الاتحاد الاماراتية-
أكد محمد العريان، رئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس الأميركي باراك أوباما، أن الاقتصاد الإماراتي الأكثر قدرة على تجاوز تداعيات انخفاض أسعار النفط، بين دول مجلس التعاون الخليجي، بدعم من الاحتياطيات المالية الكبيرة، والسياسة المالية والنقدية المرنة وتوفر هامش واسع أمام الحكومة للاقتراض.
وتوقع العريان، في مؤتمر صحفي عقد أمس على هامش فعاليات اليوم الثاني والأخير من ملتقى أسواق المال العالمية الثامن الذي عقد في العاصمة أبوظبي، أن تعود أسعار النفط إلى الارتفاع التدريجي خلال فترة تتراوح بين 12 إلى 18 شهراً، متوقعاً أن تستمر الأسعار في التذبذب خلال الأشهر التسعة المقبلة.
وأوضح العريان أن سوق النفط العالمي بدأ يتكيف مع الوضع الجديد، حيث لأول مرة في التاريخ ترفض منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» التدخل في السوق. وقال: إن انخفاض أسعار النفط يؤثر سلباً على إيرادات الدول المصدرة للنفط على المدى القصير، لكنه ذو فوائد على المدى البعيد، إذ أنه سيدفع الدول النفطية للعمل بقوة لتنويع مصادر اقتصاداتها، ومصادر الدخل.
ورداً على سؤال لـ «الاتحاد»، أوضح العريان أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيقوم برفع أسعار الفائدة على الأقل مرتين خلال العام الحالي، مبيناً أن الاقتصاد الأميركي يسجل نمواً قادراً على استيعاب رفع أسعار الفائدة.
وأوضح أن الاقتصاد العالمي يقف اليوم على مفترق طرق، وهو أمام خيارين، فإما أن تقوم الحكومات وصناع القرار بتوجيه الاستثمار للقطاعات التي تخلق قيمة مضافة جديدة مثل قطاعات الاقتصاد الأساسية في الصناعة والزراعة والخدمات والتعليم والصحة وغيرها، وأن تقلص استثماراتها في القطاع المالي الذي أثبت أنه عالي المخاطر ولا يخلق قيماً جديدة أو فرص جديدة للتوظيف، وبالتالي تساعد الاقتصاد العالمي على تسريع معدل النمو خلال السنوات القليلة المقبلة، وأضاف: «أما الخيار الثاني فهو أن يدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة من الركود والانكماش، وتتعمق أزمة الاقتصاد العالمي بشكل كبير خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وفي مشاركة له خلال جلسة نقاش في الملتقى، تطرق العريان إلى عدة قضايا، منها أزمة اليونان في الاتحاد الأوروبي، والاقتصادات الكبرى في آسيا، وإمكانية تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية.
وقال العريان: «كانت أزمة اليونان جزءاً من اتجاه أكبر، وهو ظهور الحركات المناهضة للمؤسسة في الدول الغربية، رداً على فشل الحركات التي أنشئت وفقدت ثقة الناس». مستشهداً باليونان كمثال للدولة التي تحدت المؤسسة لتعود مرة أخرى إليها.
وأشار إلى أن العالم أصبح بيئة تتسم بالشكوك، واصفاً الوضع بـ«غير الطبيعي»، حيث إن نحو 30% من الدين الحكومي العالمي كان يتداول على أسعار الفائدة السلبية، مبيناً أن النظام الاقتصادي لم يتم تصميمه ليتعامل مع الوضع الجديد.
وأرجع السبب وراء تباطؤ النمو في الصين إلى اقتصاد عالمي يعاني ضعفاً في التعاون والترابط، ويعتمد بشكل كبير على الصادرات، علاوةً على أخطاء في السياسة الاقتصادية أوجدت فقاعة في سوق الأسهم. كما أشار إلى أنه لدى الهند ميزة مهمة تتمثل في كونها اقتصاداً معزولاً نسبياً، ويمكن أن ينجو من الرياح العكسية في الصين. ووصف الهند بأنها«الفيل الذي يتحول ببطء إلى نمر».
التكنولوجيا تغير الحياة
من جهته، قال أليكس ثيرسبي، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك أبوظبي الوطني، إن التكنولوجيا تلعب دوراً مهماً في تحول أنماط حياتنا، مشيراً إلى تنامي الأنشطة التجارية وحركة التنقل على المستوى العالمي، علاوةً على انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة.
وقال ثيرسبي: إنه على الرغم من كل هذه التطورات، فإن العالم يعاني من تباطؤ ملحوظ في النمو الاقتصادي، وانخفاض الأرباح المحتملة للشركات متعددة الجنسيات، إضافة إلى وجود عدد كبير من القيود المفروضة على تكوين الثروات على نطاق واسع.
وحث ثيرسبي صناع القرار والقطاع المالي إجمالاً على توفير مزيد من الدعم والمساندة لرواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، مؤكداً أن على الحكومات تعزيز جهودها لوضع سياسات ذكية وأنظمة مبتكرة تسهم في إزالة الحواجز التي تحول دون تطوير الأعمال.
وأضاف:«إن أعظم فرصة يمكن أن نجدها اليوم في «مراكز جديدة للقوة، المدن الشابة»، وفي الاقتصادات التي تمتاز بنموها المستمر في الدول الغربية والشرقية، مع الاستفادة من وجود ملياري شاب يعيشون في 48 دولة تصنف اقتصاداتها ضمن فئة الأقل نمواً في العالم».
وتابع قائلاً: إنه من المتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة أن يصل النمو في الأسواق الناشئة لأكثر من ضعف مثيله في العالم المتقدم، إذ أن هذه الأسواق أصبحت أكثر ترابطاً وتعاوناً بفضل ما تشهده من انتعاش تجاري وقيام تكتلات اقتصادية جديدة.
وقال: «سوف يقاس نجاحنا بمدى قدرتنا على توسيع الأسواق وربطها ببعضها بعضاً، إضافةً إلى مكافأة أولئك الذين يخاطرون، وتحفيز الاستثمار طويل الأجل، والأكثر أهمية التركيز على تفعيل اللامركزية في التنمية الاقتصادية للعمل على تحسين مستويات المعيشة للجميع».