لافي بار ايلي - هآرتس/ ذي ماركر-
تعبر الإمارات عن قلقها إزاء أعمال عنف مجموعات اليمين المتطرف في شرقي القدس، التي أدت إلى إصابة مواطنين.
وتدعو وزارة الخارجية السلطات الإسرائيلية للعمل على تهدئة الأرض ووضع حد للعدوان والخطوات التي تخلق توتراً وكراهية. وتؤكد الوزارة أيضاً الحاجة إلى الحفاظ على هوية القدس المحتلة التاريخية، والحفاظ على أقصى درجة من ضبط النفس. بهذه الكلمات أبلغت وكالة الأنباء في أبو ظبي، الأحد، ردها سلطات الإمارات الرسمي على أحداث القدس التي أدت إلى الهياج في العالم العربي.
مرت تسع ساعات ومجموعة “ديلك”، لصاحبها إسحق تشوفا، أبلغت في هذا الصباح بأن شركة “مبادلة بتروليوم”، وهي فرع الطاقة لحكومة أبو ظبي، اتفقت مبدئياً على شراء 22 في المئة من الحقوق في حقل الغاز “تمار” الواقع على بعد 90 كيلومتراً غرب حيفا، مقابل 1.1 مليار دولار.
ماذا سيكون إذا وزن هذه الدعوة نظام أجنبي في اليوم الذي سيمتلك فيه خُمس أسهم مصدر التزويد الرئيسي لقطاع الطاقة في إسرائيل؟
في الأسبوع الذي يحتج فيه الإماراتيون ضد إغلاق الدرج في باب العامود، هل سيسمح للمسؤولة عن المنافسة بتحذيرهم وتحذير شركائهم في الحقل من إساءة استغلال القوة الاحتكارية؟ هذه الأسئلة هي التي تستحوذ في هذا الصباح على معظم الاهتمام في أعقاب تقرير “ديلك” في البورصة، رغم أنها لا تتعلق بالتفاصيل التجارية للصفقة نفسها. وسبب الاهتمام المحدد لطابع الصفقة الجيوسياسي مزدوج: الأول، منعت إسرائيل في السابق استثمارات للصين وروسيا في حقول الغاز، قبل فترة طويلة من الوصول إلى مرحلة مذكرة التفاهمات. الثاني، بعد خطة الغاز وبعد بيع الغواصات لمصر وبعد صفقة تصدير الغاز إلى مصر والأردن، وبعد بيع طائرات إف35 للإمارات، وبعد التوقيع على اتفاق نقل النفط من دول الخليج إلى منشآت تكرير النفط في إيلان وعسقلان، فإن الحديث يدور عن صفقة سادسة ترتبط فيها المصالح الجيوسياسية والأمنية بالمصالح التجارية، من غير أن يكون واضحاً من الذي يسبق من: خدمة المصلحة الوطنية أم تحقيق المصلحة الشخصية.
كل صفقة من الصفقات المذكورة أعلاه تحمل في الحقيقة إمكانية كامنة لتحسين مكانة إسرائيل. ولكن في نهاية المطاف، حتى قبل أن يقطف الجمهور الإسرائيلي الثمار الأولى، فإن أموالاً كثيرة يتم تداولها. هكذا مثلاً، لا تجد وعود مشروع إسالة الغاز للمستهلكين تعبيرها على الأرض، في الوقت الذي التقت فيه “نوفل اينرجي” و”تشوفا” مع مليارات الدولارات التي تم تسليمها لهم بفضل المشروع.
كل ذلك في الوقت الذي يتم الحفاظ فيه على تفاصيل الصفقة وظروفها تحت غطاء من السرية. إضافة إلى ذلك، يصمم رئيس الحكومة نتنياهو على منع إجراء لقاء استراتيجي حول كشف الأصول القومية للاستثمارات الأجنبية، ويفضل أن يدير المخاطر التي تكتنف ذلك بنفسه.
ولا يجب أن تفاجئنا مذكرة التفاهمات لبيع ممتلكات “ديلك” في حقل “تمار” لأبو ظبي. أولاً، حسب مشروع الغاز، مطلوب من “ديلك” بيع كل ممتلكاتها في الحقل حتى نهاية 2021. ثانياً، منذ بداية هذه السنة، حذرت وزارة الشؤون الاستراتيجية والشاباك من أنه “يتوقع زيادة في الاستثمار من جانب دول الخليج في الأشهر القريبة القادمة”؛ ثالثاً، “مبادلة”، صاحبة المصلحة في تطوير سوق الغاز الإقليمية، بقوة امتلاكها 10 في المئة في رخصة “شوروك” الموجود في مصر، ومن بين أمور أخرى تم العثور فيه على حقل الغاز الأكبر “زوهر”؛ رابعاً، الوضع المالي الصعب لشركة “تشوفا” والتعليق المرفق بالبيانات المالية لشركة “ديلك”، تلزمها بأن تضخ أموالاً نقدية بسرعة.
