الخليج أونلاين-
تذهب أرقام التبادل التجاري، وعلاقات التعاون الاقتصادي بين إيران ودول خليجية إلى تأكيد صعوبة قطع العلاقات بين بلدان الخليج والجارة الشرقية التي تتقاسم معهم عديداً من المشتركات؛ وهو ما يشير إلى ضرورة عودة علاقات طهران مع كل من الرياض والمنامة.
ما أعلنه رئيس منظمة التنمية التجارية الإيرانية حميد زادبوم، يكشف عن أهمية بناء علاقات وثيقة بين الخليج وإيران، حيث إن أبوظبي على الرغم من كون علاقاتها السياسية غير وثيقة مع طهران، فإنها على رأس قائمة دول الخليج والثانية عربياً التي تستورد البضائع من إيران.
قال المسؤول الإيراني، الجمعة (27 أغسطس 2021)، إن الإمارات حلت ثالثاً بين الأسواق الخارجية الأكثر استيراداً للسلع الإيرانية بـ1.6 مليار دولار، بعد الصين والعراق.
وتستورد طهران 10% من كل وارداتها من الإمارات، فيما تصدّر نحو 15% من كل صادراتها عن طريق الإمارات، حسب الإحصائيات الرسمية الإيرانية.
نمو مستمر
سبق أن كشف رئيس غرفة التجارة الإيرانية الإماراتية المشتركة، فرشيد فرزانكان، أن قيمة التبادل التجاري بين البلدين تبلغ حالياً 15 مليار دولار، مع وجود رغبة في زيادة الصادرات والاستيراد، وبما يتيح لهما في ظل الخطط المحددة بلوغ قيمة 30 مليار دولار في مجال التبادل التجاري بحلول عام 2025.
وخلال العام الماضي، بلغ حجم الصادرات إلى الإمارات ما يعادل 3.3 مليارات دولار، وحجم الواردات منها 6.3 مليارات دولار، ليصل إجمالي ميزان التبادل التجاري إلى نحو 9.6 مليارات دولار، لتصبح الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين، وفق الغرفة التجارية الإيرانية.
وخلال عام 2019، شهدت العلاقات بين أبوظبي وطهران تحسناً ملحوظاً، حيث اتفقت في يوليو من العام نفسه، على ضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية وضمان أمن مياه الخليج، ما انعكس إيجاباً على العلاقات الاقتصادية الجيدة أصلاً.
إيران، وفق ما يقوله المحلل الاقتصادي مرشد النايف لـ"الخليج أونلاين"، تعول كثيراً على إقامة علاقات مع دول الجوار تحديداً، تُمكنها من تخفيف الأعباء الاقتصادية الجاثمة على صدر الاقتصاد الإيراني المنهك أصلاً من جراء العقوبات، وتراجع صادرات النفط الإيرانية.
وفي الإمارات توجد 6 آلاف شركة مسجلة تعود لرجال أعمال إيرانيين، بحسب "النايف" الذي يتوقع أن تستمر العلاقات الاقتصادية الإماراتية الإيرانية وتشهد نمواً متزايداً.
الخلاف الأبرز
يعتبر الخلاف المستمر منذ سنوات، بين السعودية وإيران من بين المشاكل الأبرز في المنطقة الخليجية، خاصةً أن تداعياته تطال اقتصاديات دول المنطقة.
البحرين هي الأخرى تمر علاقاتها مع إيران بوضع سيئ، منذ سنوات، حيث أنهت علاقاتها مع طهران بعد قرار مماثل من حليفتها الكبرى السعودية، وذلك رداً على الاعتداء الذي تعرضت له سفارة وقنصلية الرياض في يناير 2016.
وباستمرار تتهم البحرين إيران بالتدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً تأكيدها أن طهران مصدر لتهريب المخدرات للبلاد.
الخبير الاقتصادي مرشد النايف يرى أن إيران تفكر في المكاسب الاقتصادية في حال تم تطبيع العلاقات أو إعادة المياه إلى مجاريها مع السعودية والبحرين، لكنه يعتقد أن إيران غير قادرة حتى الآن على إحداث هذا التطبيع مع السعودية تحديداً.
