سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
لم تمضِ ستة أسابيع على تعيين الجنرال عاصم منير رئيساً لهيئة أركان الجيش الباكستاني، أي قائداً لجيش البلاد القوي والوصي على أسلحتها النووية، حتى سافر إلى الرياض في 5 كانون الثاني/يناير لإجراء محادثات مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان آل سعود. وفي 9 يناير/كانون الثاني، توجّه إلى الإمارات العربية المتحدة لإجراء محادثات مع الرئيس محمد بن زايد وكبار مسؤولي الأمن الوطني في البلاد.
ووفقاً لتقرير موجز لـ "وكالة الأنباء السعودية"، "أكّد" اجتماع الخامس من كانون الثاني/يناير "على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين واستمراريتها، وناقش التعاون العسكري والدفاعي، وسبل دعمه وتعزيزه، بالإضافة إلى مناقشة أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك". ولم يُذكَر الافتراض السائد بأن مشروع "القنبلة الإسلامية" الباكستاني، الذي تموله السعودية منذ مدة طويلة، ترافق مع وعد بتزويد المملكة بالأسلحة النووية ومنظومات الإطلاق الناتجة من المشروع إذا ما احتاجت إليها في أي وقت.
وترسخت هذه النظرية على مر السنين، في ضوء النشاط الدبلوماسي والعسكري بين البلدين. ففي عام 1999، وبعد مرور عام واحد على أول تجربة باكستانية للأسلحة النووية، أرسلت الرياض وزير دفاعها في زيارة إلى محطة تخصيب اليورانيوم في البلاد. كما تبادلت الحكومتان زيارات رفيعة المستوى بعد فترة وجيزة من تغير القيادات، وظاهرياً من أجل تأكيد أو تعديل التفاهمات السابقة بشأن القضايا النووية وغيرها من القضايا. وبما أن إيران، منافسة السعودية، أصبحت قريبة وفقاً لبعض التقارير من صنع قنبلة نووية بدائية على الأقل، تكتسب زيارة الجنرال منير أهمية أكبر.
وشملت الرحلة أيضاً في التاسع من كانون الثاني/يناير عقد اجتماع مع شقيق الأمير خالد، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، القائد الفعلي للمملكة، بحضور مستشار الأمن الوطني السعودي، مساعد بن محمد العيبان. ومع ذلك، تم الإفصاح عن القليل من التفاصيل الأخرى حول الزيارة التي استمرت عدة أيام.
وغالباً ما توصف العلاقة بين السعودية وباكستان على أنها أشبه بالرابط بين "العم الغني وابن الأخ الفقير"، إذ يبدو أن إسلام أباد دائماً ما تنظر إلى الرياض للحصول على الدعم المالي لدعم اقتصادها المترنح. وينطبق هذا الأمر اليوم بشكل خاص مع تفاقم أزمة ميزان المدفوعات التي تلوح في الأفق في البلاد بسبب رفض الحكومة القبول بشروط "صندوق النقد الدولي" لخطة الإنقاذ. أما ورقة المساومة الرئيسية لإسلام أباد مع السعودية فهي التعاون العسكري، الذي تضمن سابقاً نشر لواء من الجيش في الجزء الشمالي الغربي من المملكة بمواجهة إسرائيل، والمساعدة في التصنيع المحلي للصواريخ الصينية المتوسطة المدى، وربما نقل تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم. وفيما يتعلق بالبند الأخير، كان العالم النووي الباكستاني الراحل، عبد القدير خان، يزور المملكة بصورة متكررة.
ولعل الروابط العسكرية الوثيقة بين باكستان والصين تشكل عاملاً آخر يجذب اهتمام الرياض، فالصين تزود إسلام أباد بدبابات قتال رئيسية وطائرات مقاتلة وفرقاطات صواريخ موجهة. وعلى الرغم من أن الأسلحة الصينية أقل شأناً من الناحية التقنية من الأسلحة الأمريكية، إلا أنها تنطوي على القليل من الشروط السياسية التي عادة ما تفرضها واشنطن، إن وجدت. وتعززت علاقة الرياض مع بكين مع الزيارة الرفيعة المستوى التي قام بها الرئيس شي جين بينغ في كانون الأول/ديسمبر.
وقد تكون العلاقات مع الصين قد أثّرت أيضاً على مناقشات الجنرال منير في الإمارات العربية المتحدة، حيث ردد المسؤولون أحياناً تشكيك السعوديين في موثوقية الدعم الأمريكي. فقد غضبت واشنطن في عام 2021 عندما اكتشفت أن الصين كانت تبني سراً منشأة عسكرية في الإمارات. وأشار بيان صادر بعد الاجتماع الإماراتي الباكستاني في 9 كانون الثاني/يناير إلى أن الحاضرين بحثوا في العمل المشترك حول الشؤون الدفاعية والعسكرية.
وعلى نحو أوسع، تُذكّر رحلة منير بأن معظم العلاقات في المنطقة لا تقوم على مبدأ الثنائية. فباكستان تعتبر علاقاتها مع دول الخليج العربية مهمة للغاية ويسرّها التقارب معها، ولكن موقفها تجاه إيران المجاورة لا يزال ودياً أيضاً. ولا تزال الهند، التي تشكل منافساً نووياً لها، مصدر القلق الأكبر في سياستها الخارجية، لذلك فإن إسلام أباد تراقب حتماً عن كثب الودّ المتزايد والعلاقات المتوسعة بين الخليج ونيودلهي.