معهد واشنطن-
"قد يدفع الجمود في المحادثات النووية الإيرانية إلى اتخاذ السعودية إجراء ما بدعم باكستاني".. هكذا ربط معهد واشنطن، بين الجمود في مباحثات فيينا وزيارة رئيس وزراء باكستان "شهباز شريف" إلى السعودية، في أول محطة له عقب توليه منصبه.
"شهباز"، الذي بدأ الخميس، زيارة تستغرق 3 أيام إلى السعودية، شدد على أن السعودية "من أعظم الأصدقاء بالنسبة لبلاده، ولها مكانة خاصة في قلوب الجميع".
والهدف من هذه الزيارة جزئياً هو الحج، حيث تطالب بزيادة حصتها في الحج، ولكنها ستشمل أيضاً عقد اجتماعات رفيعة المستوى، من المتوقع أن يكون أحدها مع حاكم المملكة الفعلي ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان".
وستمثل هذه الاجتماعات فرصة لإصلاح العلاقات السعودية الباكستانية، التي توترت خلال القيادة المتقلبة لـ"عمران خان"، الذي بدأت ولايته في عام 2018.
وتوترت العلاقات إبان حكم "خان"، بسبب تواصل الأخير مع دول كماليزيا وإيران وتركيا، وهي مساعٍ توقفت حين أوضحت الرياض أنها تهدّد استمرار الدعم المالي المقدّم من السعودية.
ولكنها جاءت أيضاً نتيجة تنامي الروابط التجارية والدبلوماسية للرياض مع الهند، الخصم التاريخي لباكستان ومنافستها في المجال النووي.
وتعود العلاقات النووية السعودية - الباكستانية إلى عقود من الزمان، ففي مقالة افتتاحية نشرتها صحيفة "عرب نيوز" السعودية التي تصدر باللغتين الإنجليزية والعربية في 26 أبريل/نيسان الجاري، أشار سفير سعودي سابق في إسلام آباد، إلى أنه في سبعينات القرن الماضي "قدّمت... السعودية مساعدة مالية لنظام (بينظير) بوتو من أجل إحباط طموحات الهند النووية"، بعد اختبار أجرته نيودلهي في عام 1974.
وما قد يُعتبر حتى أكثر صلة بالموضوع، هو ترحيب شقيق "شهباز شريف"، رئيس الوزراء في ذلك الحين "نواز شريف"، بوزير الدفاع السعودي الأمير "سلطان بن عبدالعزيز"، في مصنع تخصيب اليورانيوم في كاهوتا خارج إسلام آباد في يونيو/حزيران 1999، بعد عام من إجراء باكستان اختبارين نووين.
وإلى جانب الجولة في مصنع التخصيب بأجهزة الطرد المركزي، تمّ عرض صاروخ "غوري" - وهو النسخة الباكستانية للنوع الكوري الشمالي القادر على حمل أسلحة نووية - على الوفد السعودي فضلاً عن نماذج أسلحة نووية بالحجم الفعلي.
وأثارت الزيارة احتجاجا دبلوماسيا أمريكيا رسميا.
ولاحقاً، حضر أمير سعودي اختبار إطلاق صاروخ "غوري".
والجدير بالذكر أن هناك مصنعا سعوديا لإنتاج الصواريخ في الصحراء جنوبي الرياض، يبدو أنه نسخة طبق الأصل من مصنع باكستاني، قام بتجميع صاروخ "إم-11" الصيني، وهو سلاح نووي آخر.
وحسب معهد واشنطن، فمن الأسباب التي تدعو إلى إيلاء أهمية خاصة لهذا الأسبوع، هو تصريح "بن سلمان" عام 2018 على تلفزيون أمريكي حيث قال: "إذا طوّرت إيران قنبلة نووية، فسنحذو حذوها بأسرع وقت ممكن".
وفي عام 2020، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، بأن الصين ساعدت المملكة على بناء مصنع لمعالجة خام اليورانيوم.
كما سبق أن أشارت صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى وجود منشأة غامضة يُعتقد أنها مرتبطة بالمجال النووي.
وفي حين يبدو أن مفاوضات العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وهي التسمية التي يُعرف بها الاتفاق النووي مع إيران، متوقفة ووسط التكهنات بأن أسبوعيْن يفصلان طهران عمّا يُسمى بقدرة اختراق العتبة النووية، سيكون من المفاجئ عدم طرح تعاون نووي جديد خلال المحادثات الثنائية.
وفي الماضي، تمحورت المحادثات بشأن أي مساعدة نووية تقدمها باكستان إلى السعودية حول احتمال نشر صواريخ باكستانية ذات رؤوس نووية في المملكة.
لكن النظرة الحالية تميل إلى الاعتقاد بأن باكستان، ربما تكون قد زوّدت السعودية بتكنولوجيا التخصيب باستخدام شبكة الراحل "عبدالقدير خان"، الذي وُضع في الإقامة الجبرية عام 2004.
والسؤال إلى أي مدى كان "خان" عميلاً متمرداً يعمل بشكل مستقل عن الجيش الباكستاني النافذ، لطالما كان موضع جدل، وربما كانت السعودية "الزبون الرابع" الغامض الذي يُعتقد أنه كان موجوداً، إلى جانب إيران وليبيا وكوريا الشمالية.
يُذكر أن النفاذ إلى التكنولوجيا النووية المدنية هي في الأساس أحد "مطالب" الرياض من إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن".
ونظراً إلى التوترات العروفة بين القيادة في السعودية والولايات المتحدة، فمن المرجح أن يؤدي أي تعاون نووي عسكري سعودي باكستاني في المستقبل إلى اندلاع أزمة جديدة.