علاقات » دول أخرى

مدينة لوجستية بجيبوتي.. لماذا توسع السعودية نفوذها بأفريقيا؟

في 2024/06/06

سلمى حداد - الخليج أونلاين- 

- ماذا حدث؟ 

الخطوة الجديدة التي اتخذتها السعودية في هذا الإطار هي توقيع تحالف مستثمرين سعوديين بالعاصمة جيبوتي، الثلاثاء 4 يونيو، عقداً لإنشاء أكبر مدينة لوجستية سعودية بالمنطقة الحرة في ميناء العاصمة جيبوتي.

وقال رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن الحويزي، في تصريحات لقناة "العربية": إنه تم "توقيع عقد استئجار أرض لمدة طويلة من سلطات الموانئ الجيبوتية، مساحتها 120 ألف متر، بالمنطقة الحرة في مكان مميز بميناء جيبوتي".

وأضاف الحويزي: "الأرض هدفها إنشاء معرض دائم للصناعات السعودية بهدف تصديرها لأفريقيا، فهي مطلوبة هناك".

وتابع: "تم إيجاد هذا المنفذ البحري، ووجدنا تعاوناً كبيراً من  جيبوتي، وإزالة لكل التحديات التي تواجه القطاع الخاص السعودي".

وأشار إلى أنه تم استلام الأرض في ميناء جيبوتي، وسيتم البدء بإنشاء معرض دائم للصناعات السعودية عليها.

ووفق قناة "العربية" السعودية، فإنه تم توقيع عقد استئجار الأرض خلال زيارة وفد اتحاد الغرف السعودية لجيبوتي والذي يضم أكثر من 100 رجل وسيدة أعمال، وممثلي بعض الجهات والهيئات الحكومية بالمملكة.

كما يمتد عقد استئجار الأرض لمدة 92 عاماً، ويشمل إضافة إلى معرض الصناعات السعودية على منطقة تبادل تجاري، عدداً من المرافق والمستودعات.

وتوفر المدينة اللوجستية وصول المنتجات والصادرات السعودية إلى كل دول القارة الأفريقية على موقع ميناء جيبوتي؛ لكونها بوابة لأفريقيا، ونقطة مهمة للتبادلات الاقتصادية والتجارية على الصعيدين الأفريقي والعالمي.

- دعنا نتعرف على أهميتها.. 

يرى المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، أن هذه المدينة "تعزز الوصول السعودي إلى الأسواق الأفريقية".

ويوضح أبو قمر في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "جيبوتي تعد بوابةً رئيسة للتجارة في أفريقيا، حيث تقع على ممر الشحن البحري المزدحم بين أوروبا وآسيا".

كما يقول: "ستتيح المدينة اللوجستية السعودية للشركات السعودية سهولة الوصول إلى الأسواق الأفريقية الضخمة، التي تضم أكثر من 1.4 مليار نسمة".

وتوقع أن تُسهم المدينة في زيادة الصادرات السعودية إلى أفريقيا بشكل كبير، مما يُعزز النمو الاقتصادي للمملكة.

كما رأى أن المدينة ستشكل منصةً مثالية للشركات السعودية للدخول للأسواق الأفريقية.

ومن المتوقع أن تُسهم المدينة في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية أيضاً، وفق المحلل الاقتصادي.

كما ستعزز المدينة اللوجستية التعاون الاقتصادي بين السعودية وجيبوتي، فالأخيرة شريك تجاري مهم للمملكة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 2 مليار دولار أمريكي في عام 2023.

ويشير المحلل الاقتصادي إلى أن المدينة اللوجستية السعودية ستعمل على تسهيل حركة التجارة والاستثمار بين دول أفريقيا، ما يعزز النمو الاقتصادي بالقارة.

كما توقع أن تُصبح المدينة مركزاً تجارياً ولوجستياً مهماً بأفريقيا في السنوات المقبلة.

 - نفوذ أوسع بالقارة السمراء.. 

يقول المحلل الاقتصادي منير سيف الدين، إن هذه المدينة ستسهل الوصول إلى الأسواق الأفريقية وتقلل تكاليف الشحن، مما يعزز قدرة المنافسة للمنتجات السعودية.

