طه العاني - الخليج أونلاين-
تتجه دولة الإمارات في الآونة الأخيرة نحو توسيع استثماراتها في مجالات الطاقة المتجددة، داخل البلاد وخارجها، وسط اهتمام ملحوظ بمواكبة التطورات والتكنولوجيا المتعلقة بهذا الشأن.
ومع تسارع عودة العلاقات بين تركيا والإمارات، خلال الأشهر الأخيرة، كانت مشاريع الطاقة المتجددة إحدى أبرز ملفات التعاون المشترك بين البلدين، وتوّج ذلك بإعلان واحدة من أكبر صفقات الطاقة المتجددة بينهما.
صفقة كاليون إنرجي
وفي تطور جديد بهذا الشأن أعلنت الشركة العالمية القابضة الإماراتية، إحدى الشركات الاستثمارية العملاقة في منطقة الشرق الأوسط، في 11 أغسطس الجاري، استحواذها على حصة 50% في شركة "كاليون إنرجي" الرائدة في سوق الطاقة النظيفة بتركيا مقابل 1.8 مليار درهم (490 مليون دولار) من خلال شركتها التابعة "إنتيرناشونال إنيرجي القابضة".
وتنقل صحيفة "الاتحاد" الإماراتية عن سيد بصر شعيب، الرئيس التنفيذي للشركة العالمية القابضة، قوله: "يشكل هذا ثاني أكبر استحواذ للشركة العالمية القابضة في قطاع الطاقة المتجددة حتى الآن، فمن خلال هذه الصفقة تعمل الشركة العالمية القابضة على تسريع نموها في قطاع الطاقة المتجددة من خلال الشراكة مع كاليون انرجي، حيث يشكل هذا الاستحواذ إضافة مهمة لمحفظة الطاقة المتجددة لدينا، والتي سنواصل نموها عبر الأسواق المختلفة".
وتشمل الصفقة الجديدة مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية بسعة مركبة 1347.734 / 1000 ميغاواط في منطقة كارابينار في مدينة قونية، ومشروع طاقة الرياح في أنقرة الذي يعمل بقدرة 1 غيغاواط، ومشروع طاقة شمسية 100 ميغاوات في مدينة نيدا التركية، وكذلك مشروع طاقة شمسية 50 ميغاوات في غازي عنتاب، ومشاريع متجددة أخرى في مدن مختلفة من تركيا.
من جانبه اعتبر كمال كاليون، رئيس مجلس إدارة شركة كاليون القابضة، أن هذا التعاون الاستراتيجي له أهمية كبيرة ليس للبلدين فقط، وإنما على المستوى الإقليمي، مؤكداً أن "الخطوات التي اتخذت في قطاع الطاقة والاستثمارات جذبت نسبة عالية من انتباه المستثمرين الأجانب حتى الآن، لا شك أن هذا التعاون له أهمية تاريخية من حيث تحقيق كل من المشاريع المحتملة في تركيا".
أهمية الصفقة
وتعقيباً على استحواذ الإمارات على 50% من أسهم شركه كاليون التركية لإنتاج الطاقة قال سعيد العبسي، الكاتب والمحلل المالي: إن "الإمارات من خلال هذا الاستحواذ الضخم تسابق العصر في الاستثمار في أسهم أكبر شركة تركية للطاقة المتجددة".
ويبين لـ"الخليج أونلاين" أن هذا التشارك الإماراتي التركي "سيولد وبكل تأكيد عملاقاً جديداً في العالم لإنتاج الطاقة المتجددة، والتي من خلالها سيتمكن نحو مليوني إنسان من استخدام الطاقة الكهربائية النظيفة الناتجة عن هذا المشروع العملاق".
وأضاف العبسي أن استغلال الطاقة الشمسية له العديد من المزايا، يذكر منها على سيل المثال أنها "طاقة نظيفة، فهي ليست لها آثار بيئية ضارة، كما يمكن استغلالها طوال السنة، إضافة إلى إمكانية تخزينها".
