محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
رغم حداثة علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع الفاتيكان، فإنها بدأت تأخذ تطوراً بأشكال مختلفة من خلال افتتاح السفارات، وإقامة علاقات دبلوماسية، وزيارات متبادلة.
وتعد الكويت أولى الدول الخليجية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان في عام 1969، وتطورت إلى افتتاح سفارات في البلدين، وتعيين سفراء.
وتميزت العلاقات بين الكويت والفاتيكان بالتواصل والتنسيق، وتُوجت بزيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حينها، الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، لتلك الدولة الصغيرة، ولقاء البابا يوحنا بولس الثاني الراحل، في 13 ديسمبر 1996.
ووافقت الكويت بعد الزيارة على فتح سفارة وتعيين سفير مقيم لدولة الفاتيكان لديها، وهو ما ساهم في تطور العلاقات وتوسيع آفاقها.
ويوجد في الكويت 300 ألف كاثوليكي، وفق ما أكده سفير الفاتيكان لدى الكويت يوجين مارتن نوجينت.
وبيّن نوجينت، خلال تصريح له في مارس الماضي، بسبب الذكرى التاسعة لانتخاب البابا فرنسيس، أن العلاقات بين الفاتيكان والكويت متينة، مع وجود جهود متواصلة لتعزيز السلام والتماسك الاجتماعي.
وتؤكد الكويت أن علاقاتها مع الفاتيكان قائمة على الحرص والإيمان المشترك بقيم التسامح والانفتاح على الأديان.
وخلال الغزو العراقي للكويت عام 1990، اتخذ بابا الفاتيكان حينها، يوحنا بولس الثاني، قراراً بتأييد ودعم الحق الكويتي، وهو ما لقي ترحيب الدولة الكويتية.
الفاتيكان والبحرين
بدورها أقامت البحرين والفاتيكان علاقات دبلوماسية في يناير 2000، وسبقتها زيارة للملك حمد بن عيسى آل خليفة في نوفمبر 1999، وهو العام الأول من توليه مقاليد الحكم، حيث التقى بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس.
وتطورت العلاقات بين البلدين، حيث عاد العاهل البحريني وزار الفاتيكان مرة أخرى في مايو 2014، بدعوة من البابا فرنسيس، وأرست تلك الزيارة دعائم التفاهم والتقارب والتعاون بين البلدين.
وتُوجت قوة العلاقات بين البلدين، من خلال الزيارة الأخيرة التي أجراها بابا الفاتيكان، فرنسيس، يوم (3 نوفمبر 2022)، وهي الزيارة الأولى من نوعها، وذلك للمشاركة في "ملتقى البحرين لحوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، الذي دامت فعالياته على مدى يومين في العاصمة المنامة.
وتمثل الطائفة الكاثوليكية، الطائفة المسيحية الأكبر من نسبة المسيحيين المقيمين في البحرين، حيث تحتضن المملكة 18 كنيسة رسمية مسجلة تحت مظلتها لمختلف الطوائف المسيحية، وأكثر من 100 كنيسة مصغرة.
الإمارات والفاتيكان
أما في الإمارات فقد بدأت علاقاتها الدبلوماسية مع الفاتيكان في عام 2007، وتطورت حين زارها الشيخ محمد بن زايد حينما كان ولياً لعهد أبوظبي عام 2016، إضافة إلى زيارة البابا فرنسيس للإمارات في عام 2019.
وتؤكد الإمارات أن علاقتها مع الفاتيكان تهدف إلى "تعزيز أواصر الصداقة المشتركة والتعاون الدولي"، حسب بيان أوردته وكالة أنباء الإمارات الرسمية حين تم الإعلان عن إقامة العلاقات الدبلوماسية.
وبدأت العلاقات بين البلدين تأخذ أشكالاً مختلفة، كان أبرزها افتتاح دولة الفاتيكان سفارتها بالإمارات، في فبراير 2022، بمناسبة الذكرى الـ15 لإقامة العلاقات بين البلدين.
وخلال الافتتاح، أكد رئيس الأساقفة تيافة إدجار بارا، وهو نائب الشؤون العامة للدولة ونائب وزير الخارجية، أن افتتاح سفارة الفاتيكان في أبوظبي "دليل على عمق العلاقات بين البلدين".
سلطنة عُمان انضمت هي الأخرى إلى الكويت والبحرين والإمارات، وهي الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان.
وجاء الإعلان عن إقامة علاقات دبلوماسية بين السلطنة والفاتيكان، يوم 3 نوفمبر 2022؛ خلال اتصال هاتفي جمع وزير الخارجية بدر البوسعيدي، والمطران بول ريتشارد غالاغير أمين سر دولة الفاتيكان للعلاقات مع الدول.