ويضيف سيف الدين في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "ستُسهم المدينة في تنويع الصادرات السعودية، وتُقلل من الاعتماد على أسواق محددة".

كما ستقدم المدينة الجديدة حوافز ضريبية ومزايا استثمارية جاذبة للشركات السعودية الراغبة في الاستثمار بأفريقيا، ما يعني أنها ستوفر بيئة آمنة ومستقرة لاستثمارات المملكة.

وستُشكل منصةً مثالية للتعاون الاقتصادي بين السعودية والدول الأفريقية في مجالات مختلفة مثل التجارة والاستثمار والبنية التحتية والطاقة والسياحة، وفق الخبير الاقتصادي.

ويرى أن الاقتصاد الأفريقي مهم بالنسبة للسعودية، ويتضمن عديداً من الفرص الاقتصادية الثمينة، فهو سوق ضخم وواعد، فاقتصاد القارة ينمو بمعدل سنوي يفوق 3٪، ما يجعلها واحدة من أسرع المناطق نمواً بالعالم.

كما أن الطبقة المتوسطة، وفق سيف الدين، تزداد في أفريقيا، مما يُؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات.

وأشار إلى أن أفريقيا تعد غنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن، مما يجعلها سوقاً مهماً للمنتجات السعودية.

- أتعلم أنها ليست أول خطوة...؟ 

في نوفمبر الماضي، أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن صندوق الاستثمارات العامة للمملكة، يتجه لاستثمار ملياري ريال (533 مليون دولار) في دول القارة.

تصريحات الجدعان وردت آنذاك على هامش مشاركته في أعمال المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي بالعاصمة السعودية الرياض.

وذكر الجدعان أن المملكة تولي ضخ استثمارات بقطاعات حيوية بعدد من الدول الأفريقية أهمية كبيرة، مشيراً إلى أن القارة السمراء تمثل إحدى أولويات صندوق الاستثمارات العامة.

اقتصاد مثالي لا بد من استغلاله.. حسب تصريحات سابقة لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، في ديسمبر الماضي، فإن حجم الاستثمارات السعودية في دول القارة الأفريقية بلغ 274 مليار ريال (73 مليار دولار).

والقارة السمراء تعد ثاني أكبر قارات العالم بعد آسيا، فيصل حجم اقتصادها إلى نحو 3 تريليونات دولار، وتضم 5 من أسرع 10 اقتصادات نمواً في العالم.

وسجل التبادل التجاري بين السعودية وأفريقيا أرقاماً قياسية في العام 2022 عند 44 مليار دولار، منها 34 مليار دولار صادرات و10 مليارات دولار واردات، ويميل الميزان التجاري لصالح المملكة بمقدار 23 مليار دولار.

وبلغت الاستثمارات الأفريقية في السعودية 6.7 مليارات دولار عبر 2660 شركة، أوجدت نحو 70 ألف فرصة عمل، يشغل السعوديون منها نحو 21 ألف وظيفة في قطاعات مختلفة.

واستقطبت المملكة عمالة أفريقية بلغت نسبتها 21% من إجمالي العمالة الأجنبية لديها، بما يعادل 2.5 مليون شخص.

- ليست السعودية وحدها... 

العلاقات السعودية في أفريقيا جزء من سباق عالمي لتعزيز النفوذ الاقتصادي بالقارة، تتصدره دول الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا.

وتنبع دوافع هذا التنافس من امتلاك أفريقيا ثروات طبيعية هائلة من المعادن النادرة والنفط والغاز والمنتجات الزراعية، مما يجعلها أرضاً خصبة للاستثمار.

كما أن أفريقيا تملك موقعاً استراتيجياً مهماً على مفترق طرق التجارة العالمية، مما يجعلها بوابةً مهمةً للوصول إلى الأسواق في أوروبا وآسيا.

ويتجلى التنافس العالمي في تسابق الدول الكبرى على ضخ الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا في أفريقيا.

كما تعمل هذه الدول على تقديم قروض سخية للدول الأفريقية، غالباً بشروط قاسية، مما يُشكل عبئاً على اقتصاداتها.