عكاظ السعودية-
غريب.. أن يلجأ المسؤول إلى تجاوز مواجهة الحقيقة بتصريحات مستفزة في وسائل الإعلام، في محاولة للالتفاف على إخفاقات ربما يكون هو مسؤولا عنها مع آخرين في الموقع الذي يشغله. لا شك أن تهرب عدد من مسؤولي وزارة المياه والكهرباء وفي مقدمتهم الوزير من مواجهة الانتقادات المدعومة بإثباتات تشير إلى ارتفاع غير مبرر في فواتير المياه، دون سابق إنذار، تأكيد على عدم الرغبة في إيجاد الحلول المناسبة ومحاسبة كل من تسببوا في الأخطاء، التي يدفع المستهلك ثمنها، لأن ما هو متعارف عليه أن «الاعتراف بالمشكلة هو الطريق الأمثل لعلاجها»، وهو ما لم ينتهجه المسؤولون في هذه الوزارة، من خلال ظهورهم عبر وسائل الإعلام للدفاع عن وجهات نظرهم بطرق غير مقنعة.
جاءت فواتير المياه لتفتح ملف كثير من تناقضات الوزارة التي يقودها المهندس عبدالله الحصين، الذي ذهب إلى أن صنابير المياه هي سبب الهدر، داعيا المواطنين إلى إصلاح التمديدات المنزلية لتوفير المياه لضمان عدم ارتفاع الاستهلاك وهي دعوة يشكر عليها، لكن الوزير نسي أن تمديدات شبكات مياه وزارته داخل المدن تجاوزت عمرها الافتراضي، الأمر الذي تسبب في انفجار بعضها مكلفة بذلك خزينة الدولة الملايين، وهدر كميات كبيرة من المياه تكفي الملايين، وكان آخر هذه المشاهد الحية في مدينة الرياض.
يتساءل البعض: إذا كانت الصنابير مدعاة وحجة للوزير الحصين لرفع قيمة الفواتير، فمن سيتكفل بدفع قيمة المياه المهدرة بسبب انفجارات المياه في المدن والمحافظات، والتي جاءت نتيجة إهمال وسوء تخطيط؟!.
البعض يتمنى لو أن الوزير أصلح حال وزارته ودعا المسؤولين فيها إلى معالجة أوجه التقصير، قبل أن يلقي اللوم على مواطن بسيط قد لا يجد ما يصلح به صنبور مياه لا يهدر إلا القليل، لا تسوغ للوزير أن يستفز كل من يتعاملون مع وزارته التي ما زالت وطوال سنوات مضت تكتفي بمراقبة تمديدات انتهى عمرها الافتراضي دون أية معالجات جذرية، بانتظار انفجارات تهدر ملايين الأمتار المكعبة وما زالت مشاهد التمديدات منتهية الصلاحية موثقة في وسائل التواصل الاجتماعي ولا أحد يدري من يدفع قيمة فواتيرها، ومن يتحمل مسؤوليتها ما ينتج عنها من أضرار؟.
ويضاف إلى مأساة تمديدات الشبكات المنتهية الصلاحية التي مضى على بعضها أكثر من 35 عاما مشاريع مياه يجري تنفيذها وتعاني من أخطاء فنية حرمت المواطنين من الاستفادة المثلى منها، بعد أن جاءت مخرجاتها مخيبة للآمال والتمنيات، خاصة إذا ما علمنا أن عدادات مياه تم تركيبها لآلاف المنازل ما زالت محرومة من نعمة المياه، التي يعد بها الوزير الحصين المواطنين في كل مناسبة، وقد مل المستهلكون الانتظار مستعينين بفزعة أصحاب الناقلات لأنهم يرون أنهم أرحم من وزارة لم تف بوعودها.
وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين، جاء اعترافه صريحا بوقوع وزارته في كثير من الأخطاء، لكنه لا يعلم أن اتهام المستهلكين غير مبرر، ومن الواجب عليه أن يلتفت إلى وزارته وأن يدعو المسؤولين في وزارته إلى تحمل المسؤوليات، وأن يبادروا وهو معهم إلى سداد فواتير المياه التي أهدرتها أخطاء هو أول من يتحمل مسؤوليتها.