متابعات
تتواصل التحذيرات من الحرب النفطية الدائرة بين السعودية وروسيا، التي من المرجح استمرارها خلال الفترة المقبلة، وانعكاسها على دول الخليج العربي، ما لم تتدخل الولايات المتحدة لوضع حدٍ لها.
ووصف خبراء نفط كويتيون ما يحدث بأنه "السيناريو الأسود"، مشيرين إلى أن استمرار الوضع الحالي والتداعيات المرتبطة بانتشار فيروس كورونا سيؤدي بنا إلى كارثة سيصل فيها سعر برميل النفط إلى ما دون عشرة دولارات للبرميل، وهو ما يعني معاناة دول الخليج من "العوز".
وذهب الخبراء للقول: "إن النظرة المتشائمة من نتاج الحرب التجارية بين أمريكا والصين كانت تقف قبل عام من الآن عند حد عدم صعود سعر البرميل لأعلى من ستين دولاراً".
ويرى الأكاديمي وخبير اقتصادات النفط، طلال البذالي، أن التوجه السعودي خطير جداً على أسعار النفط؛ وقال إنه "من الممكن أن يهوي بها إلى ما بين 15 و20 دولاراً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهو سيناريو أكثر تفاؤلاً مقارنة بالتوقعات الأخرى التي تذهب للقول إن النفط سيكون دون العشرة دولارات للبرميل خلال 2020".
ونقل موقع "الجزيرة نت" عن البذالي قوله إن دول الخليج يمكنها استغلال الأزمة الحالية "لإنشاء منظمة أوبك خليجية، ليكون قرارها بعيداً عن الدول الأخرى؛ مثل روسيا والمكسيك، وفي هذه الحالة ستتحكم في نحو 53% من احتياطي العالم، ونحو 26% من الإنتاج، وهي نسبة تتيح لها السيطرة بشكل مطلق على الأسعار".
فيما يرى خبير استراتيجيات النفط، عبد الحميد العوضي، أن الانخفاض الكبير في أسعار النفط الذي يشكل 65% من حجم التجارة العالمية كان وراء تراجع أسعار الكثير من المشتقات والسلع الاقتصادية العالمية، وهو ما يفسر الهبوط الحاد في العديد من البورصات العالمية، مشيراً إلى أن ذلك سيمني جميع المنتجين بخسارة من الحرب الحالية، ومن ضمنهم روسيا وأمريكا.
ويضيف العوضي: "بالنظر لحصة دول الخليج -التي تمثل 53% من إنتاج أوبك- فإن تراجع الأسعار سينعكس سلباً عليها بشكل عام لاعتماد موازناتها على مبيعات النفط بنسب تتراوح بين 85 و95%".
أما الخبير في تحليل أسواق النفط كامل الحرمي، فقد رأى أن الكارثة الأكبر والأضخم ستكون مالية؛ "لأن المعدل التوازني لسعر النفط لمقابلة الميزانيات العامة داخل معظم دول أوبك بين 90 و95 دولاراً".
وأضاف: "السيناريو الأسود لما نراه حالياً هو وصول سعر البرميل إلى عشرة دولارات، لأن هذا الوضع يعني أن دول الخليج ستصل إلى العوز"، مؤكداً أننا بحاجة إلى اتفاق عالمي لوضع حد للأزمة.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مصادر لم تسمها، أن إدارة دونالد ترامب تدرس ممارسة ضغوط دبلوماسية لحمل السعودية على خفض الإنتاج والتلويح بفرض عقوبات على روسيا لإجبارها على تقليص إمداداتها أيضاً.
ورفضت روسيا مؤخراً المضي قدماً في سياسة خفض الإنتاج التي اتبعتها منظمة أوبك ومجموعة الدول المستقلة منذ عام 2017، وهو الاتفاق الذي تجدد عامي 2018 و2019، قبل أن يواجه الفشل في مارس الجاري، لتتهاوى أسعار النفط من 45 دولاراً للبرميل إلى ما دون ثلاثين دولاراً حالياً.
وخلال الاجتماع الأخير، رفضت روسيا المضي قدماً في الالتزام بالاتفاق؛ لكونه يفقدها حصصاً سوقية لحساب النفط الصخري الأمريكي، في حين أرادت السعودية استمرار تلك السياسة، بما يسمح بالحد من المعروض والحفاظ على تماسك الأسعار، قبل أن تتجه لسياسة غير مسبوقة وهي الإنتاج غير المشروط باتفاقات أوبك.
وأعلنت السعودية على الفور رفع إنتاجها ليصل إلى 12.2 مليون برميل حالياً، مع عزمها على الوصول بإنتاجها اليومي إلى 13 مليون برميل بحلول مايو المقبل، كما خفضت أسعار الخصم على نفطها، بمقدار يصل إلى عشرة دولارات للبرميل.
وسيكون على دول أوبك الأخرى -مثل الكويت والإمارات- رفع إنتاجها للحفاظ على الحصص السوقية، فضلاً عن إعلانها تخفيض أسعار الخصم، ليعيش الجميع في حرب أسعار تدور في بيئة غير تنافسية لانخفاض الطلب على النفط، وهو ما يعني أن الأوضاع في طريقها لتسوء بشكل أكبر.