شؤون خليجية-
تحديد دور باكستان في "التحالف الإسلامي العسكري" يعد محور زيارة وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، إلى إسلام أباد، حيث تشكل كل من باكستان وتركيا العمود الفقري لهذا التحالف الناشئ، إلا أن تصاعد الأزمة بين إيران والسعودية يعطي للزيارة بعدًا آخر، يتعلق ببلورة ظهير عربي إسلامي للرياض، في مواجهة المشروع الإيراني التوسعي، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة دول "5+1"، حيث يمكن أن تشكل باكستان مظلة ردع نووية وعسكرية ضد طهران، وتساعد الرياض على تنويع مصادر التسليح.
يأتي ذلك وسط مخاوف من أن يصطدم مسار التعاون السعودي الباكستاني على صخرة البرلمان الباكستاني، الذي رفض من قبل مشاركة بلاده في عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية في اليمن.
تحديد تفاصيل الدور الباكستاني
استجابة لدعوة الحكومة الباكستانية يزور الأمير محمد بن سلمان، اليوم الأحد، جمهورية باكستان الإسلامية، وتأتي بعيد زيارة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بثلاثة أيام، حيث أكد رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، خلال الزيارة، وقوف بلاده وتضامنها مع السعودية ضد أي تهديد يستهدف وحدتها وسيادتها، واتفق الطرفان على "بذل جهود منسقة لتعزيز التعاون والعمل معاً لمكافحة الإرهاب والتطرف".
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئاسة الوزراء الباكستانية، الخميس الماضي، فإن الجبير أطلع رئيس الحكومة الباكستانية على حيثيات العلاقات المتوترة بين الرياض وطهران، في حين أوضح "أن الأخير دعا إلى حل الخلافات بين البلدين عبر الطرق السلمية"، قائلاً: "في هذا الوقت العصيب يجب أن نتخذ خطوات لصالح وحدة المسلمين".
ينظر السعوديون إلى باكستان على أنها واحدة من 3 قوى إقليمية، إلى جانب إيران وتركيا، قادرة على فرض تأثير حاسم على الشرق الأوسط، وحليف أنسب للرياض، وقالت صحيفة "ذا إكسبرس تربيون": إن ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، سيصل إلى إسلام أباد لمناقشة تعاون ودور باكستان في التحالف الإسلامي العسكري، الذي أعلنت المملكة عن تشكيله الشهر الماضي لمحاربة الإرهاب.
ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي، أن الأمير محمد بن سلمان قادم إلى إسلام أباد لمناقشة التفاصيل الدقيقة بشأن التحالف، ومن المتوقع أن يلتقي بوزير الدفاع الباكستاني وقائد الجيش ورئيس الوزراء.
ووفقًا للمسؤول الباكستاني فإن بلاده ترحب بالمبادرة السعودية، في إطار سياسة إسلام أباد لدعم كل الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب والتطرف، وفيما يتعلق بما إذا كانت باكستان ستشارك بقوات في التحالف، أشار المسؤول الباكستاني إلى أنه يجري الاتفاق حاليًّا بشأن التفاصيل، ومع ذلك فإن دور باكستان سيظل مقيدًا بتقديم التعاون الاستخباري والتدريب على مكافحة الإرهاب وأنشطة أخرى في التحالف.
يعد ذلك مؤشرًا أوليًا على أن باكستان وحتى الآن لن تشارك بقوات برية خارج أراضيها، علمًا بأن سياسة الحكومة الباكستانية تعارض نشر قوات البلاد خارج حدودها، باستثناء تلك القوات المنضوية تحت علم بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ومن ثم فهناك مخاوف بأن ينخفض دعم إسلام إباد بالتحالف الناشئ، بسبب موقف البرلمان السابق من "عاصفة الحزم"، حيث صوت البرلمان الباكستاني بالإجماع في 10 إبريل 2015، لصالح قرار يحث الحكومة على التزام الحياد في النزاع الدائر في اليمن، رافضًا طلب السعودية من اسلام أباد المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده ضد الحوثيين، وحث النواب حكومة رئيس الوزراء نواز شريف، على تكثيف الجهود لإيجاد حل سلمي لإنهاء النزاع.
