مايكل كلوجمان / فورين بوليسي - ترجمة الخليج الجديد-
اعتبر تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن التقارب السعودي الإيراني الأخير من شأنه أن يفيد الدبلوماسية الهندية والباكستانية لتعزيز علاقاتهما مع كلا الرياض وطهران، وهي العلاقات التي لم تكن تتم بالأريحية المطلوبة، لاسيما على المستوى التجاري، بسبب التوترات بين المملكة وإيران.
ويقول التحليل، الذي كتبه الصحفي مايكل كلوجمان، وترجمه "الخليج الجديد"، إن الاتفاق السعودي الإيراني من شأنه أن يمنح دول جنوب آسيا مساحة دبلوماسية أكبر لتعزيز علاقاتهما مع السعودية وإيران، وإن كانت المقاربة ستتم بحذر، لعدم رغبة نيودلهي وإسلام أباد في إغضاب واشنطن، التي لا تزال على غير وفاق مع طهران.
باكستان.. اقتراب أكثر نحو السعودية
ويرى الكاتب أنه على الرغم من الخلاف العرضي، تبقى السعودية واحدة من أقرب حلفاء باكستان، فالرياض شريك عسكري قديم ومصدر متكرر للدعم الاقتصادي لإسلام أباد، من أموال الإنقاذ إلى التحويلات، كما أن العديد من القادة العسكريين والمدنيين الباكستانيين لديهم علاقات وثيقة بالمملكة.
على النقيض من ذلك ، كانت باكستان وإيران على خلاف في كثير من الأحيان، حيث اتهم كل منهما الآخر بإيواء المسلحين الذين يستهدفون الآخر ودعموا الأطراف المتصارعة خلال الصراع في أفغانستان.
وقد حاولت الحكومات الباكستانية المتعاقبة وضع نفسها في الطرف المحايد من التنافس السعودي الإيراني، وسعت إسلام أباد سابقًا إلى التوسط في التقارب، ولكن لتجنب استفزاز السعودية، امتنعت باكستان عن الاقتراب أكثر من طهران.
بصرف النظر عن بعض الروابط التجارية بين إسلام أباد وطهران، فإن التعاون محدود نسبيًا.
الهند.. توازن أكثر نجاحا
في غضون ذلك، نفذت الهند تقليديًا عملية توازن أكثر نجاحًا، حيث سعت إلى علاقات تجارية قوية، لا سيما من خلال تجارة الطاقة، مع كل من السعوديين والإيرانيين، كما يقول الكاتب.
لكن منذ عام 2019 ، قلصت نيودلهي بشدة وارداتها من الطاقة من إيران لتجنب انتهاك العقوبات الأمريكية، وعززت التجارة مع السعودية والأعضاء الآخرين في مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك البحرين والكويت وعمان وقطر و الإمارات.
كما عززت الهند العلاقات مع منظمة التعاون الإسلامي، الواقعة بشدة تحت تأثير السعودية وحلفائها في الخليج.
ومثل دعم نيودلهي لـ"اتفاقيات أبراهام" للتطبيع مع إسرائيل، والمشاركة في المبادرات التي انبثقت عنها - مثل المنتدى الرباعي بين الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة - جعلها على خلاف مع طهران.
وتضررت العلاقات بين الهند وإيران بسبب علاقات نيودلهي المتنامية بسرعة مع إسرائيل، فضلاً عن علاقات طهران مع بكين.
والشهر الماضي، ألغى وزير الخارجية الإيراني زيارة للهند بعد أن أظهر شريط فيديو ترويجي لـ "منتدى ريسينا للحوار"، وهي قمة للقيادات الفكرية برعاية الحكومة الهندية، صوراً لمحتجين إيرانيين مناهضين للحكومة.
ويرى التحليل أن التقارب السعودي الإيراني يمكن أيضا أن يحرر الفرص للهند وباكستان للتركيز أكثر على المشاريع الاقتصادية الرئيسية مع إيران.
وتشمل هذه المشروعات تطوير ميناء تشابهار في جنوب شرق إيران، والذي تتصوره الهند كجزء من ممر ربط يمتد في النهاية إلى أفغانستان وآسيا الوسطى (تعهدت نيودلهي بالفعل بالمساعدة في تطويره)، واستكمال خط أنابيب الغاز الإيراني الباكستاني الذي تم تشييده جزئيًا، والذي يمكن أن يعزز أمن الطاقة لباكستان، وهو الأمر الذي تشتد الحاجة إليه الآن.
ويقول الكاتب إن شعورا خاصا بالارتياح يسود لدى باكستان بعد الصفقة بين إيران والسعودية، حيث سيعطي التقارب أريحية لباكستان للتعاون العسكري مع السعودية دون إغضاب الشيعة الذين يمثلون 20% من سكانها، والذين يرتبطون بعلاقات دينية وروحية مع إيران.
الحذر في التحركات
لكن، بحسب التحليل، لا ينبغي المبالغة في فوائد الصفقة الإيرانية السعودية الناجحة للهند وباكستان، حث سيستمر كلا البلدين في توخي الحذر في تعاملاتهما مع إيران - بسبب واشنطن وليس الرياض.
ومن المعروف أن الولايات المتحدة لا تريد أن يتعامل شركاؤها مع طهران بأريحية.
قد يكون للهند شراكة وثيقة مع روسيا، لكن علاقتها بإيران أكثر تواضعًا، وهذا يعني، على عكس موسكو، أن نيودلهي لديها حافز ضئيل للتعامل بشكل أكبر مع خصم أساسي للولايات المتحدة والمجازفة بإغضاب واشنطن.
وبالمثل، فإن باكستان، في خضم أزمة اقتصادية حادة، لن ترغب في إثارة غضب الولايات المتحدة من خلال الانخراط أكثر مع إيران.
فالولايات المتحدة هي أكبر وجهة تصدير لباكستان، ومصدر رئيسي للمساعدة الاقتصادية الثنائية، ودولة ذات نفوذ في صندوق النقد الدولي.