من المرجح أن توافق "أوبك+" على خفض متواضع في إنتاج النفط في الاجتماع الوزاري المقرر يومي 5 و6 مارس/آذار في فيينا. ومن المرجح أن يوافق الوزراء ببساطة على تبني توصية اللجنة الفنية للمجموعة في وقت سابق من هذا الشهر، بتوزيع خفض قدره 600 ألف برميل يوميا بالتساوي على الأعضاء.
وفي ذلك الوقت، رفضت روسيا اقتراحا سعوديا بتحديد موعد عقد اجتماع وزاري طارئ، مفضلة بدلا من ذلك مراقبة انتشار فيروس "كورونا" لقياس تأثيره المتوقع على الطلب بشكل أفضل.
والآن، مع التوقعات الواسعة بأن المرض في طريقه ليصبح وباءً عالميا، ستكون روسيا مقتنعة بالحاجة إلى العمل. لكن أي تخفيضات ستوافق عليها ستكون أقل بكثير من الحجم الهائل الذي من شأنه أن يؤثر في سعر خام برنت. وبدلا من ذلك، سيتم تعديل أهداف الإنتاج للحد من مزيد من الانخفاض في الأسعار.
ومن المحتمل ألا تسري التخفيضات التي تتجاوز المستويات الحالية حتى الربع الثاني، بناءً على إصرار روسيا، بما يسمح بإعادة التقييم في يونيو/حزيران. وتعد حقيقة أن الإنتاج الليبي لا يزال منخفضا بأكثر من 1.1 مليون برميل يوميا، ولا يظهر أي مؤشر على الانتعاش السريع، اعتبارا رئيسيا أيضا يحد من الخفض العميق. ومع ذلك، إذا ارتفع الإنتاج الليبي يمكن تعديل مستويات خفض إنتاج "أوبك+".
وتوجد درجة كبيرة من عدم اليقين حول مستوى انخفاض الطلب الذي سينتج عن أزمة "كورونا". وقدرت "بلومبرج" أن الطلب الصيني في فبراير/شباط سينخفض بنحو 3 ملايين برميل يوميا، لكن مع استئناف العديد من الشركات الصينية العمل بعد العطلة الطويلة للعام القمري الجديد، يبدو أن الاستهلاك يتعافى خارج مناطق الحجر الصحي الصارم.
وتظهر بيانات حركة المرور على الطرق، الصادرة عن شركة "توم توم" للملاحة البرية، زيادة في المرور في معظم المدن الصينية خلال الأسبوع الماضي، بالرغم أن حجم المرور لا يزال أقل من المعتاد.
وتظهر البيانات أيضا انخفاضا ملحوظا في حركة المرور في ميلانو، معقل انتشار الحالات الإيطالية المصابة بالفيروس. ومع ذلك، لم يكن هناك أي تأثير حقيقي حتى الآن في روما أو بقية أوروبا.
وبينما أصبح من الواضح في الأيام الأخيرة أن فيروس "كورونا" من المحتمل أن ينتشر على نطاق واسع خارج الصين؛ فبمجرد حدوث ذلك من المرجح أن تتغير ردود فعل الحكومات الأخرى. وسيُنظر إلى قيود السفر الإلزامية على أنها أقل فعالية، كما لا تتصور الخطط المنشورة من قبل الحكومة البريطانية، على سبيل المثال، قطعا للسفر الدولي؛ بسبب الآثار الاقتصادية المحتملة.
بدلا من ذلك، ستبدأ جهود الوقاية في التحول نحو تدابير النظافة الشخصية وحماية الأفراد. وسيجعل عدم اليقين هذا روسيا مترددة في الالتزام بتخفيضات أكبر في الإنتاج حتى نهاية العام، لكن هذا قد يتغير إذا انخفض الطلب أكثر.
ويظهر تردد روسيا مرة أخرى اختلافاتها مع السعوديين، ومواقف القوة النسبية في تلك العلاقة. ومن الواضح أن الرئيس "فلاديمير بوتين" تأقلم مع فكرة انخفاض أسعار النفط لفترة أطول، وجعل افتراضات الميزانية متحفظة للغاية. وتحتاج روسيا إلى سعر لخام برنت حول 40 دولارا للبرميل وفقا لميزانيتها، ولديها خطط للتعامل مع انخفاض الأسعار حتى 40 دولارا للبرميل.
في المقابل، تعتمد افتراضات الميزانية السعودية على سعر لخام برنت عند 80 دولارا للبرميل.
وقال "بوتين" علنا الصيف الماضي إنه يعتبر النطاق الطبيعي لـ"برنت" بين 60 إلى 65 دولارا، لكن إحجام روسيا عن دعم التحرك السريع للتعامل مع آثار "كورونا" يظهر أنه يقبل العيش مع أقل من هذا الهدف؛ حيث يرى أنه من الأفضل التوقف عن محاولة الحفاظ على برنت عند نحو 60 دولارا على حساب حصتها في السوق أمام الصخر الزيتي وغيره من المنتجات المنافسة.
ويشعر السعوديون بالإحباط إلى حد ما من هذا الموقف، لكن ليس لديهم خيارات جيدة بخلاف قبول ما ترغب روسيا في فعله. ولا يزال فرض تخفيضات أعمق، إما من جانب واحد أو بالتنسيق مع الكويت والإمارات، احتمالا معقولا، لكنه غير جذاب. واستسلم السعوديون بالفعل لروسيا في اجتماع ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقبلوا إصرار موسكو على أنها لن تلتزم إلا بضبط الأسعار لمدة 3 أشهر فقط.
وفي هذه المرحلة، من المحتمل أن تلتزم موسكو بتعهدها بإجراء تخفيضات إضافية متواضعة فقط في الربع الثاني. ومن المحتمل أن السعوديين لن يتحملوا تخفيضا إضافيا من جانب واحد أو بالاشتراك مع شركائهم في مجلس التعاون الخليجي لمحو تراكم المخزون المحتمل خلال تلك الفترة.
ولكي يكون التخفيض فعالا، لا ينبغي أن يقل خفض الإنتاج في "أوبك" عن مليون برميل يوميا، إضافة إلى الإنتاج الليبي الذي لا يزال خارج نطاق الخدمة، مع تحمل السعوديين على الأرجح نصف هذا الحجم. وإذا تفاقمت أزمة "كورونا" في الربع الثاني، فسيحاول السعوديون أولا الاتفاق مع روسيا على تخفيضات موزعة إضافية، ثم العودة إلى نمو الإنتاج عندما تخف حدة الأزمة.
ويتركنا كل هذا في موقف تعتمد فيه أسعار السوق بالفعل على النتائج المتوقعة لاجتماع "أوبك+". وفي حين أن الفشل في الاتفاق على أي تخفيضات قد يتسبب في انخفاض إضافي في الأسعار إلى نحو 40 دولارا للبرميل، فإن الاتفاق المتوقع سيوفر فقط تخفيفا متواضعا للضغط على الأسعار. ويعرف الروس أن هناك ضوءا في الأفق يأتي في شكل تباطؤ محتمل لنمو الصخر الزيتي في الولايات المتحدة.
ولن يؤثر الانخفاض إلى 40 دولارا لخام غرب تكساس الوسيط بشكل كبير على نمو حجم الإنتاج في الولايات المتحدة في الربع الثاني. لكن في النصف الثاني من العام، ينبغي أن يؤدي ذلك إلى تقليص النفقات الرأسمالية. ويأمل الروس أن يتيح ذلك لهم وللسعوديين زيادة حجم الإنتاج قليلا حتى عام 2021.
جريج بريدي/ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد-