متابعات-
يبدو أن اتفاقية بين "إسرائيل" والإمارات أثارت الجدل سابقاً تعود مجدداً للواجهة بعد توقيع أبوظبي و"تل أبيب" مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال النقل البحري وتبادل الخبرات في هذا المجال.
وكانت الاتفاقية التي أثارت الجدل ستسهم في ترسيخ بديل عن قناة السويس، وتجعل من دولة الاحتلال الممر الرئيسي للنفط الإماراتي، وربما لبعض الدول التي دخلت في تطبيعٍ معها، ما يؤثر بشكلٍ مباشر على القناة المائية التي تملكها مصر.
وكان الاتفاق جزءاً من سلسلة الاتفاقيات الطويلة التي أبرمها الجانبان منذ تطبيع العلاقات، في سبتمبر 2021، والتي ركزت في مجملها على الاقتصاد، قبل أن توقف "إسرائيل" هذه الخطوة، بسبب معارضة داخلية واسعة، وكونها تمس مصالح أطراف أخرى لديها علاقات استراتيجية مع "تل أبيب".
مذكرة تفاهم
بعد مرور عدة أشهر على تجميد الاتفاقية البحرية لنقل النفط عبر "إسرائيل"، وقعت الإمارات ودولة الاحتلال، في 3 أبريل 2022، مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال النقل البحري وتبادل الخبرات في هذا المجال.
وحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية فقد وقع مذكرة التفاهم من جانب الإمارات وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل المزروعي، ومن الجانب الإسرائيلي وزيرة النقل وأمن الطرق ميراف ميخائيل، على هامش زيارة تجريها إلى البلاد.
وأوضحت أن مذكرة التفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجال النقل، وخاصة البحري منه، ووضع خريطة طريق للعمل المستقبلي المبني على المنفعة المتبادلة، إضافة لتبادل الخبرة بهذا المجال.
وأشارت إلى أن الاتفاق يهدف أيضاً إلى تلبية احتياجات النقل البحري الدولي والاستفادة الكاملة والفعالة من الأسطول البحري والموانئ لكلا البلدين، وضمان السلامة البحرية، ومن ضمن ذلك سلامة السفن وأفراد الطاقم والبضائع والركاب.
ويعزز الاتفاق، حسب "وام"، حماية البيئة البحرية وتطوير التجارة البحرية، إضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن أنشطة المنظمة البحرية الدولية، والمنظمات البحرية الدولية الأخرى، وتعزيز آلية تبادل وجهات النظر في مجال التنمية البحرية والربط والخدمات اللوجستية بين موانئ الطرفين.
تجميد اتفاقية
لا يُعلم بعدُ إن كانت المذكرة تعني استئناف العمل بالاتفاقية المجمدة، بعدما كانت حكومة الاحتلال أعلنت، 16 ديسمبر 2021، وقف صفقة كانت تقوم على نقل النفط الخليجي إلى أوروبا عبر ميناء إيلات، جنوبي الأراضي المحتلة.
وقالت وزيرة حماية البيئة في حكومة الاحتلال، تامار زاندبرج، حينها إنه تم منه "دخول عشرات ناقلات النفط إلى خليج إيلات"، مشيرة إلى أن "إسرائيل لن تصبح جسراً للتلوث في عصر الأزمة المناخية".
وكانت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية أعلنت، في يوليو الماضي، إرجاء تنفيذ اتفاق لنقل النفط من الإمارات إلى "إسرائيل"، وتجميده مؤقتاً، قبل أن يأتي الإعلان الأخير بإيقافه نهائياً.
وقبلها بشهر، كانت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان" قد كشفت النقاب عن أن الإمارات و"إسرائيل" شرعتا بالفعل في تطبيق الاتفاق بينهما، القاضي بنقل النفط الإماراتي عبر أنبوب "إيلات عسقلان" إلى أوروبا.
وبالإضافة إلى تفعيل أنبوب "إيلات عسقلان" المخصص لنقل المواد السائلة وضمنها النفط، فإنّ "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي سبق أن اقترح تدشين خط سكة حديد يصل إيلات بميناء أسدود، ليكون قادراً على نقل المواد الصلبة، التي تصدر من الخليج إلى أوروبا أو العكس.
