سلمى حداد - الخليج أونلاين-
قفزة توسعية هائلة حققتها شركات محطات تعبئة الوقود في دول الخليج العربي خلال السنوات القليلة الماضية، مستفيدة من زيادة الطلب العالمي على مشتقات النفط، والزيادة الكبيرة في أعداد السيارات.
وهذا التوسع الذي يزيد على 100 محطة وقود سنوياً في دول الخليج مجتمعة وفر إيرادات ضخمة لهذه الشركات الخليجية ربما تصل إلى نصف مليون دولار يومياً في كل بلد، وفق ما يرى خبراء.
سباق توسع
وتملك شركات محطات وقود رئيسية في دول الخليج خطط توسع جديدة خلال الأعوام المقبلة أعلنتها مؤخراً، خاصة "أرامكو" السعودية و"أدنوك" الإماراتية و"وقود" القطرية" و"أومكو" العُمانية.
وأحدث الخطط كشفت عنها شركة "أومكو" العُمانية، حيث أعلنت، في 14 فبراير الجاري، أنها تعمل على توسعة محطات الوقود التي تملكها في السعودية لتصل إلى 50 محطة بحلول العام 2025.
وقال ناصر بن صالح المعولي، المدير الإقليمي في المملكة للشركة، إنها تملك حالياً 16 محطة وقود في السعودية، إضافة إلى 10 محطات في مراحل مختلفة من الإنشاء متوقع استكمالها بنهاية العام 2023.
وأضاف المعولي في لقاء مع موقع "أرقام" الاقتصادي السعودي، إنه "من خلال المحطات الجاري إنشاؤها يصل عدد محطاتنا إلى 26 محطة وقود بالمملكة، موزعة على المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية".
وأشار إلى أن خطة التوسع في المملكة بدأت عام 2018 برأس مال يقارب 100 مليون ريال (26 مليون دولار)، وتم تشغيل أولى محطاتها عام 2019، ومن المخطط رفع رأس المال بشكل يتوافق وتطلعات الشركة واتساعها بالسوق.
وفي 15 فبراير الجاري، أعلنت شركة "أدنوك للتوزيع" الإماراتية، استكمال استحواذها على حصة 50% من شركة "توتال إنرجيز للتسويق" في مصر، بقيمة تقترب من 186 مليون دولار.
وقالت "أدنوك" الرائدة على مستوى الإمارات، في قطاع توزيع الوقود ومتاجر التجزئة، في بيان، إن إتمام هذه الصفقة سيكون أول حضور رسمي لأكبر شركة إماراتية في قطاع توزيع الوقود ومتاجر التجزئة في السوق المصرية.
وأضافت أنه من المتوقع أن تعزز الصفقة أرباح "أدنوك للتوزيع" قبل خصم الفوائد والضريبة والاستهلاك والإطفاء، وذلك بعد مرور العام الأول على استكمال عملية الاستحواذ بزيادة نسبتها 6%.
وتُعد "توتال إنرجيز" واحدة من أكبر أربع شركات بيع الوقود بالتجزئة في مصر، مع علامة تجارية قوية وسجل حافل بالنجاحات.
ويشكل هذا الاستحواذ خطوة مهمة ضمن مسيرة "أدنوك للتوزيع" وخططها للتوسّع دولياً.
وفي العام 2021، أطلقت شركة "أرامكو" السعودية و"توتال إنيرجيز" الفرنسية، باكورة الشبكة المشتركة للبيع بالتجزئة وذلك بتدشين محطتين في العاصمة الرياض ومدينة سيهات في المنطقة الشرقية.
ويأتي ذلك في أعقاب التوقيع على اتفاقية مشروع مشترك مناصفة بين "أرامكو" و"توتال إنيرجيز" في عام 2019، في ظل خطط لتحديث شبكة محطات مُستحوذ عليها تتكون من 270 محطة وقود.
كما تملك مؤسسة الإمارات العامة للبترول (إمارات) خططاً توسعية محلية لزيادة عدد محطاتها لتصل إلى 180 في العام 2025، عبر إنشاء 81 محطة في أنحاء البلاد، بتكلفة تصل إلى 1.5 مليار درهم (401 مليون دولار).
أما شركة قطر للوقود (وقود) فقد أضافت 7 محطات لحصيلة المحطات التي تملكها العام الماضي ليصبح عددها 129 محطة.
استهلاك بين الأعلى عالمياً
وفي عرض سريع لأبرز البيانات المرتبطة بعمل محطات الوقود في دول الخليج، فإن المملكة العربية السعودية تملك نحو 10 آلاف محطة موزعة في أنحاء المملكة، فيما سجل الطلب المحلي على البنزين نحو 577 ألف برميل يومياً، حسب بيانات رسمية صادرة في نهاية العام 2021.
ونقلت صحيفة "الرياض" السعودية عن مدير مركز التكرير بجامعة الملك فهد للبترول، سليمان الخطاف، قوله: إن "هذا الاستهلاك بلا شك كبير لدولة عدد سكانها 31 مليون نسمة، وبحاجة إلى دراسة الأسباب التي أدت إلى أن تصبح المملكة ثامن أكبر مستهلك للبنزين بالعالم، وتسبق دولاً يبلغ عدد سكانها أضعافاً مضاعفة لسكان المملكة".
وأشار الخطاف إلى أن استهلاك المملكة وصل، في مارس 2017، إلى 617 ألف برميل بنزين باليوم، وقد كان أعلى استهلاك بتاريخ المملكة على الإطلاق، لافتاً إلى أن هذه الزيادة كانت مرتبطة بارتفاع حركة الطيران بالمملكة.
وفي الإمارات يزيد عدد محطات البنزين على 800 محطة، وتملك شركات توزيع الوقود بالدولة خططاً توسعية لرفع هذا الرقم إلى نحو 900 بحلول العام 2025.
وفي العام 2022، حققت شركة أدنوك للتوزيع، أكبر شركات توزيع الوقود بالإمارات، نتائج أعمال قوية بدعم من ارتفاع الطلب على الوقود.
كما أعلنت الشركة الإماراتية، في 9 فبراير الجاري، ارتفاع أرباحها قبل خصم الفائدة والضريبة والاستهلاك والإطفاء بنسبة 15% على أساس سنوي مسجلة 3.52 مليارات درهم (0.96 مليار دولار).
وكشفت نتائج أعمال أدنوك للتوزيع في 2022 عن ارتفاع صافي الربح بنسبة 22% على أساس سنوي ليبلغ 2.75 مليار درهم (0.75 مليار دولار) خلال 2022.
وفي قطر بلغ صافي أرباح شركة قطر للوقود (وقود)، أكبر شركات محطات الوقود في البلاد، في أول 9 أشهر من العام 2022، 763 مليون ريال (210 ملايين دولار)، مقارنة بمبلغ 691 مليون ريال (189 مليون دولار) تم تحقيقه عن نفس الفترة من العام 2021، وبارتفاع وصل إلى حوالي 72 مليون ريال (19.7 مليون دولار)، أي بنسبة ارتفاع بواقع 10.4%.
ووفقاً لتقرير شركة (بريتش بتروليوم) السنوي عن سوق الطاقة العالمية، فإن استهلاك قطر من الوقود ارتفع إلى 354 ألف برميل في 2020.
وعلى صعيد الكويت، فإنها تملك 134 محطة وقود موزعة في أنحاء البلاد، ويبلغ معدل الاستهلاك اليومي من البنزين نحو 12.2 مليون لتر، حسب بيانات صدرت عن هيئة "البترول الوطنية" في ديسمبر 2022.
وذكرت الهيئة أن كل مؤشرات الاستهلاك للوقود شهدت ارتفاعات كبيرة خلال السنة المالية الماضية، بنسب تراوحت بين 12% للبنزين الممتاز الذي يسيطر على مبيعات السوق المحلية بنحو 2.8 مليار ليتر سنوياً، أي بمعدل استهلاك يبلغ 7.6 ملايين ليتر يومياً.
وفي البحرين، كشف وزير النفط، الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، في أبريل 2021، عن وجود 54 محطة وقود مرخصة عاملة بالمملكة، منها 51 محطة برية للسيارات و3 محطات بحرية عامة للقوارب موزعة على مختلف مناطق المملكة.
ووصل إجمالي عدد محطات تعبئة الوقود التجارية القائمة في مختلف محافظات سلطنة عمان حتى نهاية العام الماضي إلى 660 محطة.
وتتمثل هذه المحطات في شركة النفط العُمانية وشركة المها العُمانية وشركة شل العُمانية وشركة هرمز للطاقة، وذلك وفقاً للإحصائيات الصادرة من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في ديسمبر 2022.
وارتفعت مبيعات وقود السيارات العادي بالسلطنة لتصل، في نهاية يوليو 2022، إلى 3 ملايين و144 ألف برميل، وبنسبة ارتفاع قدرها 244%، وفق البيانات نفسها.
الأعلى ربحاً
وفي قراءته لتوسع الاستثمار الخليجي في محطات بيع الوقود، يرى المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، أن "الاستثمار في مجال الطاقة بشكل عام من الاستثمارات الاستراتيجية والمجدية اقتصادياً، والتي تتجه الكثير من الشركات نحوها وخصوصاً في دول الخليج".
ويضيف أبو قمر، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "الاستثمار في محطات الوقود من أهم أنواع الاستثمار بالطاقة حالياً، وبين أكثرها ربحاً، لكونها تعتمد على التجزئة".
ويشير إلى أن "محطات الوقود في دول الخليج العربي مجتمعة تحقق ربحاً لا يقل عن نصف مليون دولار يومياً بسبب الاستهلاك المرتفع في هذه الدول".
"حالياً نجد أن هناك تنافساً بين الكثير من الشركات الخليجية والعالمية على التوسع في محطات الوقود وفي كل ما يلزم المركبات من خدمات، وذلك نتيجة الأرباح الكبيرة التي تحققها"، يكمل المحلل الاقتصادي.
ويوضح أن "الشركات الخليجية تعمل حالياً على الانتقال من بيع النفط الخام إلى الاستثمار فيه، وهو ما يزيد العوائد المادية ويدعم خطط التنوع الاقتصادي التي تنتهجها دول الخليج وفق خططها للمدى البعيد".
وعلى الجانب الآخر نجد أن "إقامة محطات الوقود تعتبر إحدى الطرق التسويقية لشركات الطاقة وخدمات السيارات العاملة في دول الخليج في ظل محاولاتها للتوسع واستقطاب المستهلكين"، حسب أبو قمر.
ويرى، في نهاية حديثه، أن "محطات الوقود تكون داعمة للسياحة في دول الخليج، وخصوصاً السياحة البينية للمواطنين الخليجيين والتي تتم عبر المركبات".