اقتصاد » مياه وطاقة

«أوراسيا ريفيو»: كيف تهدد عودة إيران هيمنة السعودية على أوبك؟

في 2016/06/15

مع إعلان رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية أن إنتاج الشركة بلغ مستوياته التي كان عليها قبل فرض العقوبات على طهران، ببلوغه 2.9 مليون برميل يومياً يجري تصدير 1.6 مليون برميل منها، عاد الحديث حول مزاحمة طهران لدور الرياض في قيادة منظمة أوبك، وإمكانية أن تلعب إيران دورا جديدا قد يغير وجه المنظمة.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء الاقتصادية، عن وكالة الطاقة الدولية في 12 مايو/أيار الماضي إن إيران ضخت حوالي 3.56 مليون برميل يوميا، خلال الشهر الماضي، وهي نسبة تكافئ الإنتاج خلال نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2011، أي قبل فرض العقوبات الاقتصادية الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي.

وقد ظلت المملكة العربية السعودية أكبر بلد منتج للنفط، تنتج أكثر من 10 مليون برميل يوميا، أي حوالي إجمالي كمية ما ينتجه العراق وإيران والكويت، لتتزعم بذلك منظمة أوبك.

لكن تقارير نفطية تتحدث عن تناقص إنتاج السعودية بفعل شيخوخة آبارها، وأن الزيادة في الإنتاج الإيراني يمكن أن يقفز بإيران للمنافسة بشكل مباشر مع السعودية، وتجاوز العراق وقد يمتد الأمر إلى منافسة حصة السعودية في السوق النفطي.

ويقول التقرير الذي نشره موقع التحليلات «أوراسيا ريفيو»، أن هذا الصراع يمكن أن يدفع باتجاه المزيد من افتتاح أسواق النفط والغاز في المملكة وإيران، والعراق ومزيد من التنافسية والانقسام في صناعة النفط.

ويؤكد أنه مثلما فقدت أوبك السيطرة على إنتاج النفط العالمي بسبب زيادة الإنتاج وظهور أنواع حديثة من الوقود بفعل التكنولوجيا والابتكار في الولايات المتحدة منذ عام 2011، قد تفقد السعودية أيضا سيطرتها على أوبك، مع تزايد اعتماد صناعة النفط والغاز الإيرانية على التكنولوجيا والابتكار، ومن ثم زيادة الإنتاج.

وقد ظلت سياسة إنتاج النفط المحلي في المملكة العربية السعودية تؤثر بشكل واضح وتنعكس على القرارات التي تخرج من اجتماعات أوبك، وأصبحت السياسة النفطية الحالية لأوبك تدور حول الحفاظ على حصة دولها في السوق، ما يعني أن أي تطور بفعل عودة منافسة النفط الإيراني، قد يتسبب في تغيير جذري في السلطة والقيادة داخل أوبك.

إيران تعاود الظهور

منعت العقوبات إيران من الوصول بإنتاجها النفطي لأسواق الولايات المتحدة وأوروبا، وخفض الصادرات إلى الصين، والهند، واليابان، ورغم رفعها في 2015/2016، فإنها لا تزال تحاول زيادة إنتاجها النفطي تدريجيا، أمام أكبر المنافسين داخل أوبك، وهما السعودية والعراق.

وزادت كل من السعودية والعراق إنتاجهما عام 2010 بنسبة 15% و90% على التوالي، بينما فقدت إيران 17% من إنتاجها بفعل العقوبات الدولية، ما يعني أن إيران خسرت حصتها لأقرب المنافسين لها داخل أوبك.

ومع خوضها لمعركة زيادة حصتها في السوق، تكافح إيران كبداية لاستعادة حصتها السابقة في السوق، وصادرتها إلى أربعة أسواق رئيسية تشكل 36% من الطلب العالمي على النفط هي: الاتحاد الأوروبي، والصين، واليابان، والهند.

وتمكن العراق عام 2011 من إنتاج ما يقرب من ضعف حصته في السوق وصدرها إلى الاتحاد الأوروبي، والصين، والهند. وبين عامي 2011 إلى عام 2014، رفع العراق حصته إلى الاتحاد الأوروبي من 3% إلى 7.5% كما رفع حصته إلي الصين من 4.7% إلى 9.7%.

هل إيران مستعدة للمنافسة؟

منذ رفع العقوبات سعت إيران لاتخاذ قرارات استثمارية في مجالي النفط والغاز يمكنها ليس فقط تغيير مكانتها في السوق العالمية، ولكنها أيضا تجعلها تشكل تهديدا لقيادة السعودية لمنظمة أوبك.

هذه القرارات الاستثمارية الهامة في مجال صناعة النفط والغاز ركزت على التحول لاحتضان وجذب الاستثمارات الأجنبية عبر عقود ومشروعات مشتركة بدلا من نظام «إعادة الشراء»، أي إعطاء الشركات الأجنبية حق التنقيب والحفر واستخراج النفط ثم شراء حصتها منها.

وقام قطاع النفط الإيراني بتقديم عقود للبترول في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تحول كبير بعيدا عن نموذجها القديم الذي ظلت تتبعه طوال الـ 20 عاما الماضية، عبر مشاريع مشتركة، بحيث تملك شركة النفط الوطنية الإيرانية على الأقل 51% من أي مشروع مشترك.

الانقسام داخل أوبك

هذا التحول من نموذج «إعادة الشراء» إلى «عقد تقاسم الإنتاج»، سوف يضع إيران في موقف فريد من نوعه داخل أوبك، ففي ظل امتلاكها احتياطي كبير من النفط في أوبك، فإنها ستكون الدولة الوحيدة بين أكبر ثلاثة منتجين في أوبك التي تفتح أسواقها بشكل كبير أمام الاستثمارات الأجنبية.

وهذا على خلاف السعودية التي لا تزال شركتها الوطنية (أرامكو) هي المالك الوحيد لحقول النفط المنتجة، والعراق الذي فتح المجال لشركات النفط العالمية ولكن في شكل محدود جدا من خلال عقود الخدمة التي جعلت شركات النفط العالمية تحجم عن الاستثمار في العراق ما لم يتم تغيير هذه العقود.

أما إيران فيبدو أن تحرص على امتلاك زمام المبادرة عبر تقاسم الإنتاج، ما قد يعتبر عامل جذب ناجح للاستثمارات الأجنبية بشركات النفط العالمية، كما أن اعتماد إيران على التكنولوجيا العالمية والابتكار في مجال صناعة النفط والغاز سوف يضعها في منافسة مباشرة مع أرامكو السعودية، ما قد يجعل أوبك تشهد تحولا دراماتيكيا في قيادتها.

«أوراسيا ريفيو»-