير عن آرائهم، ورواية قصصهم الخاصة، ومواصلة نضالهم من أجل إطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين، الذين يدفعون ثمناً باهظاً بسبب رفع صوتهم".
ونقلت المنظمة عن "هالة الدوسري"، وهي كاتبة سعودية ومدافعة عن حقوق الإنسان قولها: "ستُمثل المدونات الصوتية منصة قوية للصحفيين السعوديين والباحثين والناشطين لمواجهة الحملة الإعلامية المضللة التي تقودها الدولة، إنها ستشرك الشعب السعودي في مناقشة نادرة وحرة حول قضايا مثل: المشاركة العامة، وسيادة القانون، والحركة النسوية، وغير ذلك من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان".
وأشارت المنظمة إلى مقابلة أجراها ولي العهد السعودي الأسبوع الماضي، وأقر فيها لأول مرة بأنه يتحمل مسؤولية مقتل "جمال خاشقجي"، قائلاً: "لأن ذلك حدث في ظل ولايتي".
وفي هذا الصدد علقت المنظمة بقولها: "إن تحمل محمد بن سلمان المسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي ستكون مجرد محاولة فاشلة أخرى للعلاقات العامة، إذا لم يتم متابعتها بإجراءات ذات مغزى، وملموسة، وفورية".
بدورها اعتبرت "لين معلوف"، مديرة البحوث للشرق الأوسط في المنظمة، أن "أي حديث عن تحمل المسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي لا معنى له، إن لم يتم فوراً، ودون قيد أو شرط، إطلاق سراح عشرات الأفراد الذين ما زالوا يعانون في السجن، والذين ما زالوا عرضة لخطر التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، لمجرد أنهم عبروا عن رأيهم بطريقة سلمية".
وتابعت: "معلوف": "يجب أن يشمل ذلك الوقف الفوري لحملة القمع، والإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان من جهة؛ والدخول الفوري وغير المشروط لمراقبي حقوق الإنسان المستقلين إلى البلاد، بما في ذلك مراقبة المحاكمة الجارية في قضية مقتل جمال خاشقجي والإبلاغ عنها علنًا".
واستطردت: "نظراً لبواعث القلق القائمة البالغة الخطورة بشأن الإجراءات القانونية الواجبة، والمحاكمات العادلة في السعودية، يجب أن تسمح السلطات السعودية على الفور بحضور المراقبين المستقلين هذه المحاكمة، والتي بدونها ستكون مجرد محاكمة صورية أخرى تفشل في محاسبة المسؤولين عن عملية القتل وتنفيذها، وانتهاكاً لحق الأسرة، والجمهور السعودي الأوسع، في معرفة ما حدث لجمال خاشقجي في ظل إدارة محمد بن سلمان".
منذ مقتل "خاشقجي"، استمرت حملة القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني دون انقطاع، واتُهمت المدافعات عن حقوق الإنسان، وحوكمن بسبب نضالهن السلمي من أجل حقوق الإنسان، والدفاع عن حقوق المرأة في البلاد.
وبينما تم إطلاق سراح العديد من الناشطات بشكل مؤقت في الأشهر الأخيرة، ما زالت "لجين الهذلول"، و"سمر بدوي"، و"نسيمة السادة"، و"نوف عبدالعزيز"، قيد الاحتجاز التعسفي منذ مايو/أيار 2018.
كما اعتُقل تعسفياً ما لا يقل عن 14 من ناشطي المجتمع المدني، والكتّاب، وأفراد أسر الناشطين المحتجزين، منذ 6 أشهر تقريباً، وما زالوا رهن الاحتجاز دون توجيه تهم إليهم.
واستُخدمت عقوبة الإعدام كسلاح سياسي ضد الأقلية الشيعية في عملية إعدام جماعي مروع لـ37 رجلاً ، معظمهم من الأقلية الشيعية في السعودية، في وقت سابق من هذا العام.