وعلى صعيد علاقة قطر مع الفاتيكان، يوجد للدوحة سفير لدى هذه الدولة الصغيرة، حيث تسلم البابا فرنسيس، في مايو الماضي، أوراق اعتماد الشيخ محمد بن يوسف جاسم آل ثاني، سفيراً فوق العادة مفوضاً لدولة قطر (غير مقيم) لدى دولة الفاتيكان.
وخلال تسلم البابا أوراق اعتماد السفير القطري، تم استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، وسبل التنسيق وتعزيز العلاقات في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية بين البلدين.
وحول السعودية والفاتيكان، لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بينهما، لكن توجد اجتماعات على مستوى عالٍ بين مسؤولين من الرياض والكرسي البابوي من أجل تنظيم الحوار بين الأديان.
وفي نوفمبر 2007 زار العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، البابا بنديكتوس السادس عشر، بابا الفاتيكان آنذاك، وهو ما ساهم في تحريك العلاقات بين الدول العربية والكرسي الرسولي.
تغييرات دولية
الكاتب والمحلل الاستراتيجي، سعيد المحروقي، يؤكد أن العالم يشهد تغييرات، وهناك تشكُّل جديد له، والتدافع بين الشرق والغرب مستمر، ولهذا يعتقد أن "التعاون بين دول الخليج والفاتيكان مبنيٌّ على المصالح المشتركة".
ويوضح "المحروقي" في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "دول مجلس التعاون الخليجي يجمعها كيان واحد، وأوروبا بها كيان واحد (الاتحاد الأوروبي)"، مبيناً أن من ضمن الاتفاقيات بين الاتحاد ودول الخليج، "انفتاحها على الكيانات التي تتبع الاتحاد الأوروبي".
ويشير إلى أن "العلاقات الخليجية مع الفاتيكان تأتي ضمن المصالح والتعاون بين مجلس التعاون الخليجي وكيانات التكتل الأوروبي بما يتوافق مع قبول الآخر والانفتاح عليه".
ويبين أن التوجه الحديث لسلطنة عُمان وإقامة علاقات مع الفاتيكان، جاء ضمن تعليمات السلطان هيثم بن طارق، لوزارة الخارجية والسفراء، "بالانفتاح على دول العالم وتبادل المصالح، وتشجيع الاستثمار بأنواعه المختلفة".
الفاتيكان في سطور
تعد الفاتيكان أصغر دولة مستقلة في العالم ومقر القيادة لكنيسة الروم الكاثوليك، وتحيط العاصمة الإيطالية روما بأراضيها من كل الجوانب، ويشكل الكهنة والراهبات من العديد من الجنسيات جميع السكان تقريباً.
وتفيد دائرة المعارف البريطانية بأن مدينة الفاتيكان جيب في العاصمة الإيطالية روما، ولا تزيد مساحتها على 44 كيلومتراً مربعاً فقط، وتقع على الضفة الغربية لنهر التيبر.
وتشكل أسوار مدينة الفاتيكان، التي تعود للقرون الوسطى وعصر النهضة، حدودها باستثناء الحدود الجنوبية الشرقية في ساحة القديس بطرس (ساحة سان بيترو)، وهناك 3 مداخل فقط من بين مداخلها الستة مفتوحة للجمهور.
وتحيط بمدينة الفاتيكان، وفق موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، عديد من المباني، أبرزها كاتدرائية القديس بطرس، وهي موقع للحج للمسيحيين، وشيدت خلال القرن الرابع وأعيد بناؤها خلال القرن السادس عشر.
ويبلغ عدد سكان دولة الفاتيكان أزيد بقليل على 800 شخص، غالبيتهم من الكهنة والراهبات، إضافة إلى عدة مئات من الأشخاص العاديين الذين يعملون في وظائف السكرتارية والوظائف التجارية والخدمية.
ويوجد في الفاتيكان نظام هاتف خاص بها، ومكتب بريد، وحدائق، ومرصد فلكي، ومحطة إذاعية، ونظام مصرفي، إضافة إلى فرقة من الحرس السويسري مسؤولة عن السلامة الشخصية للبابا منذ عام 1506.
وتستورد الفاتيكان جميع الإمدادات الخاصة بها كالطعام والمياه والكهرباء والغاز، وتستمد دخلها من المساهمات الطوعية لأكثر من مليار من الروم الكاثوليك في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن الفائدة على الاستثمارات وبيع الطوابع والعملات المعدنية والمطبوعات.
ويعد قصر الفاتيكان مقر إقامة البابا داخل أسوار المدينة، ويطلق اسم الكرسي الرسولي على حكومة كنيسة الروم الكاثوليك التي يقودها البابا كأسقف روما.
وأُدرجت الفاتيكان على لائحة اليونيسكو باعتبارها أحد مواقع التراث العالمي، وهي الدولة الوحيدة المدرجة بكاملها على اللائحة المذكورة.