اقتصاد » مياه وطاقة

الإمارات "تحصّن" مشروعها النووي بأضعاف خرسانة برج خليفة

في 2017/03/27

مع اقتراب موعد تشغيله، تتواصل أعمال مشروع "براكة" الإماراتي للطاقة النووية على قدم وساق، حيث أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، الأحد 26 مارس/ آذار2017، أنها استخدمت نحو 250 ألف طن من حديد التسليح في بناء محطات المشروع الأربع، في حين وصل طول الكابلات المستخدمة إلى 1559 كيلومتراً.

وبنهاية يناير/كانون الثاني الماضي، تجاوزت نسبة الإنجاز في المشروع 76%، بواقع 94% في المحطة الأولى، و82% في المحطة الثانية، و68% في الثالثة، و41% في المحطة الرابعة، وفق ما نشرته صحيفة "البيان" الإماراتية، الأحد.

والأسبوع الماضي، أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية انتهاء أعمال إنشاء قبة مبنى احتواء المفاعل، واستكمال أعمال توصيل الأنابيب الخاصة بحلقات تبريد المفاعل باستخدام تقنية لحام متطورة.

-ربط كهربائي

ومؤخراً أرست اللجنة التنفيذية التابعة لإمارة أبوظبي، مشروع ربط الطاقة الكهربائية المتولدة من محطة براكة للطاقة النووية السلمية بشبكة الكهرباء القائمة في الإمارة بتكلفة 63 مليون درهم (20 مليون دولار تقريباً).

واستهلك إنشاء المحطات الأربع بموقع براكة حتى الآن أكثر من 1.07 مليون متر مربع من الخرسانة (50% من إجمالي الخرسانة المقرر استخدامها في المشروع)، وتمثل كمية الخرسانة المستخدمة ثلاثة أضعاف كمية الخرسانة المستخدمة في بناء برج خليفة.

وفي سبتمبر/أيلول 2016، أعلنت الإمارات أنها ستبدأ تشغيل أول مفاعلاتها النووية لإمداد الشبكة الوطنية بالكهرباء خلال مايو/أيار 2017. وذلك بعد أربع سنوات من إعلانها البدء في تنفيذ مشروعها النووي، لتكون بذلك أول دولة خليجية تضع قدمها في هذا المجال.

وكانت الإمارات أعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2009 تدشين برنامجها النووي السلمي، من خلال تشكيلها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية. وقالت آنذاك إن بدء البناء الفعلي للمحطات سيكون في عام 2012. وفي الشهر نفسه منحت الإمارات عقداً بقيمة 40 مليار دولار لكونسورتيوم كوري جنوبي لبناء مفاعلات نووية وتشغيلها بصورة مشتركة لمدة 60 عاماً.

ومنتصف فبراير/شباط الماضي، بدأت مؤسسة الكهرباء الكورية الجنوبية اختبار تشغيل أجزاء رئيسة للمفاعل النووي، في موقع بناء محطة الطاقة الكهرذرية الأولى في منطقة بركة بالإمارات.

وتقوم المؤسسة الكورية ببناء 4 مفاعلات من طراز (APR1400)، التي تم تطويرها بتقنيات كورية محلية. ويتوقع اكتمال جميع مراحل إنشاء المفاعلات الأربعة بصورة ممرحلة حتى عام 2020.

وتتكون أولى محطات الطاقة النووية في دولة الإمارات العربية المتحدة من مفاعلات الطاقة النووية المتقدمة (1400)، والتي تستخدم تكنولوجيا مثبتة تلبي أعلى المعايير الدولية للسلامة والأداء والأثر البيئي.

وتخطط المؤسسة الكورية لتركيب منشآت رئيسة وتشغيلها التجريبي بصورة مثلى مع اكتمال الاختبار، ووفق إعلان سابق لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية.

ومحطة براكة للطاقة النووية، أول موقع في العالم يجري فيه إنشاء أربع محطات نووية متطابقة بأمان وفي آن واحد، وبذلك تقدم برنامج المؤسسة على مواقع الإنشاءات الأخرى العالمية في الصين والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وروسيا ودول أخرى.

ولا تريد الإمارات لبرنامجها النووي أن يقتصر عليها وحدها، وإنما تسعى لخلق نهج تستفيد منه دول أخرى في تطوير الطاقة النووية، بحسب ما أعلنه مندوب الإمارات الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير حمد علي الكعبي، في وقت سابق.

-مفاعلات متقدمة

وتضم محطة براكة للطاقة النووية 4 مفاعلات تندرج ضمن الجيل الثالث من مفاعلات الطاقة النووية، ومن نوع مفاعلات الطاقة المتقدمة (APR -1400)، التي تعد من أحدث التقنيات المتطورة من بين تصاميم مفاعلات الطاقة النووية في العالم.

