وكالات-
حالة من الإحباط تنتاب السعودية، بعد اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة إنتاج الدول الأربع والعشرين الأعضاء لخفض إنتاج النفط.
وبحسب صحيفة «الشرق الأوسط»، فإنه على الرغم من قطع وزير الطاقة السعودي «خالد الفالح»، إجازته السنوية لحضور الاجتماع، إلا أنه خرج محبطا من عدم التزام الدول بالاتفاق، على الرغم من أن بلاده ملتزمة بأكثر من المطلوب منها.
وتظهر أرقام المصادر الثانوية التي تعتمدها «أوبك» أن نسبة امتثال العراق للتخفيضات التي تعهد بها في الاتفاق لا تزال متدنية، وبلغت 30% في يونيو/حزيران الماضي، رغم أن الأرقام الرسمية التي يعلنها العراق توضح التزاماً أعلى بكثير يتجاوز 90%.
ويدرك «الفالح» جيداً أن سوق العقود الآجلة للنفط التي تتحكم بأسعار «برنت» في لندن و«خام غرب تكساس» في نيويورك، غير مقتنعة بما تقوم به المنظمة؛ فالمخزونات لا تزال عالية حتى وإن هبطت؛ إذ إن الهبوط كان بطيئاً وأقل من المتوقع، وهذا ما يزيد «الفالح» إحباطاً.
ومما زاد الطين بلة عودة بعض المخزونات العائمة في الأسابيع الأخيرة بعد أن كانت قد تلاشت في الأشهر الأولى من السنة.
كما أنه لا تزال الأسعار تحت 50 دولاراً منذ آخر اجتماع وزاري لمنظمة «أوبك» في مايو/أيار الماضي، رغم كل الجهود التي تبذلها الدول لتخفيض الإنتاج.
وأمام هذه الإحباطات، أعلن «الفالح» أول من أمس أن السعودية سوف تأخذ بزمام الأمور وتقود المنتجين وتتخذ إجراءات منفردة لتسريع هبوط المخزونات.
كما حاول «الفالح» إحداث ثورة في الاتفاق، وجعله يشمل مراقبة صادرات الدول النفطية إلى جانب إنتاجها، ونادى في الاجتماع الذي عقد بمدينة سان بطرسبرغ، بهذا الأمر قبل الاجتماع الوزاري وحتى بعد نهايته، ولكن الوزراء لم يتفقوا عليه في الاجتماع لأسباب كثيرة؛ بعضها تنظيمي، والآخر قانوني.
وحتى من دون مراقبة الصادرات، لا يزال هناك المزيد في جعبة السعودية؛ من بينه الخفض الكبير في الصادرات الذي تنوي تطبيقه من الشهر المقبل؛ إذ ستكبح السعودية صادراتها عند مستوى 6.6 مليون برميل يومياً، وهو أقل لها منذ مارس/آذار 2011، عندما صدرت 6.54 مليون برميل يومياً، وهو الإعلان الذي أنعش الأسعار وصعد بها فوق 50 دولاراً في جلسة أمس.
وليس هذا فحسب؛ بل قال «الفالح» في تصريحاته، إنه لا يوجد مكان «للركاب المجانيين» في الاتفاق.
وبذلك تنوي السعودية كذلك الضغط على باقي الدول غير الملتزمة مثل العراق والإمارات والإكوادور والجزائر، لزيادة التزامها في الأشهر المقبلة، خصوصا العراق الذي لديه وضع خاص مع «الفالح».
وقال «الفالح» خلال اجتماع لجنة المراقبة: «يجب أن نقر بأن السوق تحولت إلى الهبوط وسط عدة عوامل أساسية تقود هذه المعنويات».
وأضاف أن ضعف مستوى التزام بعض أعضاء «أوبك» باتفاق الخفض، وزيادة صادرات المنظمة، دفعا بأسعار الخام للتراجع.
وتابع: «التزام بعض الدول لا يزال ضعيفا، وهو مبعث قلق يجب أن نعالجه مباشرة».
وأشار «الفالح» إلى أن اللجنة تحدثت إلى تلك الدول ضعيفة الالتزام؛ دون أن يسميها، وقال: «إنهم تعهدوا بتعزيز الامتثال».
ولا يواجه «الفالح» تحديات مع الدول الأقل التزاماً فحسب؛ بل يواجه تحديات كذلك مع الدول المعفاة من التخفيض بحسب الاتفاق وهي ليبيا ونيجيريا.
وقال «الفالح» إن «أوبك» تدعم عودة الإنتاج من ليبيا ونيجيريا بسبب ظروفهما الخاصة، ولكنه في الوقت ذاته قال: «يجب على لجنة المراقبة الوزارية أن تتابع تطورات تأثير زيادة الإنتاج من ليبيا ونيجيريا على السوق». ولم تناقش اللجنة وضع أي سقف على إنتاج ليبيا ونيجيريا حتى يعود إلى مستوياته الطبيعية في كلا البلدين.
كما تواجه روسيا والسعودية ضغوطا متنامية لدعم أسعار النفط.
وستجري روسيا، التي تعتمد اعتمادا شديدا على إيرادات النفط، انتخابات رئاسية العام المقبل، بينما تحتاج السعودية لأسعار أعلى لضبط ميزانيتها وتحقيق التوازن فيها ودعم الإدراج المزمع لشركة النفط الحكومية «أرامكو السعودية» في العام المقبل.
وروسيا أكثر إحباطاً من السعودية عندما يأتي الأمر لضعف الامتثال من قبل الدول.
وقال وزير الطاقة الروسي «ألكسندر نوفاك» للصحفيين، الاثنين، إن مائتي ألف برميل يوميا إضافية من النفط يمكن إزاحتها عن السوق، إذا وصلت نسبة الالتزام باتفاق خفض إنتاج الخام العالمي إلى 100%.
واتفقت اللجنة في النهاية على توصية وحيدة، وقالت الكويت، التي ترأس لجنة المراقبة، إن «أوبك» قد تدعو إلى اجتماع غير عادي لضم نيجيريا إلى الاتفاق، وربما تمدد أجل تخفيضات الإنتاج الحالية لما بعد مارس 2018 إذا لم تستعد الأسواق توازنها.
ولكن «الفالح» و«نوفاك» لا يستطيعان الانتظار طويلاً، وسيحاول كل منهما الضغط على الدول التي تقع تحت دائرة مسؤولياته.
ولكن من دون مراقبة للصادرات، فستظل الدول تغرق المخزونات بالنفط، وهو ما سيزيد من تباطؤ تحقيق نتائج الاتفاق.