(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
وسط حالة الاستقطاب الدوليّة التي تتصاعد حدّتها بتصاعد حدّة المعركة الدّولية لتغيير النّظام العالمي وإنهاء حالة القطبيّة الأُحادية، تكتسب قمّة شنغهاي الحاليّة أهميّة كُبرى.
وربّما عبر موقع دويتشه فيله الألماني بدقّة كبيرة عن هذه الحالة عندما قال في تقريره عن القمّة: أنّ الرّئيسين الصّيني شي جينبينغ والرّوسي فلاديمير بوتين يلتقيان في أوزبكستان في قمّة إقليميّة تبدو أشبه بجبهة ضدّ الغرب في أوج توتّر حاد تفاقمه الحرب في أوكرانيا، وسينضم إلى شي وبوتين في مدينة سمرقند، المحطّة الرئيسيّة على طريق الحرير القديم، قادة الهند وباكستان وتركيا وإيران ودول أخرى للمشاركة في قمّة منظّمة شنغهاي للتّعاون التي تستمر يومين.
ولعلّ ما يؤكّد تعمّق قمّة شنغهاي في التأكيد على التحدّي للغرب، هو ما قاله الرّئيس الصيني لنظيره الروسي أنّ بكين خلال لقائهما في سمرقند إنّ "الصين ترغب ببذل جهود مع روسيا للقيام بدور القوى العُظمى ولعب دور توجيهي لبث الاستقرار والطّاقة الإيجابيّة في عالم تهزّه اضطرابات اجتماعيّة".
وبالعودة لتقرير دويتشه فيله، فقد قالت نصًّا في تقريرها أنّ: اللّقاء يرتدي طابع تحدٍّ للولايات المتّحدة التي تقود حملة العقوبات ضدّ موسكو والدّعم العسكري لكييف، وأثارت غضب بكين بزيارات قام بها مسؤولون أميركيون عدّة إلى تايوان.
ومن المعروف أنّ منظّمة شنغهاي للتّعاون التي تضمّ الصين وروسيا والهند وباكستان والجمهوريّات السوفياتيّة السّابقة في آسيا الوسطى، أنشئت في 2001 كأداة للتّعاون السياسي والاقتصادي والأمني منافسة للمنظّمات الغربيّة، وإن كانت ليست تحالفًا عسكريًا مثل الناتو، ولا منظّمة للتّكامل السياسي مثل الاتّحاد الأوروبي، إلّا أنّ أعضاءها يعملون معًا لمواجهة تحديّات أمنيّة مشتركة وتعزيز التّجارة.
والجديد في هذا العام هو إعلان إيران انضمامها للمنظّمة بعد زوال العراقيل والاعتراضات الطاجيكيّة السّابقة، وهو ما يقود إلى سؤال حول موقف دول الخليج من المنظّمة وهل سينسحب العَداء الذي تتعامل به بعض الدوَل الخليجيّة مع إيران بدوره على علاقات الخليج مع منظّمة شنغهاي ودوَلها.
تقول التّقارير نقلاً عن خبراء خليجيين، أنّه يوجد سببان رئيسيّان لعدم انضمام دول مجلس التّعاون الخليجي إلى منظّمة شنغهاي للتّعاون، حيث يتمثّل السّبب الأوّل في أنّ حلفاء مجلس التّعاون الخليجي يعتبرون منظّمة شنغهاي للتّعاون تحديًا خطيرًا للنّظام الدّولي الحالي بالنّسبة للأمن والاقتصاد والسياسة، والسبب الثاني يتمثّل في افتقار دول مجلس التّعاون الخليجي إلى استراتيجيّة لسياساتها في آسيا.
كما تنق التقارير عن خبير صيني في الشرق الأوسط اعتقادَه أنّ "منظّمة شنغهاي للتّعاون ستَدرس بعناية وتأنّي طلبات الانضمام الجديدة. وأشار إلى أنّ روسيا تُريد توسيع التّنظيم بضمّ إيران وسوريا. لكن الظروف ليست مناسبة لكلا البلدين، خاصّةً عندما لا توجد حلول دوليّة للأزمة السورية. ويُضيف أنّ المنظّمة قد لا تنظر في ضمّ أي من دول مجلس التّعاون الخليجي لأنّ التوسّع نحو الخليج سيجر بالمنظّمة إلى منطقة صعبة، ممّا لا يُضيف الكثير إلى المنظّمة ".
كما يخشى بعض الخُبراء من أنّ انضمام حلفاء الولايات المتّحدة مثل المملكة العربية السعودية وقطر و"إسرائيل" إلى المنظّمة يعني في الواقع انضمام الولايات المتّحدة إلى المنظّمة.
كما أنّ الخبراء من دول منظّمة شنغهاي يفتقرون إلى الحماس لتوسيع المنظّمة لتشمل دول مجلس التّعاون الخليجي في الوقت الحاضر ودول الشرق الأوسط بأسرها، حيث يرون أنّ الصّراع الإسرائيلي الفلسطيني غير قابل للحلّ قريبًا .
وبالتّالي فإنّ المنظّمة لا تتحمّس لضمّ الأضداد والمتصارعين لتناقض ذلك مع فلسفتها القائمة على التعاون.
هنا نجد أنّ العداء الخليجي غير المبرّر مع إيران يفقد دول الخليج مستقبلاً واعداً لمنظّمة فتيّة أصبحت تضمّ نصف البشرية بعد توقيع ايران طلب الانضمام رسمياً إليها.
ولا يقتصر الأمر على تلك الخسارة في التّعاون مع اقتصادات شرقيّة كبيرة، بل أنّه ومع حالة الاستقطاب الدولية ودخول المنظّمة في طور التحدّي للغرب، فإنّ الخليج المحسوب على الغرب سيُعتبر منافساً وخصماً وربّما يؤدّي ذلك إلى تضرّر المصالح الخليجيّة.