وتلبي هذه المحطات أعلى المعايير الدولية في السلامة والأداء، ويجمع هذا التصميم الحديث بين آخر التطورات في السلامة والأداء، بتقنيات أثبتت كفاءتها بعد عقود طويلة من التشغيل. وتصل القدرة الإنتاجية لمفاعل الطاقة المتقدم (APR -1400) إلى نحو 1400 ميغاواط من الكهرباء، ويصل العمر التشغيلي للمفاعل الواحد إلى نحو 60 عاماً.

وأجرت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية تعديلات على تصاميم المحطات المرجعية؛ للتكيف مع الظروف المناخية للدولة، وتلبية اللوائح الخاصة بالهيئة الاتحادية للرقابة النووية، تضمنت استخدام مضخات ومبادلات حرارية وأنابيب أكبر حجماً لزيادة معدل تدفق المياه في أنظمة التبريد؛ لدعم القدرة على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة لمياه البحر في منطقة الخليج.

كما تم تصميم أنظمة تبريد المحطة وأنظمة سحب مياه البحر، على نحو يضمن التوافق مع معايير هيئة البيئة - أبوظبي المتعلقة بتغيير درجات حرارة مياه الخليج بالقرب من المحطات، إلى جانب تعزيز أنظمة التهوية والتكييف المقاومة لآثار ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الهواء، أو زيادة الغبار والرمال في الجو، وتصميم مصفاة لتنقية المياه وحماية الثروة السمكية أثناء التشغيل.

واختير موقع أولى محطات الطاقة النووية السلمية في براكة بالمنطقة الغربية لإمارة أبوظبي، والتي تقع جنوب غربي مدينة الرويس، وتبعد عنها نحو 53 كيلومتراً بناء على عدة عوامل بيئية وتقنية وتجارية، وذلك بعد عملية تقييم شاملة ومعمقة أجراها خبراء محليون ودوليون.

-مواعيد التشغيل

الموقع الإلكتروني لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، نقل عن الرئيس التنفيذي للمؤسسة، محمد الحمادي، قوله إن مهمة المؤسسة "تتمثل في توفير هذا المصدر الجديد من الطاقة لدولة الإمارات وفي عام 2020"، مضيفاً أن فريق العمل سيتولى مسؤولية تشغيل المحطات الأربع لتوفير ما يصل إلى 25% من احتياجات الدولة للطاقة الكهربائية، إلى جانب تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة بنحو 12 مليون طن سنوياً.

وأوضح الحمادي أن الطاقة النووية سيكون لها دور مهم في مستقبل الإمارات، مؤكداً: "الطاقة عموماً تعد أساسية لدفع التطور والنمو في دولة ناجحة ومتنامية اقتصادياً مثل دولة الإمارات".

وستوفر الطاقة النووية للإمارات فرصة تطوير مصدر آمن وفعال وموثوق به وصديق للبيئة للكهرباء، كما أنها ستساهم في استراتيجية تنويع مصادر الطاقة في الدولة؛ ممّا سيضمن تحقيق مستقبل آمن ومستدام للطاقة، بحسب الحمادي.

وخصصت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية فريقاً متخصصاً بالتطوير الصناعي للعمل جنباً إلى جنب مع الشركات الإماراتية ودعمها، لضمان تلبيتها لمعايير الجودة والمعايير التقنية الصارمة المطلوبة في قطاع الطاقة النووية.

وفي الوقت الراهن، تتعامل المؤسسة مع أكثر من 1400 شركة إماراتية، بعقود تتجاوز قيمتها الإجمالية نحو 9.1 مليارات درهم (3 مليارات دولار)، للحصول على مجموعة من المنتجات والخدمات لدعم إنشاء أولى محطات الطاقة النووية في الإمارات.

وبالعودة إلى الأعمال الإنشائية، فقد بدأت في المحطة الأولى بيوليو/تموز 2012، بعد الحصول على رخصة الإنشاء من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وشهادة عدم الممانعة من الهيئة التنظيمية البيئية في أبوظبي وهي هيئة البيئة – أبوظبي، في حين بدأت الأعمال الإنشائية في المحطة الثانية عام 2013، وعملت المؤسسة على صب خرسانة السلامة الأولى في المحطتين الثالثة والرابعة عامي 2014 و2015 على التوالي.

وحتى الآن تمكن مشروع محطة براكة للطاقة النووية من تحقيق 13 منجزاً أساسياً، وفقاً للجدول الزمني المحدد لبرنامج المؤسسة الضخم والمعقد، وكذلك العمل على تطوير البرنامج على نحو ثابت، مع جعل السلامة والجودة أساساً لجميع القرارات والأعمال التي تنفذها المؤسسة.

يوسف حسني - الخليج أونلاين-