محمد الحمادي- الاتحاد الاماراتية-
«نجاح الهند ينبع من اعتمادها العلمانية في الحياة، ليس علمانية فولتير في أوروبا، التي تعني فصل الدين عن الكنيسة، وإنما علمانية الهند، التي تعني إفساح المجال لكل المعتقدات». هكذا يرى الروائي الهندي م. ج. أكبر قوة الهند، ويعتبر أن هذه القوة تكمن في قدرتها على تحقيق الوحدة والتنوع.
وتعتبر الهند اليوم أكبر ديمقراطية في العالم، من حيث الحجم. وهي الديمقراطية التي صمدت في ظروف داخلية بالغة التعقيد، ومن يرجع لتاريخ الهند، قبل أكثر من نصف قرن، عندما نالت استقلالها في عام 1947، ويدقق في المشهد الاجتماعي والثقافي والسكاني لهذا البلد، لا يمكنه إلا أن يقول، إن من المستحيل تحقيق تنمية على المدى القصير في هذا البلد، فضلاً عن تحقيق ديمقراطية حقيقية، لكن المفاجأة كانت في أول انتخابات في عام 1951، وبداية عام 1952، والتي حققت فيها النجاح اللافت، الذي كان يشبه المعجزة، وخصوصاً أنها انتخابات في بلد نسبة الأمية بين الناخبين فيه تجاوزت 80 في المئة، بالإضافة إلى التعددية الدينية والإثنية والاختلافات اللغوية والدينية التي تتكون منها الهند.
والشعب الهندي فهم واحترم تعدديته، وبالتالي خيب توقعات المراقبين لشأن بلاده، الذين اعتقدوا أن هذه الديمقراطية قد لا يتبقى منها شيء بعد رحيل الزعيم الهندي جواهر لال نهرو، إلا أن الهنود حافظوا على تجربتهم، التي استمرت حتى أصبحت أكبر ديمقراطية في العالم، بعد أن كان بلدهم في الماضي مجموعة ممالك وإقطاعيات متفرقة ومتصارعة، وبفضل هذه الديمقراطية أصبحت الهند تحظى باحترام العالم، وأصبحت قوة اقتصادية وتجارية وصناعية وعسكرية وبشرية ينظر إليها العالم بكل تقدير.
علاقة الإمارات بالهند قديمة قبل قيام دولة الإمارات، فالتجارة وحركة الاستيراد والتصدير بين الإمارات السبع ومدن الهند كانت كبيرة ومستمرة، وحتى العلاقات الاجتماعية والثقافية، وفي عام 1975 تم وضع حجر الأساس للعلاقات الهندية الإماراتية، بعد الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله للهند، وأصبحت العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية راسخة بين البلدين، وبعدها بثلاثة عقود تقدمت علاقة الإمارات بالهند خطوة إلى الأمام، من خلال توقيع اتفاقية حلف استراتيجي بين البلدين، وذلك خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند في عام 2003.
واليوم، ستفتح الإمارات والهند صفحة جديدة في علاقاتهما العريقة، من خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة للهند، على رأس وفد كبير من كبار المسؤولين في القطاعات المختلفة بالدولة، ومن المتوقع أن تكون نتائج هذه الزيارة تاريخية تصب في مصلحة البلدين، وخصوصاً أن ما يجمعهما ليس المصالح الاقتصادية والتجارية فقط، وإنما الرؤية المشتركة للتحديات التي تواجه العالم، والهدف المشترك في العمل من أجل خير البشر ونشر السلام والتسامح في العالم.