سايمون هندرسون- معهد واشنطن للدراسات-
تشير الزيارات المتعددة رفيعة المستوى لمسؤولين إيرانيين وسعوديين لباكستان إلى يأس اقتصادي ممزوج بالانتهازية الاستراتيجية - وربما النووية.
في 24 نيسان/أبريل، غادر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، باكستان بعد زيارة عمل إلى إسلام آباد ولاهور وكراتشي دامت ثلاثة أيام، وكان مضيفه الرئيسي هو رئيس الوزراء، شهباز شريف، لكنه اجتمع أيضاً برئيس أركان الجيش، الجنرال عاصم منير، الذي يتمتع بسلطة مطلقة في باكستان.
وفي هذا الإطار، عندما سأل صحفيون في 23 نيسان/أبريل نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، عن الزيارة أجاب بحذر قائلاً: "عموماً، ننصح أي شخص يفكر في عقد صفقات تجارية مع إيران أن يحذر من الخطر المحتمل للعقوبات. ولكن في النهاية، حكومة باكستان هي الأدرى فيما يتعلق بسياستها الخارجية". ولم يتم ذكر العلاقة النووية التاريخية بين البلدين، فمواقع تخصيب اليورانيوم في إيران وخبرتها في التسليح تنبع من جهود الانتشار النووي التي بذلها العالم الباكستاني الراحل، عبد القدير خان، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وفي الوقت الحالي، تبدو إسلام أباد حريصة للغاية على إحياء مشروع إمدادات الغاز الطبيعي من إيران الذي تأجل بسبب العقوبات. وتشمل هذه الصفقة بناء خط أنابيب يمتد من حقل "جنوب بارس" الضخم قبالة الساحل الإيراني إلى كراتشي، أكبر مدينة في باكستان. ووفقاً لبعض التقارير، أدت زيارة رئيسي بشكل عام إلى إبرام صفقات ثنائية بقيمة 10 مليارات دولار تُنفَّذ على مدى السنوات العشر المقبلة، في حين أشار بيان مشترك إلى أنه سيتم "التعجيل بإتمام" اتفاقية تجارة حرة أيضاً.
بالإضافة إلى ذلك، كان من المتوقع أن يناقش الزعيمان تبادل إطلاق النار الذي حصل عبر حدودهما المشتركة في كانون الثاني/يناير، ولكن من غير المعروف ما إذا تطرقا إلى جوانب جوهرية بشأن هذه المسألة. وسبق أن اتهمت طهران باكستان بأنها تأوي مسلحي المعارضة الإيرانية.
سياق مختلط مماثل للدبلوماسية السعودية
جاءت الزيارة الإيرانية بعد أيام قليلة من زيارتين سعوديتَين بارزتَين. فقد زار وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إسلام آباد بهدف "تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي" تلاه نائب وزير الدفاع، طلال العتيبي، الذي أمضى يومين في باكستان واجتمع بكبار القادة العسكريين "لوضع اللمسات الأخيرة على المشاريع الثنائية المتعلقة بالدفاع". وقبل ثلاثة أسابيع فقط، حل وزير الدفاع خالد بن سلمان، الشقيق الأصغر لولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ضيف شرف في العرض العسكري السنوي في باكستان الذي تضمن صواريخ ذات قدرة نووية. والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة أعلنت في 19 نيسان/أبريل عن عقوبات تستهدف أربعة موردين لبرنامج الصواريخ الباليستية الباكستاني، ثلاثة منهم في الصين وواحد في بيلاروسيا.
وقد تبعث هذه الزيارات الأخيرة بأصداء تاريخية إلى آذان واضعي السياسات. ففي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي تلقت باكستان دعماً مالياً سعودياً لتطوير أسلحة نووية على افتراض أن الصواريخ الباكستانية ستوفر للمملكة "مظلة نووية"، ويبدو أن هذه التفاهمات السرية تتجدد بعد كل تغيير في القيادة في البلدين. وفي ضوء ذلك، أمضى الجنرال منير في الآونة الأخيرة عدة أيام في المملكة مباشرة بعد استلام رئيس الوزراء شريف زمام السلطة في الشهر الماضي، حيث اجتمع مع محمد بن سلمان وغيره من كبار المسؤولين.
الاقتصاد يطغى على أي محتوى في غزة
بينما قد يميل المرء إلى الاعتقاد بأن هذه الزيارات جاءت على خلفية الأزمة المستمرة في غزة والتصعيد الإيراني الأخير مع إسرائيل، فمن المرجح أنها تقررت قبل أشهر من ذلك مدفوعة في المقام الأول بالوضع الاقتصادي المضطرب في باكستان. ومن المتوقع أن يزور شريف السعودية الأسبوع المقبل للمرة الثانية خلال شهر من أجل "دفع محادثات الاستثمار قدماً"، مع الإشارة إلى أنه قام خلال رحلته الأولى بتأدية فريضة الحج في جدة ومكة قبل أن يجتمع بمحمد بن سلمان لمناقشة حزمة استثمارية مخطط لها بقيمة 5 مليارات دولار. وتفيد وسائل الإعلام الباكستانية أيضاً بأن محمد بن سلمان سيزور باكستان قريباً، ولكن ذلك قد يكون تأويلاً سابقاً لأوانه بشأن قبول الرياض الدعوة رسمياً.
ومن المرجح أن تكون التوترات المستمرة بين إسلام أباد وخصمها النووي، الهند، هي الدافع وراء بعض هذه الدبلوماسية أيضاً. فقد اتُهم رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، خلال حملة إعادة انتخابه، بالترويج لعبارات معادية للمسلمين، الأمر الذي أثار حفيظة جارة الهند المسلمة. علاوة على ذلك، يقوم شقيق شريف، رئيس الوزراء السابق نواز شريف، حالياً بزيارة "خاصة" تستغرق خمسة أيام إلى الصين، الشريك التجاري الرئيسي لباكستان والمنافس الاستراتيجي للهند.
وفي تطور آخر، كان الراحل الدكتور خان أيضاً على علاقات وثيقة مع السعودية وزارها عدة مرات، بالإضافة إلى أنشطته المعروفة في مجال الانتشار النووي مع إيران وليبيا وكوريا الشمالية. وبناءً على ذلك، ستتساءل منطقة الشرق الأوسط بشكل عام عن دور هذه الدبلوماسية في استعداد واشنطن المعلن لتزويد الرياض بتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم في إطار صفقة دبلوماسية أكبر للتطبيع بين إسرائيل والسعودية.