جيوبوليتيكال مونيتور - ترجمة الخليج الجديد-
لماذا تتجه الصين نحو شراكة متصاعدة مع دول مجلس التعاون الخليجي؟ حول إجابة هذا السؤال دار تحليل لساكشي شوداري و فيديا باراجي، أشارا فيه إلى أن تلك الشراكة تمثل تحديًا لكل منهما، على خلفية الحقائق الجيوسياسية المعقدة التي يواجهها كلا الطرفين.
وأورد التحليل، الذي نشره موقع "جيوبوليتيكال مونيتور" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي مدفوعة بشكل أساسي بمصالح الطاقة لكلا الطرفين، إذ تشارك الشركات الصينية المملوكة للدولة في شركات النفط بالمنطقة وتستثمر فيها لتلبية احتياجاتها النفطية.
كما ركزت الصين بشكل متزايد على تنويع استثماراتها بما يتجاوز النفط من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتمويل والاتصالات واستكشاف الفضاء والطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات. وفي المقابل، يتصاعد استثمار دول مجلس التعاون الخليجي في مشاريع الطاقة الخضراء للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة من خلال إنشاء مزارع الرياح، والاستثمار في وقود الهيدروجين، والطاقة النووية، والطاقة الشمسية.
ويعتمد التحول إلى الطاقة المتجددة في دول الخليج على عوامل خارجية، مثل الحصول على الأجزاء الخاصة بالألواح الشمسية من الصين، وهو ما واجه صعوبة بسبب عمليات الإغلاق المرتبطة بفترة جائحة كورونا.
كما أن الواقع الجيوسياسي يمثل تحديا آخر للشراكة الصينية الخليجية، فرغم أن مشروع مبادرة الحزام والطريق الصيني الطموح (BRI) أدى إلى زيادة الاستثمار الأجنبي في البنية التحتية الرئيسية بالمنطقة، إلا أن تمكن بكين من تحقيق التوازن بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي أصبح أكثر بروزًا.
ومن الصعب على الصين أن توازن علاقاتها مع كلا الدولتين، بالنظر إلى صراعات الهيمنة الإقليمية بينهما.
ورغم أن الصين ظلت بعيدة عن الأزمات والخلافات الإقليمية، إلا أنها وقعت "اتفاقية شراكة استراتيجية" مع كل من إيران ودول مجلس التعاون الخليجي.
وفي الآونة الأخيرة، سهلت الصين محادثات "التطبيع" بين إيران والسعودية، ما زاد من تعزيز الدور الاقتصادي والدبلوماسي للصين في المنطقة.
وشكلت القمة الخليجية الصينية للتعاون والتنمية، التي عقدت بالرياض في ديسمبر/كانون الأول 2022، تحولًا مهمًا في سياسة الصين تجاه منطقة الخليج.
ووقعت كل من دول مجلس التعاون الخليجي والصين خطة عمل مشتركة مدتها 5 سنوات لإقامة حوار استراتيجي وتوسيع تعاونهما إلى ما يتعدى تجارة النفط.
وأشارت القمة إلى تعزيز مبادرة الحزام والطريق، والتعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وتكامل الاقتصادات العربية مع الصين، وتداول نفط الخليج في بورصة شنغهاي.
وإضافة لذلك، كانت القمة هي المناسبة الأولى التي تطالب فيها الصين إيران صراحة بشأن أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وبينما ستستفيد دول مجلس التعاون الخليجي والصين كثيرًا من هذه الشراكة الاستراتيجية، فسيتعين عليها تحقيق التوازن في علاقاتها مع الجهات الفاعلة الأخرى.
وسيعتمد النجاح في تلك العلاقة بشكل أساسي على قدرة دول الخليج على ممارسة استقلاليتها الاستراتيجية والتنقل في علاقاتها بين كل من الصين والولايات المتحدة.
فالعلاقات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تعرضت لانتكاسة بسبب اتخاذ دول المجلس قرارات مستقلة عن النفوذ الأمريكي مؤخرا، منها خفض إنتاج النفط ورفض طلب الإدارة الأمريكية لمزيد من الإنتاج، والموقف المحايد من حرب أوكرانيا.
وهنا يشير التحليل إلى أن عالم ما بعد جائحة كورونا تميز بالتنافس بين الصين والولايات المتحدة، لكن غرب آسيا يمكن أن تكون منطقة مساحة لعلاقة تكافلية بينهما، إذ أن المزيد من الاستقرار في المنطقة يفيد كلا منهما.
ولأن الصين تتمتع بعلاقات ثنائية قوية مع إيران ودول مجلس التعاون الخليجي على أساس العلاقات الاقتصادية، فإن لديها مجالًا أكبر للمناورة داخل المنطقة، على عكس المشاركة الأمنية للولايات المتحدة.