اقتصاد » مياه وطاقة

بنزين «السوبر» ليس للفقراء

في 2016/04/23

هاني الفردان- الوسط البحرينية-

وافقت مجلس الوزراء في جلسته الاثنين (18 أبريل/ نيسان 2016) على استحداث نوع جديد من وقود الجازولين بنسبة (98 أوكتين) ويعرف باسم البنزين «السوبر» ليُطرح أمام المستهلكين كخيار ثالث إلى جانب البنزين الممتاز والجيد.

البنزين «السوبر» الجديد، سيكون بنوعية أفضل من النوعيات السابقة، وسيكون بسعر أعلى من أسعار البنزين (الجيد والممتاز) بعد رفع أسعارهما أخيراً.

وسيباع البنزين «السوبر» بسعر غير ثابت يتغير بصورة دورية وفق معادلة سعرية تأخذ بعين الاعتبار الأسعار العالمية لبرميل النفط، مع إضافة الكلفة التشغيلية والنقل وغيرها تحدده لجنة من وزارة الطاقة وشركة نفط البحرين (بابكو)، علماً بأنّ سعر البنزين السوبر لا يرتبط بأسعار وقود البنزين الممتاز أو الجيد التي ستبقى على حالها عند مستوى 160 فلساً للتر الواحد للبنزين الممتاز، و125 فلساً للتر الواحد للبنزين الجيد من دون تغيير.

وزير الطاقة رئيس الهيئة الوطنية للنفط والغاز عبدالحسين ميرزا تحدث عن طرح الحكومة بنزين «السوبر» (فئة 98 أوكتين) كخيار ثالث إضافة إلى المتوفر حالياً في السوق المحلي قبل نهاية الشهر الجاري، لافتاً إلى أن السعر المبدئي للطرح الأول سيبلغ 195 فلساً للتر الواحد.

أهم ما في ذلك هو أن ذلك البنزين الجديد ليس للفقراء، بل هو لأصحاب السيارات الفارهة والفخمة، وكذلك للسيارات ذات الأداء العالي.

الغريب أن الحكومة تزامنت عند طرحها نوع وقود جديداً «سوبر» أغلى من النوعين المطروحين حالياً، إعلانها أيضاً عن أن استهلاك البنزين من نوع «ممتاز» تراجع من 65 في المئة إلى 45 في المئة، وذلك بعد رفع سعر البنزين في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، فيما المقابل أن استهلاك البنزين من نوع «جيّد» تزايد من 35 في المئة قبل قرار رفع الأسعار، إلى 55 في المئة، وذلك بسبب انخفاض سعر «الجيد» مقابل «الممتاز»، حيث إن الفارق بينهما 35 فلساً، وهو ما أدى لعزوف الكثيرين عن استخدام البنزين الممتاز، فما بال الحكومة وهي تطرح نوعاً جديداً «سوبر» أغلى من الجيد بـ70 فلساً!

الأهم من كل ذلك هو ما يتم تأكيده في مجلس النواب (جلسة الثلثاء 12 يناير 2016) من أن «المبيعات النفطية المكررة لا تدخل في الموازنة»، فيما تحدى النائب محمد العمادي - من جمعية المنبر الإسلامي - «أي خبير مالي أو مستشار في المجلس يقول إن تلك المبيعات تدخل في الموازنة»، وهو ما سيطرح سؤالاً منطقيّاً، وهو: كيف ستساعد خطوة رفع أسعار البنزين واستحداث نوع ثالث منه في خفض عجز الموازنة، وهي أصلاً لا يتم إدراجها فيها!

وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، سجلت البحرين أعلى نسبة إنفاق على دعم الطاقة بلغت 12.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خليجيّاً.

في العام 2013 أخبرت بعثة صندوق النقد الدولي لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس الشورى أن البحرين تعاني من مجموعة من الاختلالات المالية والاقتصادية وبحاجة ماسة إلى إجراء حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية في ظل ما تعانيه من ارتفاع في المصروفات المتكررة بشكل كبير، وعدم القدرة على تمويل هذه المصروفات، واعتماد الإيرادات الحكومية بشكل كبير على الإيرادات النفطية، وعدم تنوع مصادر الدخل، وانخفاض في إنتاجية القطاع العام وترهل في الهيكل.

من بين أهم الاختلالات في الاقتصاد البحريني كان انخفاض التصنيف الائتماني في الأسواق العالمية إلى مستويات مقلقة، وأن أي انخفاض عن هذا المستوى قد يؤدي إلى انتقال وهروب الاستثمارات إلى الدول المجاورة.

صندوق النقد الدولي كان يؤكد أن استمرار الوضع على ما هو عليه بالنسبة إلى عجز الموازنة وارتفاع الدين العام قد يؤدي إلى فقدان الدينار البحريني قوته الشرائية.

مع ارتفاع الأسعار المستمر في مختلف السلع، ومع إعادة النظر في سياسة الدعم الحكومي للسلع الرئيسية التي يستفيذ منها المواطن، بدا واضحاً تراجع مؤشر القوى الشرائية للمواطن الذي بات أكثر حذراً، بعد ان تم رفع الدعم عن اللحوم، والتي شهدت عزوفاً واضحاً من قبل المواطنين والمقيمين عن شرائها، مما جعل شركة البحرين للمواشي تعلن عن غلق مسلخها، وكذلك تراجع المواطنين والمقيمين عن استخدام الوقود «الممتاز» وجنوحهم نحو «الجيد» كونه الأرخص والبديل المتوفر حالياً.

من الواضح أن البنزين الجديد «السوبر»، لن يطرح من أجل الفقراء أو المواطنين محدودي الدخل، الذين كانوا يترقبون حلولاً عملية تناسبهم وطرح أنواع جديدة من البنزين تناسب مداخيلهم وتراعي قدراتهم، بل طرح من أجل الطبقات المترفة.