اقتصاد » مياه وطاقة

حرب أسعار النفط ستؤدي لنتائج عكسية بالنسبة للسعودية

في 2020/03/11

بعد أن رفضت روسيا الأسبوع الماضي قبول اقتراح "أوبك" بتخفيض إنتاج النفط بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا لدعم أسعار النفط، أعلنت "أرامكو" السعودية في 7 مارس/آذار أنها ستخفض فرق أسعارها في أبريل/نيسان بمقدار 4 دولار إلى آسيا و 7 دولار إلى الولايات المتحدة.

ونقلت هذه الخطوة الفروق الآسيوية من الأقساط إلى التخفيضات الحادة، وألمحت السعودية بقوة إلى زيادة كبيرة في الإنتاج، وهو ما أكدته مصادر "أرامكو" السعودية لمنافذ وسائل الإعلام في 8 مارس/آذار دون إرفاق أرقام محددة. وأدى هذا التطور بدوره إلى صدمة الأسواق المالية، حيث انخفض سعر "خام برنت" إلى 35 دولارًا للبرميل في أواخر التداول في 9 مارس/آذار.

كانت الخطوة السعودية هي إعلان حرب أسعار شاملة، لم يتوقعها معظم المراقبين في 6 مارس/آذار عندما انهارت المحادثات بين "أوبك" وشركائها من غير الأعضاء، وذلك بالنظر إلى أنها ستفجر عجز الموازنة السعودية، وكذلك حقيقة أن روسيا، غير المقيدة بالتزامات "أوبك +"، لديها إمكانات محدودة لرفع الإنتاج بسرعة في عام 2020.

يمكن أن تؤدي أزمة "كورونا" إلى انخفاض الأسعار بسهولة إلى مستويات أقل مما كانت عليه في 2015-2016. وسيكون لانهيار الأسعار إلى نطاق يتراوح بين 20 إلى 30 دولارًا، آثار غير مسبوقة على الأسواق الأخرى.

بخلاف أسهم شركات الطاقة، ستكون أسوأ التأثيرات على الدول ذات الاقتصادات الأقل تنوعًا والاحتياطيات السيادية المنخفضة. على وجه الخصوص، ستعاني إيران وفنزويلا أكثر من غيرها، حيث اضطر كلاهما بالفعل إلى تخفيض مبيعاتهما بحدة للعثور على مشترين وسط العقوبات الأمريكية.

ويعكس قرار السعودية بزيادة الإنتاج أمل ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" في أنه إذا مارس ضغوطًا شديدة على روسيا، فسوف توافق على خفض كبير في الإنتاج. لكن حرب الأسعار الشاملة هذه تأتي بنتائج عكسية.

أوضحت شركة النفط الحكومية "روسنفت" في بيان مفصل في 8 مارس/آذار، أن روسيا كانت غير راغبة في خفض الإنتاج لأنه من وجهة نظرها، أدى ضبط الإنتاج إلى مزايا تنافسية غير عادلة فيما يخص النفط الصخري في الولايات المتحدة، وكذلك في استثمارات خارجية بعيدة في أماكن مثل النرويج، والتي حفزتها فترة ارتفاع الأسعار في 2017-2019.

كانت التوترات تتصاعد بين روسيا والسعوديين حتى بدون صدمة الطلب جراء "كورونا" بسبب عدم رغبة روسيا في المشاركة بشكل عادل في عبء الضبط الذاتي، الأمر الذي أوصل الأمور إلى ذروتها في الأسبوع الماضي.

سيتعرض الاقتصاد الروسي لضربة كبيرة من انهيار الأسعار، لكن موسكو في وضع أقوى بكثير من الرياض. راكمت موسكو احتياطياتها في صندوق الثروة القومي منذ عام 2017 بسعر أعلى من 40 دولارًا للبرميل مع تعديل التضخم السنوي 2% وكان آخر البيانات العامة للصندوق عند 150 مليار دولار وكانت الاحتياطيات النقدية عند 570 مليار دولار.

وقد أعدت روسيا ميزانيتها مع برنت عند 45 دولار، ولكن السحب من الصندوق الوطني للثروة سيساعد في تخفيف حدة الضربة إذا انخفضت الأسعار إلى أقل من هذا النطاق. تعرض الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لبعض الانتقادات لقيامه بتطبيق تدابير التقشف في حين كانت أسعار النفط مريحة، لكن في الوقت الحالي سيبدو حكيما. إنه يعكس حقيقة أن "بوتين" يريد أن تكون روسيا مستعدة لهذا النوع من الصدمة على وجه التحديد حتى لو كانت التوقعات قريبة الأجل منخفضة.

من ناحية أخرى، يبحث السعوديون في سيناريو تمويل نصف الإنفاق الحكومي من الاحتياطيات والاقتراض خلال عام 2020. ويعني انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغ 26% أنه بإمكانهم الاقتراض، لكن هذا الاقتراض قد يصبح أكثر تكلفة مع تجدد الشكوك حول أسعار النفط المستقبلية وعقلانية ودوافع صناعة السياسات السعودية.

وإلى جانب الخسائر في قيمة الاستثمارات الأجنبية التي يحتفظ بها صندوق الاستثمار العام، ستزداد صعوبة الحفاظ على الإنفاق على برنامج "رؤية 2030" لتنويع الاقتصاد والذي فشل حتى الآن في تحقيق تقدم كبير وتوليد مزيد من وظائف القطاع الخاص بالرغم من الأهداف المعلنة الطموحة.

كما هو الحال مع "بوتين"، سيكون من الصعب سياسيا اعتراف "بن سلمان" بأنه ارتكب خطأ أوتراجعا، لأن الخيار الوحيد المعروض في الوقت الحالي هو على الأرجح استمرار الحصص الحالية، وليس أي تنازلات من روسيا.

يترك كل هذا العالم في مواجهة مستوى شديد من عدم اليقين بشأن مستقبل سوق النفط، لكن لا يبدو أننا سنشهد انتعاشًا في الأسعار في الأشهر القليلة المقبلة.

ستراتفور - ترجمة الخليج الجديد-