اقتصاد » مياه وطاقة

لماذا تعد الكويت الأكثر استفادة خليجيا من ارتفاع أسعار النفط؟

في 2018/07/16

سي إن بي سي- ترجمة شادي خليفة -

لطالما أُطلق على الكويت اسم «العملاق الخليجي النائم»، ولم يكن ذلك مجاملة. بالرغم أن الكويت تعتبر واحدة من أقل الاقتصادات الإقليمية أهمية في الشرق الأوسط، ولم تقدم الكثير لجذب الاستثمارات الأجنبية. ولكن هذه السمعة ربما تتغير قريبا.

ويجري النظر في سوق الكويت للأوراق المالية من أجل الارتقاء به إلى وضع الأسواق الناشئة من قبل مقدمي خدمة المؤشرات الرئيسيين، وستكون تلك عملية إعادة تصنيف هامة في عالم المستثمرين.

وفي يونيو/حزيران الماضي، قال مؤشر الأسواق الناشئة إنه سيضع مؤشر سوق الكويت قيد المراجعة مع احتمالية إعادة تصنيفه من سوق محدودة إلى سوق ناشئة في عام 2019.

وقد تؤدي هذه التحركات إلى ضخ مليارات الدولارات الاستثمارية لأول مرة في الاقتصاد الكويتي، حيث يهتم المستثمرون في الأسواق الناشئة بمراقبة المؤشر، وهو ما قد يشجعهم على شراء الأسهم الكويتية.

ويوضح تاريخ السوق أن عملية مراجعة المؤشر ربما تكون قوة دفع للأسهم في السوق تساعد على إعادة تصنيفها.

أمثلة حديثة

وشهدت كل من الأرجنتين والمملكة العربية السعودية عمليات إعادة تصنيف مماثلة بين الأسواق الناشئة، بدأت العام الماضي وأسفرت عن ترقيات رسمية في يونيو/حزيران الماضي.

وأصبحت سوق الأسهم السعودية واحدة من أسواق الأسهم عالية الأداء في جميع أنحاء العالم خلال تلك العملية، وتجاوزت معظم العالم هذا العام أيضا، حيث كانت أسعار النفط ترتفع بقوة.

وساهمت الإصلاحات الاقتصادية التي يجري الترويج لها من قبل ولي العهد السعودي في كسب ثقة المستثمرين.

وعانت أسهم الأرجنتين في الآونة الأخيرة، ولكنها قدمت أداءا قويا في عام 2017، وكانت سوق الأسهم القطرية هي الأولى عالميا في العام الماضي.

ولدى الكويت أقدم بورصة في الخليج، وتحوي العديد من الشركات متعددة الجنسيات، وسوف تستفيد إلى حد كبير من إعادة التصنيف، بحسب ما قال «كريستيان أولريخسن»، الزميل المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط في معهد «بيكر» في جامعة «رايس».

وارتفع حجم التداول وحركة السعر في الأسهم الكويتية في عام 2018. وحققت بعض الأسهم المتداولة في البورصة الكويتية أداءا قويا، كما ساهم الحجم الصغير نسبيا للسوق، وسيولته المحدودة أيضا، في الارتفاع الكبير في أسعار الأسهم، منذ يونيو/حزيران.

لكن ذلك كله لا يعكس عقبة كبيرة جدا ستظل قائمة بالنسبة للاقتصاد الكويتي، ألا وهي اعتماده الضخم على القطاع العام في مجال النفط، وافتقاره للاستثمار في القطاع الخاص، الأمر الذي أدى إلى عجز كبير في الموازنة.

اقتصاد نفطي بحاجة إلى التغيير

ويعتمد اقتصاد الكويت، مثل الكثير من دول الشرق الأوسط، بشكل كبير على صادرات النفط. فهي موطن لـ 6% من احتياطي النفط الخام في العالم، أو أكثر من 100 مليار برميل.

ولدى الكويت أعلى نسبة من إسهام النفط في الناتج المحلي الإجمالي بين دول «أوبك». ويجلب النفط 92% من عائدات التصدير، ويوفر 90% من دخل الحكومة في الكويت.

