اقتصاد » مياه وطاقة

«الملا» والنفط الإيراني يسكبان الزيت على نار الخلافات المصرية السعودية

في 2016/11/07

مزيد من أجواء الجدل والخلاف تخيم على مستقبل العلاقات المصرية السعودية، بعد زيارة وزير البترول المصري «طارق الملا» إلى إيران للتعاقد على صفقة من الغاز والسولار.

ومن المتوقع أن تفاقم الخطوة المصرية التوتر القائم بين البلدين منذ أشهر، على خلفية أزمة دبلوماسية تتعلق بالأزمة السورية.

وتشير زيارة المسؤول المصري لإيران خصم السعودية الرئيسي في المنطقة، إلى تصدع أكبر في العلاقات بين مصر والرياض، بحسب «رويترز».

والعلاقات بين مصر وإيران متوترة منذ أواخر السبعينات، ولا توجد سفارة مصرية في طهران، وزيارة مسؤول مصري لطهران أمر نادر، لكنه بات حقيقة بعد أن أوقفت شركة «أرامكو» السعودية إمداداتها النفطية لمصر للشهر الثاني على التوالي.

ردود الأفعال

زيارة «الملا» إلى طهران، بصدد إثارة الكثير من ردود الفعل، بدأها الكاتب الصحفي السعودي «جمال خاشقجي»، قائلا في تغريدة عبر موقع التدوينات المصغر «تويتر»: «أعتقد أن من حق الإخوة في مصر أن يشتروا نفطهم من حيثما أرادوا وحصلوا منه على سعر جيد، لا تضيقوا واسعا»، على حد قوله.

وعلق المخرج المصري «حسام السكري»، قائلا «رويترز تنشر خبرا عن سفر وزير البترول لإيران والوزارة تنفي. الاحتمالات مفتوحة وقد تكون بالونة لنكز السعودية، #أصدق_مين؟»

واعتبر الناشط السعودي «بسام المسند»، في تدوينته على «تويتر» أن «‏بترول السعودية للسعوديين وليس للمصريين ولا للبنانيين ولا للسيسي ولا الحريري، يكفي ما ذقنا من علي عبدالله صالح ومن صدام سابقا»، حسب تدوينته.

وكتب «بوخالد» يقول «أنا أتمنى أن تتجه مصر لإيران لشراء النفط حتى يرو الفرق الكبير بين تعامل إخوانهم في السعودية وتعامل أعداء الله الصفويين»، وفق تعبيره.

لكن آخر تبنى رأيا مخالفا، قائلا «مصر والسعودية ليس لهم إلا بعضهم، اختلافاتهم في الرؤى لا تعدوا كونها سحابة صيف، ومردها ستنجلي لنبتعد عن الخوض بتخلف ورعونه في شأنهما».

القاهرة وأرامكو

زيارة وزير البترول المصري «طارق الملا» إلى إيران، أمس الأحد، يبدو أنها تمت بضوء أخضر من القيادة السياسية في البلاد، في محاولة لإبرام اتفاقيات نفطية جديدة بعد تعليق السعودية اتفاقاتها النفطية مع القاهرة الشهر الماضي.

ومن المقرر أن يلتقي «الملا» كبار المسؤولين الإيرانيين؛ لبحث إمكانية تأمين إمدادات نفطية من طهران، وفق مصدر رافق الوزير إلى مطار القاهرة.

وأضافت المصادر التي شاركت في وداع «الملا» بصالة كبار الزوار: «سيلتقي وزير البترول الذي يصطحب 3 من كبار مساعديه خلال زيارته لإيران مع عدد من كبار المسؤولين لبحث إمكانيات التعاون بين مصر وإيران، وإمكانية تزويد القاهرة باحتياجاتها من مشتقات البترول عقب وقف شركة أرامكو السعودية لإمداداتها النفطية لمصر قبل أكثر من شهر».

وكان الوزير قال الشهر الماضي، إنه «لم يتضح موعد استئناف الإمدادات النفطية السعودية، ولم تقدم السعودية سبباً للتعليق».

