سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
في 10 كانون الثاني/يناير، عقد ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان محادثات مع قادة عسكريين وسياسيين في باكستان. وبما أن هذه الزيارة قد جاءت بعد أسبوع واحد فقط من الاعتداء الذي وقع على السفارة السعودية في طهران والأزمة الدبلوماسية اللاحقة، فيُنظَر إليها في أفضل حال بأنها تمثل جهداً يرمي إلى المحافظة على العلاقات الثنائية التي شهدت توتراً بشكل متكرر على خلفية القضايا المرتبطة بإيران في الأشهر الأخيرة. وكانت باكستان قد رفضت في العام الماضي المشاركة في الائتلاف الذي قادته السعودية لمحاربة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلنت إسلام أباد عن تفاجئها عندما تم ذكرها بشكل قاطع كعضو في "تحالف مكافحة الإرهاب" - تحالف جديد بقيادة السعودية.
لقد بدأت محادثات يوم الأحد بإحاطة في مقر الجيش الباكستاني في روالبندي، استضافها رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف. وقد تبع ذلك اجتماع في إسلام أباد مع رئيس الوزراء نواز شريف. (لا تجمع الشريفين أي صلة قرابة). وركز الإعلام السعودي على تعليقات الجنرال شريف بأن أي تهديد لسلامة أراضي المملكة العربية السعودية سيولد رداً شديداً للغاية من جانب باكستان. ووفقاً لتصريح مسؤول باكستاني، رحب رئيس الوزراء الباكستاني بالمبادرة السعودية المناهضة للإرهاب ووافق على أن تعمل الدولتان معاً على سردية مضادة لهزيمة التطرف، مع أنه لم يكن واضحاً إذا كانت إسلام أباد ستنضم بالفعل إلى الائتلاف السعودي الجديد. وأشار الإعلام الباكستاني أيضاً إلى أنه تم عقد اتفاق تعاون عسكري خلال الزيارة، ولكن لم يُكشف عن أي تفاصيل في هذ الصدد.
منذ عام 1999، عندما قام وزير الدفاع السابق الأمير سلطان بجولة مثيرة للجدل في محطة تخصيب اليورانيوم ومنشأة تصنيع الصواريخ في كاهوتا خارج إسلام أباد، أثارت جميع زيارات المسؤولين السعوديين رفيعي المستوى إلى باكستان مخاوف بشأن تعاون محتمل حول الأسلحة النووية. وأثناء تلك الزيارة، أفادت بعض التقارير أن الوفد السعودي قد إطّلع على نموذج للقنبلة الذرية الباكستانية، وولدت طبيعة الزيارة احتجاجاً دبلوماسياً قوياً من قبل واشنطن. ويُعتبر الأمير محمد بن سلمان، وهو النجل المفضل للملك والوريث الشرعي المرجّح على نحو متزايد، بأنه شديد الطموح والشخصية الأكثر نفوذاً في المملكة العربية السعودية، وبالتالي من الصعب التصور أن الزيارة لم يتخللها أيضاً بُعد نووي أو متعلق بالصواريخ.
وتجدر الإشارة إلى تفصيل آخر مهم وهو أن الجنرال شريف قد حل ضيفاً على المملكة العربية السعودية في 29 نيسان/إبريل 2014، عندما عرضت المملكة بشكل علني صواريخها صينية الصنع بعيدة المدى في استعراض واضح للقوة يهدف إلى مجابهة تطوير إيران لصواريخها. هذا وزار رئيس الأركان الباكستاني أيضاً الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لعقد محادثات مع الأمير محمد بن سلمان، وناقش الاثنان على ما يبدو التعاون العسكري خلال مكالمة هاتفية أجريت في كانون الأول/ديسمبر. كما هناك روابط وثيقة تجمع رئيس الوزراء نواز شريف مع المملكة العربية السعودية، حيث أنه قد نُفي إليها لثماني سنوات إثر إطاحته في انقلاب عسكري. وما زالت العلاقات بين الحكومة المدنية والجيش في باكستان متوترة لغاية اليوم.
وتشير الزيارة التي قام بها وزير الدفاع السعودي في نهاية الأسبوع إلى أن الأمير محمد بن سلمان لم يتخل عن محاولة جعل باكستان جزءاً من الجهد السعودي الرامي إلى التصدي للنفوذ الإيراني في اليمن وأماكن أخرى. إلا أن هذا التعاون قد يكون بعيد المنال، بما أن الجيش الباكستاني لم يعتبر إيران عدواً محتملاً له على مر التاريخ.
وبالنسبة إلى واشنطن، قد يشكل النشاط الدبلوماسي بين حليفين نعمة ونقمة على حد سواء. فالمملكة العربية السعودية صديق مهم لباكستان وغالباً ما تكون سخية في دعمها المادي. ولكن ما قد تريده الرياض على وجه التحديد من إسلام أباد هو الصواريخ وأسلحة أخرى لمواجهة إيران. وبالتالي، فإن أي جهد لإعاقة مثل هذا الانتشار للأسلحة قد يؤدي إلى اختلال التوازن السياسي/العسكري الهش في باكستان.