سيد محمد علي/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة الخليج الجديد-
تبدو السعودية والإمارات في وضع جيد لبدء تدابير بناء الثقة بين الجارتين المتنافستين الهند وباكستان؛ مما قد يخدم التحسينات في الأمن الإقليمي، ويمكن إسلام أباد من تركيز جهودها على القضايا الاقتصادية والسياسية الداخلية.
ذلك ما خلصه إليه الدكتور سيد محمد علي، وهو محاضر في كلية كريجر للآداب والعلوم بجامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة، عبر تحليل في "منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد".
علي قال إنه "بفضل موقعها الجيوستراتيجي وروابطها التاريخية، تتمتع باكستان بعلاقة معقدة مع دول الخليج (العربي)، تشمل أبعادا اقتصادية وعسكرية وسياسية".
وتابع: "تقع باكستان ضمن منطقة جيواستراتيجية حيوية، وهي ثاني أكبر دولة إسلامية في العالم، والدولة (الإسلامية) الوحيدة التي تمتلك قدرات نووية".
واستدرك: "مع ذلك، فهي أيضا عالقة في منافسة طويلة الأمد مع الهند المجاورة، تمتد منذ تقسيم شبه القارة الهندية (إلى الهند وباكستان) في عام 1947 من قِبل (المستعمرين) البريطانيين".
"وتعاني باكستان أيضا من صراعات داخلية كبرى هي: اختلال التوازن المدني العسكري، والتوترات العرقية والطائفية، والضغوط الاقتصادية المستمرة، والتهديدات المتزايدة التي يتعرض لها المناخ. وقد تفاقمت كل هذه القضايا بسبب حالة عدم اليقين السياسي المستمرة في البلاد"، كما أردف علي.
وزاد بأنه "في مواجهة هذه التحديات، يحاول شركاء باكستان الدوليون اكتشاف أفضل السبل لتشكيل علاقاتهم الثنائية مع إسلام أباد من أجل تعزيز مصالحهم المتبادلة على أفضل وجه".
علاقات وثيقة
وبينما تحاول باكستان، بحسب علي، "موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة والصين، حافظت أيضا على علاقات وثيقة مع العديد من دول الخليج، خاصة مع السعودية والإمارات".
وتابع: "بالإضافة إلى ارتباطاتها الأيديولوجية الواضحة خاصة مع السعودية، مهد الإسلام ووجهة فريضة الحج التي يؤديها العديد من الباكستانيين كل عام، فإن جمهورية باكستان الإسلامية ذات الأغلبية السُنية لديها أيضا علاقات اقتصادية تربطها بدول الخليج".
وأوضح أن "أكثر من نصف التحويلات المالية الباكستانية تأتي من دول الخليج، إذ يعمل أكثر من 77% من العمال الباكستانيين في الخارج في السعودية والإمارات وحدهما".
و"ساعدت العمالة الباكستانية في بناء قسم كبير من البنية التحتية الجديدة في دول الخليج، ويلعب الباكستانيون أيضا دورا مهما في القطاعين المالي والصحي في السعودية والإمارات. كما أقامت إسلام أباد علاقات أمنية ثنائية قوية مع كل من الرياض وأبوظبي"، وفقا لعلي.
ضرورات جيواقتصادية
علي قال إن "العالم أصبح الآن متعدد الأطراف، وأصبحت الضرورات الجيواقتصادية لها الأسبقية على المواقف الجيواستراتيجية التقليدية التي يهيمن عليها الأمن، فقد أدركت دول الخليج، مثلا، الحاجة إلى التعامل مع إسرائيل؛ ما قد يتيح لها نفوذا أكبر لمعالجة محنة الفلسطينيين".
وزاد بأنه "على نحو مماثل، تستطيع دول الخليج إقناع الهند وباكستان بضرورة إصلاح العلاقات من خلال الانخراط في المزيد من التجارة أو التعاون البيئي الذي تشتد الحاجة إليه".
ورأى أن "مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP28)، الذي سيعقد في الإمارات (بين 30 نوفمبر/ تشرين الثاني و12 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين)، يمثل فرصة مثالية لاستكشاف إمكانية دعم جهود التخفيف من آثار تغير المناخ عبر الحدود بين الهند وباكستان".
و"لن يكون تيسير التعاون البيئي عبر الحدود في شبه القارة الهندية مفيدا في حد ذاته فحسب، بل سيوفر أيضا للدولتين المتنافستين الأساس للبدء في معالجة المشاكل الأطول أمدا مثل نزاع (السيادة على) كشمير"، كما زاد علي.
ومضى قائلا إن "الدبلوماسية السعودية والإماراتية في وضع أفضل بكثير للعب دور وساطة في جنوب آسيا، مقارنة بالصين أو الولايات المتحدة، اللتين غذتا حتى الآن انعدام الأمن الإقليمي".
وأضاف أنه "في حين أن حالة الديمقراطية في باكستان محفوفة بالمخاطر حاليا، فإن التدخل الدبلوماسي السعودي و/أو الإماراتي للمساعدة في تقليل التنافس الهندي الباكستاني يظل ممكنا، حتى لو ظل الجيش الباكستاني لاعبا قويا في سياسة البلاد".
و"إذا أثمرت جهود الوساطة هذه بعض الثمار، فمن الممكن أن تقطع شوطا طويلا في المساعدة على تحقيق التوازن في العلاقات المدنية العسكرية داخل باكستان، فضلا عن تمكين البلاد من تركيز مواردها على معالجة التحديات الاقتصادية وتحديات التنمية البشرية العالقة"، كما ختم علي.