دور محوري لباكستان
أكد د. ظافر محمد العجمي، في دراسة له بعنوان "التحالف العسكري الإسلامي في زمن الهياكل العسكرية" بمركز الجزيرة للدراسات في 28 ديسمبر 2015، أن الفشل في الحلول السلمية للأزمات في سوريا وليبيا واليمن والعراق، وغيرها أدى إلى الإعلان عن تأسيس التحالف الإسلامي العسكري، حيث تسعى الدول المنضوية تحت لوائه لأن تجعل منه مركزًا للثقل الذي ترتكز عليه القدرة القتالية للقوات المسلحة السعودية؛ مشيرًا إلى أنه رغم أن تركيا تأتي في صدارة القوة العسكرية للتحالف، وتأتي باكستان في المركز الثاني، إلا أن فارق التسليح والتدريب يصب في صالح تركيا.
عوائق بطريق التحالف
بينما يخشى بعض المراقبين الخليجيين- بحسب قول العجمي- أن تبادر بعض دول التحالف بإعلان خروجها منه تباعًا، لنجاح العمل السياسي في مواجهة العمل العسكري، لاسيما باستخدام نوعٍ من الضغوط الروسية أو الإيرانية أو العراقية أو السورية في الأمم المتحدة، بحجة معاناة المدنيين وباب جرائم الحرب. أو بسبب عدم تنظيم الإعلان عن التحالف بشكل تقبله البرلمانات في بعض الدول.
ويؤشر تشكيل التحالف العسكري برأيه على استمرار نهج أخْذ زمام المبادرة بدلًا من الانتظار، ما أدى إلى أن تشرع الرياض في ترقية مكانتها كقوة إقليمية بخطوات استباقية جريئة ومتقدمة في ملفات جديدة؛ حيث لم تعد تقود الخليج أو توجه الجهود السياسية والعسكرية العربية فحسب، بل والعالم الإسلامي أيضًا.
وأكدت الدراسة أن التحالف يستهدف منع وقوع العالم الإسلامي في شباك مشروع الهيمنة الإيراني، بتحالفات تحارب الإرهاب انتقائيًّا بدعمٍ روسي، ولعزل مشروع طهران الطائفي فقد تصدرت الرياض قيادة التحالف الإسلامي، ليحدَّ من غطرسة إيران في المنطقة بمشاريع مفكِّكة للأمة الإسلامية، وبالميليشيات التابعة لها.
وبرغم أن تشكيل التحالف أتى في إطار الشرعية الدولية والقبول العربي والإسلامي والدولي. إلا أن البعض يرى أن الدعوة إلى تشكيل حلف سُنِّي، يجعل الخليج يحارب الإرهاب من تحت مظلة تحالف طائفي، كما رأى البعض أن سرعة المبادرة والإعلان المفاجئ عن التحالف، قد أربكت الدوائر السياسية والعسكرية؛ حيث لا يزال التحالف بحاجة كبيرة إلى تسويقه، وبحاجة أيضًا لمزيدٍ من الوقت ليتحول إلى وحدات مناورة تتعقب الإرهاب.
إذا كان تحالف القوة العربية المشتركة، لم ير النور رغم العوامل المشتركة الكثيرة التي تجمع أطرافه، بسبب اختلافها حول بعض الملفات، فكيف ستتجاوز الدول العربية خلافاتها في تعريف الإرهاب؟ وكيف ستنسجم دول لا يربطها غير الدِّين مع بعضها البعض؟ كما أن نجاح التحالف لا يخدم الدول العظمى وستحاربه بشكل علني أو خفي، مباشرة أو بالوكالة، لأنه سيحد من هيمنتها وتفردها بالقرار الدولي.