طه العاني - الخليج أونلاين-
من المنتظر أن تبدأ الكويت بإنشاء أكبر مركز دولي لأبحاث البترول، نهاية العام الجاري، بهدف إنتاج وتكرير النفط الثقيل، وإنماء وإنتاج الغاز غير المصاحب، وتحسين طرق الإنتاج، وتعزيز الإمكانات التكريرية على المستويين المحلي والعالمي.
ونقلت صحيفة "القبس" الكويتية، في 25 مايو، عن وزارة البترول قولها عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إن المركز "يقع بمدينة الأحمدي، ويشمل 28 مختبراً و300 من المعدات العلمية"، وسيوفر العديد من الحلول التكنولوجية
وكانت مجلة "ميدل إيست إيكونوميك دايجست" (ميد) قد قالت، في عام 2016، إن المشروع توقف لأسباب لها علاقة بالميزانية وأوضاع البلاد الاقتصادية.
أكبر مركز دولي
ويعد المركز المتوقع إنشاؤه خلال الأشهر القليلة المقبلة، من أكبر وأهم مراكز البحوث النفطية في المنطقة والعالم، وفق تأكيدات المسؤولين الكويتيين القائمين عليه.
ونقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية، في مارس الماضي، عن مصادر نفطية مسؤولة أن مؤسسة البترول الكويتية ماضية قدماً في إنشاء أكبر مركز دولي لأبحاث البترول، متوقعة البدء بإنشاء المركز في أواخر سنة 2022، على أن يتم تشغيله في أواخر العام المالي 2026/2025.
وقالت المصادر للصحيفة إنه تم الانتهاء من إعداد المخطط التفصيلي للمركز والمستندات الخاصة بالمناقصة، تمهيداً لأخذ الموافقات اللازمة، ويأتي ذلك تنفيذاً لرغبة البلاد بإنشاء كيان للتميز في مجالات البحث والتطوير والتكنولوجيا في القطاع النفطي، وللتغلب على التحديات التكنولوجية التي تواجهها الكويت في أهم قطاعاتها، والتي تتطلب من المؤسسة التعامل معها في المستقبل كي تتمكن من تحقيق التوجهات الاستراتيجية بعيدة المدى للمؤسسة في مجال التكنولوجيا والبحث.
ومن الجدير بالذكر أن المركز سيقام على مساحة 250 ألفاً و800 متر مربع، شمال شرقي مدينة الأحمدي، ويشمل 28 مختبراً تكنولوجياً، وأكثر من 300 من المعدات العلمية الحديثة، إضافة إلى مركز مؤتمرات، وسيستوعب من 400 إلى 600 موظف.
ومن الحلول التكنولوجية التي سيوفرها المركز إنتاج وتكرير النفط الثقيل، وإنماء وإنتاج الغاز غير المصاحب، وتحسين طرق الإنتاج، وتعزيز الإمكانات التكريرية، ودعم العمليات التكريرية والبتروكيماوية المتكاملة على المستويين المحلي والعالمي، إضافة إلى تحديد الإمكانات التقنية المتطورة وأداء العمال في بيئة آمنة ونظيفة.
وعن تكلفة المشروع أفادت صحيفة "الجريدة" الكويتية عن محمد خليفة العبد الجليل، المسؤول في شركة نفط الكويت، عام 2014، قوله بأن تكلفة إنشاء المبنى والتجهيزات فقط تصل لنحو 200 مليون دينار (654 مليون دولار)، على أن تحدد لاحقاً التكاليف الإضافية لإدارة المركز والتكاليف الخاصة للخبرات العاملة فيه.
أحد الركائز الاستراتيجية
وتعود خطط إنشاء مركز لأبحاث البترول والبتروكيماويات تابع لمؤسسة البترول الكويتية إلى عام 2010، وذلك تنفيذاً لاستراتيجية المؤسسة.
