ملخص
تاريخيا، عمل تجمع دول أوبك لأجل الحفاظ على أسعار النفط ضمن النطاقات المرجوة. ولكن في السنوات الأخيرة، فإن هناك قوتين قد عملتا معا على تعطيل عمل منظمة أوبك.
من أجل تنويع اقتصادها، فإن المملكة العربية السعودية على الأرجح بحاجة إلى توليد أكبر قدر ممكن من العائدات النفطية في الوقت الراهن من أجل توجيه هذه الأموال في تطوير صناعات جديدة. وفي الوقت ذاته، فإن التكنولوجيا قد عملت على خفض تكلفة إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة إلى النقطة التي صار عندها منافسا لنفط منظمة أوبك حتى عند مستويات الأسعار المنخفضة.
وفي الوقت الذي فشلت فيه أوبك في المحافظة على سياسات محاذاة الإنتاج، فإن الولايات المتحدة تستعد للقيام بدور أكبر في عملية إدارة إمدادات الطاقة العالمية.
تحليل
بعد قرابة خمسة عقود من التأثير على أسعار النفط العالمية، فقدت منظمة الدولة المصدرة للبترول، أوبك، قدرتها على العمل بطريقة منسقة. هذا يمهد الطريق للولايات المتحدة لتلعب دور المنتج المرجح الذي إمكانه أن يزيد أو يخفض من التدفقات النفطية استجابة لتغير الطلب العالمي.
دعونا نلق نظرة لنرى كيف وصل الحال إلى هنا وكيف يمكن أن تسير الأمور في المستقبل.
تشكلت منظمة أوبك في عام 1960 من أجل تنسيق السياسات النفطية بين أعضائها. اليوم تحوي المنظمة 14 عضوا هم الجزائر وأنغولا والإكوادور، الجابون، إندونيسيا، إيران، العراق، الكويت، ليبيا، نيجيريا، قطر، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وفنزويلا.
تاريخيا، عملت دول أوبك مها بهدف الحفاظ على الأسعار ضمن النطاقات المرجوة، مرتفعة بما يكفي لتوليد الأرباح وفي ذات الوقت منخفضة بما يكفي لمنع دخول المنتجين مرتفعي التكلفة في الولايات المتحدة وكندا إلى السوق. ببساطة، كانت أوبك تقوم بتحديد الأسعار بينما يقوم الجميع بالالتزام بها. ولكن في السنوات الأخيرة، عملت قوتان معا لأجل تعطيل عمل هذه الطريقة:
رغبة المملكة العربية السعودية في الحفاظ على تدفقات الإنتاج
المملكة العربية السعودية، المنتج الأكبر في أوبك، وضعت أجندة طويلة الأجل للنمو الاقتصادي. أصدرت المملكة مؤخرا خطة طويلة الأجل لتنويع الاقتصاد بالتركيز على المجالات غير النفطية مثل التعدين والسياحة. في عام 2015، كان النفط يمثل أكثر من 70% من الإيرادات الحكومية ويرغب القادة السعوديون في مضاعفة إيراداتهم غير النفطية إلى 3 أضعاف بحلول عام 2020.
ولكن دفع هذه الصناعات الجديدة سوف يحتاج إلى استثمارات. على الأرجح، سوف تكون المملكة العربية السعودية بحاجة إلى توليد أكبر قدر ممكن من العائدات النفطية وتوجيه هذه الأموال في تنمية هذه الصناعات الجديدة بغض النظر عن تأثير ذلك على سائر دول أوبك. خلال الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014، وديسمبر/ كانون الأول عام 2015، حين انخفضت أسعار النفط بمعدل 50% من قيمتها، فقد زاد إنتاج أوبك بمعدل 1.5 مليون برميل يوميا بفعل التدفقات السعودية. وقد انعكست رغبة السعودية في الحفاظ على تدفقاتها في صورة فشل الأخير لأوبك في الاتفاق على تحديد سقف للإنتاج خلال اجتماع يونيو/حزيران في فيينا.
الصخر الزيتي يصبح أكثر تنافسية
وقد أدت التكنولوجيا إلى خفض تكلفة الصخر الزيتي إلى الدرجة التي أصبح عندها منافسا للنفط الذي تنتجه أوبك حتى عند مستويات الأسعار المنخفضة. يظهر الرسم البياني مقارنة بين الصخر الزيتي وسائر المصادر الأخرى للنفط.
كما هو واضح، فإن الحقول البرية لأوبك في الشرق الأوسط لديها أدنى تكاليف التعادل التي تتراوح بين 10 دولارات إلى 40 دولارا للبرميل. يظل الصخر الزيتي قادرا على المنافسة في الجزء العلوي من هذا النطاق حيث يتطلب أسعارا تتراوح بين 30 إلى 80 دولارا للبرميل بحسب المشروع. حتى إن مشروعات أوبك خارج الشرق الأوسط تتطلب أسعارا أعلى للتعادل مقارنة بالصخر الأمريكي حيث تحتاج إلى معدلات أسعار تتراوح بين 40 إلى 100 دولار للبرميل.
هناك الكثير من الفرص الواعدة في قطاع الطاقة الأمريكي. تزايدت تصاريح الحفر في جبال روكي خلال الفترة الأولى من عام 2016، في حين تمتع إنتاج أحواض باكن باستقرار كبير خلال عام 2015 أما أحواض العصر البرمي فهي تشهد طفرة كبيرة بالفعل منذ عام 2014.
فيما وراء النفط، فقد أصبحت الولايات المتحدة مصدرا رئيسيا لغازات البروبان والإيثان وهي تستعد لتصبح قوة كبيرة في مجال الغاز الطبيعي المسال (LNG)، مع 14 محطة تصدير تحت الإنشاء إضافة إلى 11 محطة أخرى مقترحة. ومن المتوقع أن تضاعف الولايات المتحدة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى المكسيك إلى ثلاثة أضعاف خلال السنوات العشر المقبلة عبر خطوط أنابيب جديدة.
وحتى مع التعافي النسبي للأسعار في الآونة الأخيرة، لا تزال الولايات المتحدة على الطريق لتصبح المصدر المهيمن للطاقة في العالم. ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى قدرتها الحديثة نسبيا على التنافس في التكلفة مع أوبك.
سيكينج ألفا- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-