يبدو أن ما تسرب من أنباء أشارت «الراي» إلى بعض تفاصيلها، في شأن تفاؤل أوساط نيابية في إمكانية صياغة تفاهم جديد بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مطلع دور الانعقاد المقبل حول قرار رفع الدعم الحكومي المقدم للمواطن عن البنزين يوازي ما تم في شأن الكهرباء والماء، عجّل في تسخين بعض الأطراف من خارج المجلس لاستغلال الفرصة، بعد أن وجدت في «الملف» مساحة مواتية لإثبات عزمها وإعادة تحالفاتها على هذا الاساس، لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب تمهيداً للقفز بأفضلية على قطار السباق الانتخابي لمجلس 2017.
وعلى الرغم من أن صياغة تفاهم حاسم بين السلطتين في ما خص «قرار البنزين» بحيثيات سياسية أكثر منها اقتصادية، بحاجة لمزيد من الوقت نظراً إلى تفاصيله الفنية، من مثل احتساب التكلفة بعد استثناء المواطن وحصر الأعداد المستفيدة والآلية الممكنة، وهي تفاصيل لا تخفى على الاطراف «المتضررة» من إنجازات المجلس والمتطلعة الى عضوية المجلس الجديد، غير أن الاخيرة ترى في ما يحصل فرصة مواتية لتهيئة الأرض لغرس جديد بعد ان حال الغرس السابق على مدى ثلاث سنوات دون حصد أي نتائج مفصلية في المشهد السياسي، بدءاً من مساعي تقليل مقاربة المجلس لمعالجة الملف الإسكاني، ومحاولة إحباط ما حققه في ملف الاستقرار السياسي ودوره في ملف الوحدة الوطنية بعد أحداث مسجد الإمام الصادق وخلية العبدلي، والنقد الدائم للتشريعات الصادرة عنه، وغيرها من الممارسات التي نقلت هذه الاطراف من خانة (المنافسة والتجاذب) الى خانة (الشخصنة والتنافر).
ويرى بعض المراقبين أن المجلس يقف اليوم على مساحة من «التحدي» أمام الهجوم الذي يواجهه على خلفية القرار الحكومي برفع سعر البنزين، الذي عمل على إعادة خلط الاوراق في الساحة نتيجة لطابعه الشعبي وتزامنه مع آخر أدوار الانعقاد، حيث يسعى «منافسوه» الى تعليق قبعاتهم على تداعياته، لتوسيع وتوطيد موقعهم، من خلال إجهاض أي تسويات يشارك فيها المجلس أو حياكتها بمعزل عنه، ليضعوا أي فشل للمجلس في شأن القرار، أو فشل انعقاد دورته الطارئة في سلة جني المحصول.
لكن في نظرة مغايرة لهذه الصورة، يرى مراقبون آخرون ان المجلس سيسعى للوصول وبأي ثمن الى تفاهم يفرضه حول هذا القرار مع بداية الدور المقبل، بعد تحديد مواقع الضعف والقوة فيه، ولن يقبل بالركون الى خانة المتفرج على المشهد، وقد يذهب لاستثمار الدورة الطارئة من أجل تحقيق مكسب يرضي المزاج العام ويضيف الى رصيده ما يعزز موقع مكوناته في الانتخابات المقبلة أو الخروج منها بأقل الخسائر الممكنة.
في موازاة ذلك تطل برأسها عبر نافذة الوقت المتبقي من عمر الفصل التشريعي، جملة من اختبارات الثقة في علاقة السلطتين التنفيذية والتشريعية، يأتي في مقدمتها التوصل لحل مرض للطرفين حول قرار البنزين أو إثبات جدية الاصلاح الاقتصادي والمالي، في حال تعثر الحل، مروراً بإقرار التشريعات المنظمة للسلطة القضائية وانتهاءً بإعادة صياغة التركيبة الحكومية بما يتلاءم مع استحقاقات المشهد السياسي الراهن وهي اختبارات تمتلك الحكومة غالبية مفاتيحها، ولعل أهمها مفتاح معالجة قرار رفع البنزين... فهل تسوي فاتورة مماحكاته المرتفعة؟
الراي الكويتية-