لا يتضمن نقل النفط
يعتقد الباحث المتخصص في شؤون الطاقة وقضايا الشرق الأوسط خالد فؤاد، أن مذكرة النقل البحري الموقعة أخيراً، لا تتضمن مسألة النقل النفطي وعودة مرة أخرى للاتفاقية الموقعة بينهما سابقاً.
ويرجع ذلك إلى سببين؛ أحدهما يتعلق بـ"الرفض الإسرائيلي الذي تصاعد في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت"، موضحاً بقوله: "هذا لم يكن توجهاً من وزارة البيئة الإسرائيلية، بل من قبل الحكومة الإسرائيلية".
ويضيف لـ"الخليج أونلاين": "حكومة "إسرائيل" تريد إزالة التوتر في علاقاتها مع نظام السيسي، لأن تلك الاتفاقية كان تؤثر بشكل أو بآخر بالعلاقات معها لأنها تضر مصالح مصر".
ويتابع: "لذلك كان التوجه بأن يكون التحرك بشكل غير مباشر من وزارة البيئة الإسرائيلية بما يحافظ على العلاقة مع نظام السيسي".
أما السبب الآخر، وفقاً لفؤاد، فيرجع إلى أن مذكرة التفاهم الجديدة تتعلق بـ"النقل البحري بعيداً عن النفط؛ كتبادل البضائع والسلع الأخرى من خلال البحر، ولن يكون فيها النفط عنصراً رئيسياً أو هاماً".
ويجدد تأكيده أن اتفاق النفط ما بين الإمارات و"إسرائيل" يعتمد بالأساس على خط أنابيب إيلات عسقلان، وهو الذي اتخذ قرار بإيقافه رسمياً في ديسمبر الماضي، تحت ذريعة "الإضرار بالبيئة".
تأثيرات على مصر
في حال إعادة تنفيذ هذا المشروع فإنه سيشكل ضربة قوية لميناء "العقبة" الأردني، وسيكون منافساً قوياً للموانئ المصرية على قناة السويس، ويهدد بوضوح أحلام مصر في التحول إلى مركز إقليمي لتسييل الغاز في المنطقة، قبيل تصديره إلى الجانب الأوروبي.
وتشمل الاتفاقية، التي كان الجانبان قد اتفقا عليها، إمكانية نقل النفط القادم من دول حوض البحرين الأسود والمتوسط باتجاه الأسواق الآسيوية، ما يختصر الوقت والنفقات والتعقيدات الناجمة عن مرور شحنات النفط عبر قناة السويس.
ومعظم النفط القادم من دول الخليج نحو الأسواق الأوروبية يمر إما عبر قناة السويس أو عبر خط الأنابيب المصري سوميد الذي تبلغ طاقته نحو مليونين ونصف المليون برميل يومياً.
يذكر أن ناقلات النفط العملاقة لا تستطيع المرور عبر قناة السويس، ومن ثم فإما أن تفرغ كل حمولاتها في مرفأ عين السخنة النفطي على البحر الأحمر ليجري ضخه عبر أنبوب سوميد إلى مرفأ الإسكندرية على البحر المتوسط، ويعاد تحميله في ناقلات النفط لينقل إلى الأسواق الأوروبية.
أما الخيار الآخر فهو تفريغ جزء من الحمولة في عين السخنة بحيث تستطيع الناقلة المرور عبر قناة السويس.
ولو أعيد هذا الاتفاق، فمن المتوقع أن تجني "تل أبيب" مئات ملايين الدولارات من عوائد نقل هذه المنتجات النفطية، مقابل خسارة القاهرة، لجميع العائدات التي تحصل عليها سنوياً من مرور هذه الصادرات عبر قناة السويس.
وكان الاتفاق جزءاً من سلسلة الاتفاقيات الطويلة التي أبرمتها أبوظبي مع "تل أبيب" منذ تطبيع العلاقات، في سبتمبر 2020، والتي ركزت في مجملها على الاقتصاد.