مركز الدراسات الاستراتيجية- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
نشر مركز الدراسات الاستراتيجية تحليلا تناول خلاله قراءة في أهم الحقائق المتعلقة بإضراب عمال النفط الأخير في الكويت وتداعياته المحتملة على سوق النفط من ناحية، وعلى مسار الإصلاح الاقتصادي في البلاد من ناحية أخرى.
حقائق
(1) في 20 أبريل/نيسان، أنهى عمال النفط في الكويت إضرابا وجيزا تسبب في خفض إنتاج البلاد من النفط الخام بمعدل أكثر من النصف من 2.7 مليون برميل يوميا إلى 1.1 مليون برميل يوميا، كما خفض إنتاجية المصفاة من 930 ألف برميل يوميا إلى 520 ألف برميل. أثناء الإضراب، قفزت العقود الآجلة لخام برنت تسليم يونيو/حزيران بمعدل 1.12 دولارا وصولا إلى أكثر من 44 دولارا للبرميل وهو ارتفاع صغير نسبيا بالنظر إلى حجم الاضطراب.
(2) بعد انتهاء الإضراب أعلنت الحكومة الكويتية أنها ستتخذ إجراءات قانونية ضد المشاركين لأن القانون الكويتي لا يسمح بالإضرابات كوسيلة لتسوية الخلافات العمالية أو كشكل من أشكال التعبير المحمية.
(3) تمت الدعوة إلى الإضراب من قبل عمال النفط والصناعات الكيماوية احتجاجا على التخفيضات في الميزانية التي من شأنها خفض الرواتب والميزات الممنوحة لعمال القطاع العام، بما في ذلك 20 ألفا من العاملين في قطاع النفط. وتشمل هذه التخفيضات خفض الزيادة السنوية التي يتلقاها العاملون في شركة النفط الكويتية.
(4) يعد خفض الرواتب خطوة ضمن مجموعة إجراءات معقدة للغاية من الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة الكويتية من أجل التكيف مع البيئة السعرية المنخفضة للنفط. وتشمل الإصلاحات أيضا تخفيض دعم الوقود للجميع ودعم المياه والكهرباء للأجانب فضلا عن فرض ضريبة القيمة المضافة.
(5) قدرت ميزانية الكويت لعام 2016-2017 ، التي تبدأ رسميا في أبريل/نيسان، العجز المتوقع في الموازنة بقيمة 40.2 مليار دولار في ظل انخفاض متوقع بقيمة 44% في عائدات النفط (تم تقدير سعر النفط في لموازنة عند مستوى منخفض للغاية وهو 25 دولارا للبرميل).
(6) تعثرت العديد من الجهود السابقة للإصلاح الاقتصادي في البلاد ما في ذلك محاولة فاشلة لإصلاح دعم الوقود مطلع عام 2015 والتي واجهت معارضة شعبية وبرلمانية كبيرة. ونظرا لحجم المقاومة الكبير لإصلاحات الدعم، فقد كانت الكويت هي آخر دول مجلس التعاون الخليجي التي تشرع في تطبيقها.
تحليل
تسبب إضراب عمال البترول في الكويت في سحب كمية كبيرة من السوق، أكثر من 1.5 مليون برميل يوميا، ولكنه لم يتسبب سوى في قفزة صغيرة جدا في أسعار النفط العالمية في أعقاب فشل الاتفاق على تجميد الإنتاج خلال اجتماع الدوحة. ونظرا لزيادة المعروض في السوق العالمية، ووفرة مخزونات النفط والمنافسة القائمة على الحصة السوقية بين المنتجين الرئيسيين، فإن التجار قد راهنوا على أن التأثير سوف يكون قصير الأمد وأن تعطيل الإنتاج الكويتي لن يكون له تأثير كبير على الأسواق. وفي حين أن ذلك يشير إلى أن الاضطرابات العمالية في الكويت من غير المرجح أن يكون لها تأثير عالمي كبير على المدى القصير، فإن الآثار المترتبة على مسار إضراب الكويت سوف تكون حاسمة على المدى الطويل: لقد أشار الإضراب بشكل واضح أن الجهود التي تتبعها الحكومة للإصلاح الاقتصادي لن تقابل برضى شعبي كبير.
رغم أن هذا سيجعل مهمة الحكومة في ترشيد الإنفاق في مواجهة انخفاض أسعار النفط أكثر صعوبة فإن جزءا كبيرا من العملية يدور حول تحديد أي من شرائح المجتمع الكويتي يجب عليها أن تقدم تضحيات أكبر مع تراجع عائدات النفط في البلاد. هذه المفاوضات اللازمة لا بد أن تجري خاصة في بلد يتمتع بقدر ما من الديمقراطية مثل الكويت، حيث تتمتع المناقشات حول توزيع الريع النفطي بأهمية مركزية في الحياة السياسية.
وأشارت هذه الإضرابات إلى أن العديد من العاملين في القطاع النفطي الكويتي على استعداد لاستخدام دورهم الحيوي في الاقتصاد من أجل الدفاع عن حصتهم من الثروة النفطية في البلاد. كما أن التهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد المضربين يدل على عزم الحكومة على عدم التفاوض على توزيع الثروة تحت سيف الإكراه. ولم يتضح بعد ما إذا كان الاتحاد الكويتي النفط سوف يستأنف الإضراب في حال لم تتم تلبية مطالبه أو ما إذا كانت الحكومة جادة فعلا في ملاحقة المشاركين. ولكن الواقع أنه في الكويت، كما في سائر الدول التي تعاني بسبب انخفاض أسعار النفط، فإن البلاد سوف تكون مجبرة على مناقشة الخيارات الصعبة حول توزيع الموارد. ولكن بالمقارنة مع تقلبات السوق الصغيرة نسبيا الناجمة عن التكتيكات المستخدمة في هذه المناقشات، فإن نتائجها قد تكون لها تداعيات خطيرة على المسارات الاقتصادية والمالية لمنتجي النفط المهمين مثل الكويت.