وأفادت وكالة الأنباء الكويتية، في 2 يونيو 2010، بأن إنشاء مركز الأبحاث يعتبر أحد الركائز الأساسية لاستراتيجية المؤسسة في مجال البحث والتكنولوجيا؛ والتي نصت على الاستثمار في مشاريع البحث والتطوير وإدارة وتطبيق التكنولوجيا الحديثة المناسبة في جميع عملياتها الخاصة في مجالات الاستكشافات والإنتاج والتكرير والتصنيع وصناعة البتروكيماويات.
وأوضحت أن مهام مركز الأبحاث ستتركز على إجراء الأبحاث التطبيقية في مجالات استراتيجية محددة بهدف التصدي للتحديات التقنية والفنية التي ستواجه القطاع النفطي الكويتي مستقبلاً في سعيه لتحقيق أهدافه المرسومة له في الخطط التشغيلية للقطاع على المديين المتوسط والبعيد؛ للاستغلال الأمثل للمصادر الهيدروكربونية لدولة الكويت.
وتتضمن أهداف مركز أبحاث البترول الاحتفاظ بقدرات وطنية في القطاع النفطي في مجال البحث والتطوير، وإكساب العاملين الكويتيين مهارات وخبرات فنية وعلمية عالية المستوى في استخدام وتطبيق أحدث التقنيات وأكثرها تطوراً، وجذب خبرات عالمية على قدر كبير من المهارة والعلم في الأبحاث ذات العلاقة بالصناعة النفطية للعمل في المركز، بالإضافة إلى إتاحة المجال للتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين للمؤسسة من الشركات النفطية العالمية، وشركات الخدمات البترولية، والجامعات، ومراكز الأبحاث المحلية والعالمية، في تنفيذ البرامج البحثية للمركز.
ومن الجدير بالذكر أن قرار إنشاء مركز الأبحاث يأتي منسجماً مع قرارات المجلس الأعلى للبترول التي صدرت سابقاً بهذا الخصوص، ومماثلاً للنهج الذي سلكته معظم شركات النفط العالمية والوطنية في إنشاء مراكز أبحاث خاصة بها وتحت إشرافها المباشر.
وبيّنت الوكالة الرسمية أن إدارة المركز ستتم من خلال مجلس إدارة يتكون من ممثلين عن المؤسسة وشركاتها التابعة، إضافة إلى نخبة من خبراء عالميين من ذوي الاختصاصات في الأبحاث والعلوم المتعلقة بالصناعة النفطية، كما سيتم إنشاء مجلس استشاري من ذوي الاختصاص لتقديم الدعم الفني والعلمي لمجلس الإدارة.
رفع مستوى المنافسة
ويقول الخبير النفطي أحمد صدام: إن "من أبرز أهداف هذا المركز هو تعزيز مستوى الكفاءة الإنتاجية في مجال تكرير النفط وإنتاج الغاز من خلال تحسين طرق الإنتاج".
ويبين في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن أهمية هذه الخطوة تتمثل في السعي نحو تقليل تكاليف الإنتاج النفطي والتكرير، وهذا يعني تقليل حدة الآثار التي يسببها انخفاض أسعار النفط مستقبلاً على الاقتصاد الكويتي.
ويشير صدام إلى أن دلالات هذه الخطوة تتمثل في رفع مستوى المنافسة على المستوى الخليجي، إذ يحفز ذلك على التوجه نحو خطوات مماثله في دول المجلس الأخرى، وهذا بحد ذاته يعزز من مستوى الترابط الاقتصادي ما بين دول المجلس.
وعالمياً من الممكن أن يؤثر هذا المركز على تعزيز العلاقات الدولية للكويت، فضلاً عن تنشيط الحركة البحثية في مجال النفط والصناعات المرتبطة به.
ويرى أن تأثيرات المركز المتوقعة مرهونة بمستوى الإنجازات التي سوف يحققها، "ولكن على ما يبدو فإن الإمكانيات الكبيرة في المركز من أجهزة ومختبرات وقوى عاملة ستكون جاذبة للخبرات الدولية في مجال النفط وبمختلف التخصصات، مما يقود إلى رفع مستوى دولة الكويت على المستوى الدولي بشكل أكبر".