ومن المتوقع أن ينمو القطاع الخاص بين 3.5% و4% بين عامي 2018 و2021. ولكن عدم التنوع في اقتصاد البلاد يجعل من الصعب على الشركات العثور على الموظفين وسد الفجوة الواسعة بين القطاع الخاص (36%) والعام (74%).

ويضمن المواطنون الكويتيون التوظيف في القطاع العام كجزء من آلية توزيع الثروة النفطية، في حين أن معظم موظفي القطاع الخاص هم من العمال المهاجرين.

وكما هو الحال في السعودية، أصدرت الحكومة الكويتية خطة واسعة للتنمية الاقتصادية لتجاوز الاعتماد على النفط، تحت مسمى «رؤية الكويت 2035»، تهدف إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتسهيل عمل الشركات الأجنبية في البلاد، كما أجرت البورصة الكويتية تغييرات حديثة لتشجيع المزيد من عمليات الإدراج والاستثمار.

النفط وعجز الموازنة

وكان من الصعب على أي مستثمر أجنبي الحصول على ترخيص تجاري، وكان يضطر إلى الانتظار لمدة 60 يوما في المتوسط​، ولكن هذه المدة انخفضت إلى 3 أيام منذ عام 2015 تزامنا مع انخفاض تكاليف التراخيص.

ويستطيع الأجانب الآن تملك 100% من أسهم الشركات التي يدمجونها في الكويت، والحصول على إعفاء من ضرائب الدخل لمدة تصل إلى 10 أعوام. 

ولكن الكويت تقابل عائقا سياسيا فريدا أمام جهودها للتنويع مقارنة بدول الخليج الأخرى، فلديها برلمان نشط، هو الجمعية الوطنية، الذي يحاسب الحكومة على عملية صنع القرار الاقتصادي.

وفي الماضي، منع البرلمان مبادرات البنية التحتية والطاقة الرئيسية التي من شأنها تحديث وتوسيع القاعدة الاقتصادية الحالية في الكويت.

وقال «أولريخسن» إن هذا الكبح السياسي للإصلاح الاقتصادي غير موجود في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

وأشار إلى أن الكويت لا تزال تتعافى من الشلل السياسي الذي عصف بالبلاد بين عامي 2006 و2012، عندما جرت 6 انتخابات شهدت أكثر من 12 حكومة. وسبب هذا «ضررا كبيرا» لصورة الاستثمار الدولي في الكويت.

ويمكن لتحرك الكويت إلى اقتصاد أكثر توازنا أن تقلل من تقلبات السوق، وقد تؤدي التغيرات الجذرية في أسعار النفط إلى تقلبات هائلة في اقتصادها.

وحتى مع التعافي الأخير في أسعار النفط، تتوقع الكويت عجزا آخر في الموازنة للسنة المالية 2018-2019 بقيمة 21 مليار دولار (نحو 17.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، وهو عجزها السنوي الرابع على التوالي. واضطرت الحكومة إلى تمويل العجز الأخير من احتياطيات الدولة وطرح السندات.

وقال «أولريخسن»: «يرتبط الإنفاق الحكومي بشكل كبير بعائدات النفط، ولذلك، فإن صحة القطاع العام تتبع عن كثب ارتفاع أسعار النفط».

وتقل إيرادات الدولة البالغة 49.5 مليار دولار عن مستوى الإنفاق المتوقع أن يصل إلى 71 مليار دولار. وانتقد الكثيرون تقاعس الحكومة عن التنويع، وقرارها بزيادة العائدات من خلال زيادة رسوم الكهرباء والماء.

ووفقا لمؤسسة «موديز» الائتمانية، كانت الكويت أبطأ من نظيراتها في المنطقة في تطوير قطاعها غير النفطي والقطاع الخاص مقارنة بالسعودية التي يدفعها العدد الكبير لسكانها نحو جهود تنويع أسرع.

ويبلغ عدد سكان الكويت 4.4 مليون نسمة تقريبا، في حين يزيد عدد سكان السعودية عن 32 مليون نسمة. لكن إذا لم تتنوع الكويت اقتصادها فلن تكون قادرة على المنافسة في القرن الحادي والعشرين.