اقتصاد » مياه وطاقة

«أوبك» واتفاق النفط.. تحديات قاسية وتاريخ حافل بالاحتيال

في 2016/12/03

في 30 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفق أعضاء منظمة أوبك أخيرًا على القرار الذي طال انتظاره بخفض إنتاج النفط.

من أجل دعم الأسعار المتهاوية، قررت المنظمة خفض إنتاجها من النفط، في محاولة منه اللحد من خطر هبوط الأسعار أكثر من ذلك.

وعلى الرغم من أن كمية الإنتاج التي تعتزم المجموعة تقليلها كبيرة للغاية، إلا أن التحايل على ذلك القرار من قبل الموقعين على الاتفاقية قد يكون العقبة الأكبر في طريق تنفيذه، بل قد يمنع أوبك من تحقيق غرضها الأساسي من توقيع تلك الاتفاقية، لتظل أسعار البترول في هبوط سريع مضطرد.

تخفيض الإنتاج سيساعد على إعادة التوازن للسوق مرة أخرى، ولكن أي زيادة ولو كانت طفيفة في أسعار النفط، ستحيي إنتاج النفط الصخري الأمريكي مرة أخرى، أي ستقوض كل محاولات منظمة الدول المصدرة للبترول في القضاء على خط الإنتاج ذلك.

بعد عامين كاملين من الخلافات حول كيفية الرد على تراجع أسعار النفط، اتفق أعضاء المنظمة أخيرًا على خفض الإنتاج. ووفقًا لاتفاقية الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثايني، سوف تقلل المجموعة كلها إنتاجها بمقدار 1.2 مليون برميل يوميًا بداية من العام المقبل. وفي أعقاب الإعلان عن هذا القرار، شهدت أسعار البترول العالمية قفزة وصلت إلى 9 %.

ولكن على الرغم من ذلك، فانه من المبكر أن نجزم بأن أسعار البترول ستحافظ على تلك النسبة من الزياة في أوائل 2017، وخاصة أن السوق ستظل مشبعة حتى بعد كل هذا الخفض في الإنتاج ووصول معدلات تخزين الطاقة إلى مستويات قياسية.

بالطبع، فإن الاتفاقية الأخيرة تمت الموافقة عليها بهدف خلق نقص عالمي للبترول وبالتالي رفع سعر البرميل، بدلًا من الانخفاض المتواصل الذي كان يتعرض له. ولكن تحقيق ذلك سيكون صعبًا للغاية حتى مع تلك الاتفاقية، فدول أوبك لديها تاريخ حافل من التحايل على اتفاقياتهم على حصصهم من الانتاج، ولا يوجد أي سبب قوي يجعلنا نظن أن الأمر سيكون مختلفًا هذه المرة أيضًا.

في الوقت الحالي تعاني الدول الأعضاء بمنظمة أوبك من أزمات مالية غير مسبوقة تعصف بهم، مما يزيد من احتمالات تصدع جبهتهم الموحدة بخرق إحدى الدول للاتفاقية وتجاوزها حد الانتاج المتفق عليه، الأمر الذي سيجعل من تلك الجبهة تنهار في نهاية الأمر.

في الوقت الحالي، يشهد سعر البترول ارتفاعًا ملحوظًا ليصل إلى 60 دولارًا للبرميل، والذي إذا واصل الزيادة عن ذلك سيعيد إحياء إنتاج النفط الصخري الأمريكي، ليفقد الاتفاقية الأخيرة غرضها الأساسي، مهددًا الانتعاش في الأسعار الذي حققته أوبك، ومفقدًا تلك الاتفاقية الأخيرة أي قيمة لها.

بموجب الاتفاق الجديد، ستخفض كل أعضاء منظمة أوبك إنتاجها بمقدار 4.5 – 5%، أي سيتراجع اجمالي عدد البراميل اليومي من 33.9 مليون برميل إلى 32.5 مليون برميل يوميًا. ذلك الخفض سيعود بأكبر الضرر على الدول الأكثر إنتاجًا للبترول كدول الخليج وخاصة السعودية، بينما دول مثل ليبيا ونيجيريا قد تم إعفاؤها من القيود الجديدة. إيران بدورها حصلت على الإذن لزيادة إنتاجها بمقدار 90 ألف برميل يوميًا، ليرتفع إنتاجها الإجمالي إلى نحو 3.8 مليون برميل يوميًا.

والآن وبعد أن وافقت أوبك على كبح جماح إنتاجها، ستحاول المنظمة تطبيق تلك الاتفاقية الجديدة على الدول المصدرة للبترول من خارج المجموعة، حيث تأمل أوبك أن يتم خفض الانتاج من الدول الغير تابعة لها بمقدار 600 ألف برميل يوميًا.

روسيا، المنتج الأكبر للنفط في العالم، استجابت لتلك الدعاوي، ووعدت بخفض انتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميًا. عمان أيضًا التي تنتج نحو 900 ألف برميل يوميًا وعدت بخفض انتاجها بحوالي 40-50 ألف برميل.

وتخطط منظمة أوبك إلى إجراء محادثات مع الدول المنتجة للبترول الأخرى حول العالم، في المؤتمر المزعم انعقاده في الدوحة التاسع من هذا الشهر، في محاولة منها لحصد موافاقاتهم على سياسات الإنتاج الجديدة.

ويبقى أن نرى ما إن كانت هذه الدول ستوافق على أن تقود منظمة أوبك حل تلك الأزمة، أم أن تاريخ دول الأعضاء بالمنظمة الحافل بالاحتيال على الاتفاقيات سيمنع تلك الاتفاقية من المرور.

«ستراتفور»-