وسعت مصر منذ ذلك الحين إلى تأمين مصادر طاقة أخرى، ووقعت في الأسبوع الماضي على مذكرة تفاهم مع شركة الطاقة الوطنية الأذربيجانية «سوكار» للحصول على ما يصل إلى مليوني برميل من النفط الخام.

وفي الأسبوع الماضي قالت شركة «كويت انرجي» الكويتية إنها وقعت اتفاقا تبيع بموجبه 20 في المئة من حصتها في حقل «السيبا» الغازي العراقي للهيئة المصرية العامة للبترول.

وكان «الملا» قام بزيارة مماثلة للعراق تم خلالها الاتفاق على تزويد بغداد لمصر بكميات كبيرة من النفط الخام، قيل إن إيران هى من ستقوم بتوريده، لكن مصر ترغب في بترول مكرر ومشتقات نفطية ربما قد تستطيع إيران توفيرها، بدلا من المشتقات البترولية السعودية التي توقفت إثر الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

وكانت مصادر دبلوماسية، قالت إن زيارة «الملا» إلى العراق كانت تهدف إلى فتح قنوات اتصال مع إيران عبر البوابة العراقية، بحكم العلاقة الوثيقة بين بغداد وطهران في الوقت الراهن، وفق صحيفة «رأي اليوم».

ترحيب إيراني

بدا الترحيب الإيراني منذ أشهر بإعلان طهران استعداداها لإمداد مصر باحتياجاتها النفطية، حيث يرى المسؤولون الإيرانيون، أن السعودية -التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران- تبدو أكثر عزلة في أعقاب خلاف دبلوماسي مع حليفتها الوثيقة مصر، وفق تقرير بثه تلفزيون «برس تي في» الإيراني الحكومي.

ونقل التلفزيون عن مصدر في وزارة البترول المصرية قوله إن «مسؤولي الحكومة يعتقدون أن تعليق إرسال المساعدات البترولية كان بدوافع سياسية»، متوقعين أن يستمر الأمر حتى نهاية العام الجاري.

وقال التلفزيون في تقرير بموقعه على الانترنت، إن وسائل الإعلام المصرية انتقدت السعودية بعد قرار تجميد إرسال شحنات الوقود إلى القاهرة.

وعلى الرغم من النفي المصري للزيارة على لسان «حمدي عبد العزيز»، المتحدث باسم وزارة البترول المصرية، قائلا «إن الوزير توجه إلى أبوظبي لحضور المؤتمر الدولي للطاقة هناك»، فإن مراقبون يرون الخطوة تسارعا من مصر في توجيه بوصلتها السياسية والاقتصادية ناحية المعسكر الإيراني الروسي، خاصة في ظل ما نقلته وسائل إعلام عن مسؤول عراقي أن تزويد العراق لمصر بالنفط سيكون مقابل سلاح وذخيرة.

يعزز حصول القاهرة على منتجات نفطية بديلة من إيران، التماهي الذي اتسم به الموقف المصري مع محور (إيران-روسيا) بشأن الأزمة السورية، بالإضافة إلى غضب مصر من سخرية الوزير السعودي «إياد مدني» من «ثلاجة السيسي»، والتي اعتبرت إهانة للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، واستقال على إثرها «مدني» من منصبه كأمين عام لمنظمة التعاون الإسلامي.

وكانت العلاقات السعودية المصرية توترت مؤخرا على صعيد العديد من ملفات المنطقة، وكان آخرها تصويت القاهرة في «مجلس الأمن» لصالح مشروعي القرار الروسي والفرنسي بشأن سوريا في وقت واحد.

وقدمت السعودية للحكومة المصرية مليارات الدولارات من المساعدات منذ 2013، عندما أطاح «السيسي» وزير الدفاع آنذاك، بالرئيس السابق «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ البلاد في 3 يوليو/تموز 2013، لكن الخلاف بين الرياض والقاهرة بات واضحا للعيان، خاصة في ملفات إقليمية حساسة لأمن الخليج العربي مثل اليمن وسوريا والعلاقات مع إيران. 

الخليج الجديد-