ويؤكد أنه "يمكن استخدامها في مختلف مناحي الحياة؛ كالإنارة والزراعة، وتسيير السيارات والقوارب، وحتى الهواتف النقالة، ويمكن توليد الطاقة الكهربائية بواسطتها وتسخين المياه، فضلاً عن كونها طاقة رخيصة بالمقارنة مع استهلاك الوقود وبمختلف أنواعه".
وختم العبسي حديثه بالقول: "إن هذا الاستثمار في الطاقة المتجددة هو الاستغلال الأفضل لأشعة الشمس لإنتاج طاقة نظيفة ليس لها أي آثار سلبية على المناخ والبشر، لذا فهو استثمار مربح وستكون له عوائد جيدة ومتجددة".
[1]
أكبر محطة شمسية
وتعد محطة "كاليون"، التي تمتلكها "كاليون إنرجي"، أكبر محطة طاقة شمسية في تركيا، على مساحة تقارب 20 مليون متر مربع، في منطقة كارابينار في محافظة قونية، جنوب وسط البلاد.
وتشير صحيفة "الطاقة" السعودية، في تقرير نشرته في يوليو الماضي، إلى أن المحطة التي من المخطط الانتهاء منها بحلول نهاية العام الجاري، تستهدف التخلص من 1.5 مليون طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سنوياً، وتعمل على توفير الكهرباء النظيفة لنحو مليوني مواطن تركي.
وبدأ العمل بإنشاء هذه المحطة في أغسطس 2020، ومن المتوقع أن تحتوي على 3.5 مليون لوحة كهروضوئية، تم توفيرها من خلال مصنع أنشئ بالقرب من موقع المحطة.
ومع الانتهاء الكامل من تنفيذ المحطة فإنها ستكون قادرة على إنتاج كهرباء تكفي احتياجات أسبوع واحد لمدينة يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة في ساعة واحدة فقط، بحسب منصة الطاقة المتخصصة.
وتعمل محطة "كاليون" على رفع قدرة الطاقة الشمسية في تركيا من نحو 7 غيغاواط إلى 8 غيغاواط، بما يعادل 20% من مزيج الكهرباء الوطنية، ويبلغ إجمالي استثماراتها نحو مليار دولار، حيث حصلت شركة كاليون على تمويل بقيمة 800 مليون دولار من عدّة مصارف، من بينها نحو 258 مليون دولار من الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات.
كما وقعّت الشركة في وقت سابق من هذا العام، على صفقة تمويل بقيمة 812 مليون دولار لمدة 12 عاماً لهذه المحطة الكبرى في تركيا، والمصنّفة ضمن أكبر 5 محطات في العالم.
التعاون بمجال الطاقة
وكانت مشاريع الطاقة المتجددة في صدارة مباحثات البلدين خلال الزيارة التي أجراها وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى تركيا، ولقائه مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في 28 مايو 2022، وفق ما أعلنته حينها وكالة أنباء الإمارات "وام".
وفي تعليقه على سؤال حول مستقبل العلاقات مع تركيا وفرص الاستثمار، قال وزير الخارجية الإماراتي إن بلاده تولي اهتماماً كبيراً لمجال الطاقة بشكل عام، وقد تناولت المباحثات بعض الأفكار، خاصة في الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية والكهرباء.
وتابع قائلاً: "إحدى أهم الشركات اليوم على المستوى العالمي هي شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، التي لديها اهتمام كبير بالبحث عن فرص في تركيا، سواء على مستوى الشركات والقطاع الخاص أو الحكومة التركية".
وأشاد آل نهيان بنجاح الشركة الإماراتية في توفير أرخص الإنتاج من الطاقة الشمسية على مستوى العالم، مشدداً على وجود اهتمام كبير من الشركات الإماراتية في تركيا بمجال الطاقة، وكذلك مجالات الموانئ والسكك الحديدية.