سايمون هندرسون معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى-
يشير إنجاز اتفاق "تمار" المموّل من صندوق الثروة السيادية الإماراتي "مبادلة"، إلى أن أبوظبي لم تعيد النظر بجدية في جهود التطبيع مع إسرائيل التي انطلقت بموجب "اتفاقيات إبراهيم" التي وُقِعت في العام الماضي. ورغم المخاوف البيئية المستمرة بشأن التعاون في مجال الطاقة، إلّا أن فرص تحقيق إسرائيل والإمارات لإمكاناتهما التجارية بصورة كاملة لا تزال قائمة.
منذ الإعلان الأوّل عن الاتفاق الإسرائيلي لبيع 22 في المائة من حقل الغاز الطبيعي البحري "تمار" إلى الإمارات العربية المتحدة في نيسان/أبريل، استغرقت الموافقة عليه أربعة أشهر وأسفر عن سعر نهائي قدره 1,025مليار دولار، أو 75 مليون دولار أقل مما كان يؤمل به في الأصل. وتمّت مُطالبة مالكة الحصة السابقة - الشركة الإسرائيلية "ديليك للحفر" - ببيعها بسبب مساعي الحكومة لزيادة المنافسة في قطاع الطاقة. ولا يزال معظم الحقل مملوكاً لشركات إسرائيلية أخرى؛ كما تملك شركة "شيفرون" الأمريكية العملاقة 25٪ من حصة الحقل.
وإذ يقع على بعد حوالي 55 ميلاً (88.5 كم) من ساحل حيفا، يتمّ دفق غاز "تمار" عبر خط أنابيب يبلغ طوله أكثر من 100 ميل (160.9 كم) جنوب منصة تبعد 13 ميلاً (20.9 كم) قبالة ساحل عسقلان، حيث تتم معالجته جزئياً قبل ضخه في منشآت برية في أشدود. وبعد خضوعه لمزيد من المعالجة، يدخل إلى شبكة الغاز في إسرائيل. ويُستخدم بعض هذا الغاز لمحطات الطاقة المحلية؛ ويصدّر الباقي للمنشآت الصناعية الأردنية أو إلى مصر.
ويشير إنجاز اتفاق "تمار" المموّل من صندوق الثروة السيادية الإماراتي "مبادلة"، إلى أن أبوظبي لم تعيد النظر بجدية في جهود التطبيع التي انطلقت بموجب "اتفاقيات إبراهيم" التي وُقِعت في العام الماضي - الأمر الذي شكَّل مصدر قلق كبير بعد المواجهة بين إسرائيل و«حماس» في أيار/مايو. وخلال القتال، حاولت «حماس» مهاجمة منصة "تمار"، التي تقع على بعد ميل واحد (1.6 كم) أو ميلين (3.2 كم) فقط من المنطقة البحرية لغزة.
ومع ذلك، لا تزال المخاوف الإسرائيلية المحلية بشأن روابط الطاقة الإماراتية قائمة. فقد قدّمت وزيرة حماية البيئة تمار زاندبرغ وغيرها احتجاجاً على خطة تقوم بموجبها الإمارات بنقل المنتجات النفطية إلى أوروبا عبر مسار يمرّ في إسرائيل - أي خط الأنابيب الذي يمتد من ميناء "إيلات" على البحر الأحمر إلى عسقلان. وفي تموز/يوليو، رفضت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية نتائج استطلاع بشأن المخاطر البيئية، والذي كانت قد طلبته من "شركة آسيا أوروبا لخطوط الأنابيب"، وهي المؤسسة التي تشغّل خط الأنابيب. وبعد شهر من ذلك، في 29 آب/أغسطس، حدث تسرب في الأنبوب بالقرب من عسقلان، مما تطلب من السلطات استبدال جزء يبلغ طوله 40 قدماً وإزالة 800 طن من التربة الملوثة. وزار كبار المسؤولين الإسرائيليين والوزيرة زاندبرغ الموقع في 31 آب/أغسطس، وأعلنت وزارتها لاحقاً عن إجراء تحقيق جنائي في سبب التسريب.
وعلى الرغم من هذه المشاكل، لا تزال إسرائيل والإمارات تبدوان كشريكين طبيعيين قادرين على رسم معالم مستقبل طاقوي قابل للتطبيق بالنظر إلى تمتعهما بعدد سكان مماثل وقطاعيْ تكنولوجيا متقدمة متشابهين. فعلى سبيل المثال، وصفت "مبادلة" استثمارها في حقل "تمار" بأنه "يعزز محفظتها القائمة على الغاز بما يتوافق مع أهدافها للتحول في مجال الطاقة". ومع ذلك، لم تحمِ الإمارات نفسها بعد من الخسائر من خلال سعيها لتنفيذ استراتيجيات موازية مثل زيادة إنتاجها من النفط، مما يؤدي إلى تكهنات بإمكانية خروجها من منظمة "أوبك" لكي لا تتقيّد بحصص الكارتل.