من المرجح أن توقيع “ديلك” والإمارات جاء بعد إجراء مسبق أجري مع سلطات إسرائيل، كما من المرجح أن تم هذا الإجراء مع الجهات المهنية في فرع الطاقة، وليس مع الجهات الأمنية التي تحتج على أنها “تقرأ في الصحف عن نقل بنى تحتية استراتيجية إلى ملكية أجنبية دون إبلاغها بذلك”. من المعقول أيضاً أن الإجراء المسبق كان يمكن إجراؤه، لأن امتلاك الإمارات لا يعطيها أغلبية في الحقل، ولا يتضمن حق الفيتو، ولا يشمل التدخل في تشغيل الحقل، الذي سيبقى في أيدي الأمريكيين (شفرون).
يجب الإشارة إلى أن الصفقة ما زالت بحاجة إلى مصادقة المسؤول عن شؤون النفط في وزارة الطاقة ومجلس النفط وربما أيضاً سلطة القيود التجارية (لأن الأمر يتعلق بشرط موجود في مخطط الغاز). مع ذلك، يصعب التصديق بأن إسرائيل ستخاطر بإحراج شركائها الاستراتيجيين الجدد.
إذا كانت هناك مفاجأة فهي في السعر المنخفض نسبياً الذي يعطي للحقل قيمة تساوي 5 مليارات دولار. هذا بعد أن اشترت “هرئيل” قبل ست سنوات 3 في المئة من الحقل، حسب قيمة عالية بضعفين ونصف.
مهما كان الأمر، فإن تحليلاً أولياً للصفقة يظهر عدة نقاط إيجابية، إلى جانب السلبية. لنبدأ بالأنباء الجيدة:
*رغم أن الأمر يتعلق بمرحلة أولية، إلا أنه من الجيد رؤية أن “تشوفا” تبدد المخاوف من أنها لن تفي بالموعد النهائي للخروج من حقل تمار، وتعمل على أداء واجبها حسب مخطط الغاز.
*من الجيد أن المشتري لاعب استراتيجي له مصلحة في تطوير سوق الغاز الإقليمية، بما في ذلك السوق المصرية المجاورة، لأن استمرار تطوير خزانات الغاز على شواطئ إسرائيل يرتبط بالتصدير ومشروط بمبيعات مباشرة أيضاً للسوقين المصرية والأردنية.
*ولأن المشتري لاعب عربي فهذا يخفف المخاوف السياسية من جانب لاعبين دوليين آخرين من الاستثمار في إسرائيل.
*دخول لاعب أجنبي جديد ليست له مصلحة في السوق القائمة، وليس أمريكياً، يمكن أن يضعف قوة “شفرون” الأمريكية (التي ستواصل الاحتفاظ بصورة موازية في حقل تمار ولفيتان ودليت). بهذا ستنشأ ظروف ناضجة أكثر لتسعير تنافسي للغاز (إذا أرادت الإمارات أصلاً احتلال مكان من أثاروا المنافسة).
*استثمار الإمارات في أصول استراتيجية هو تعبير عن رغبة متبادلة في التطبيع ويمكن أن تعزز التحالف السياسي ضد إيران.
أما بخصوص الأنباء السيئة، فإن المسألة تتركز في وضع بنية تحتية وطنية حاسمة في أيدي دولة عربية، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك:
*لأن المشتري القادم هو شركة حكومة وليس شركة تجارية خاصة أمر يثير خوفاً من أن اعتبارات الاستثمار ليست تنافسية بالضرورة. أي أن الحديث يدور عن أداة سياسية لا ترى أمامها مصالح المستهلك والخدمة المقدمة له.
*لأن طبيعة المشتري حكومية، قد تقيد في المستقبل أيدي المنظمين في كل ما يتعلق بخطوات إنفاذ وفرض عقوبات (مثلاً، بسبب خرق قواعد بيئية).
*مصالح “مبادلة” في مصر يمكن أن تمس -في سيناريوهات معينة بالذات- إمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي المنافس.
بالنسبة للاستثمار الأجنبي في بنى تحتية وطنية، فإن سيطرة أقلية مالية على خزان غاز ليست مقلقة على نحو خاص، ولكن المشكلة تبدأ بأنها تمنح أصحابها مقاربة إشكالية للوصول إلى ترتيبات الحماية في البحر والبر، وانكشاف معين للمخابرات العسكرية، واعتبارات جيوسياسية ونقاشات حكومية في الموضوع وما شابه.