سبب ذلك، وفقاً لـ"النايف"، هو أن "طهران ليس في جعبتها سوى الحلول العسكرية القائمة على القوة والبعيدة عن لغة الحوار، وهو ما لا يوفر الأرضية المطلوبة لإقامة نوع من الحوار بين الرياض وطهران"، لافتاً إلى أن "إيران في ظل الحكم الشمولي غير قادرة على إنتاج سوى القتل والتمدد، وهو ما لا يمكن أن توافق عليه الرياض".
لا استقرار مستمراً
وفي إطار علاقاتها مع دول الخليج توصف العلاقات الإيرانية الكويتية بأنها لا تسير على وتيرة واحدة، حيث سبق أن تأزمت في مرات عديدة، لتعود من جديد تسير في إطار الهدوء والتعاون المشترك.
وعام 2016 توترت العلاقات بينهما في أعقاب الاعتداء على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد.
وقبل انتشار جائحة كورونا وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 200 مليون دولار، وشمل المواد الاستهلاكية والغذائية والزراعية ومواد البناء بصفة عامة، بحسب ما ذكره السفير الإيراني لدى الكويت لصحيفة "الأنباء" الكويتية.
علاقات جيدة
وبخلاف بقية دول الخليج، تتمتع قطر وسلطنة عُمان بعلاقات جيدة مع إيران، وعادةً ما تعرضان الوساطة لإصلاحات التوترات بين طهران وبقية دول المنطقة.
وتوترت العلاقات بين قطر وإيران بعد أن قطعت السعودية علاقاتها مع الأخيرة بأعقاب الهجوم الذي وقع في يناير 2016 على البعثات الدبلوماسية السعودية بإيران، ثم تنامت في ظل الأزمة الخليجية صيف 2017 وانتهت مطلع العام الجاري.
وفي عام 2020 نقلت وسائل إعلام إيرانية عن رئيس غرفة التجارة الإيرانية-القطرية المشتركة عدنان موسى بور، قوله إن إجمالي التبادل التجاري بين البلدين بلغ 365 مليون دولار.
أما سلطنة عُمان فالعلاقات بينها وبين إيران معروفة بتميزها واستمرار الدولتين في التعاون الثنائي، خاصةً اقتصادياً.
حتى شهر أبريل الماضي، أعرب رئيس غرفة التجارة الإيرانية العمانية المشتركة محسن ضرابي، عن أمله أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 5 مليارات دولار، وقال إن الظروف مناسبة لتنويع السلع المصدَّرة، والإمكانات متوافرة.
ونقلت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية عن "ضرابي"، قوله إن حجم التبادل التجاري عند تأسيس الغرفة المشتركة بين طهران ومسقط عام 2013 كان بحدود 220 مليون دولار، بسبب عدم وجود البنى التحتية اللازمة، مشيراً إلى أنه ارتفع إلى مليار و200 مليون دولار بحلول 2018.
مستقبل العلاقات
إيران وفق قراءة سياساتها الماضية، "لا يمكن أن تتغير أو تغير سلوكها إلا تحت الضغط وتحت مسيس الحاجة في حال وقعت تحت ضغوط اقتصادية مركزة، وهي واقعة تحتها حالياً، حينها تلجأ إلى إحداث انفراجة أو التفاتة سياسية إلى دول الجوار وبالتحديد دول الخليج العربي"، يقول مرشد النايف.
وأضاف أنه يعتقد عدم وجود أدوات أو آليات تدفع دول الخليج إلى أحضان طهران، لافتاً إلى أن دول الخليج بالإجمال لا تعاني من ضائقة اقتصادية كما يحدث في إيران، ولا تعاني من تململ شعبي من جرّاء الفقر المتفشي كما يحصل بإيران.
فضلاً عن هذا -والحديث لـ"النايف"- فإن دول الخليج تحظى بشعبية إلى حد كبير وتحظى أيضاً بدعم دولي؛ لذلك ليست هناك آليات لإجبار هذه الدول على الانفتاح على الجانب الإيراني.
"النايف" أكد أن طهران "هي صاحبة المصلحة الأولى للانفتاح على دول الخليج الغنية، والقادرة على ضخ استثمارات مليارية في إيران".