يوسف حمود - الخليج أونلاين-
يسعى عدد من دول العالم، خاصة الكبرى، إلى تحقيق أمنها في الطاقة، لتجد في ما يسمى بالموارد غير التقليدية، ممثلة بالغاز والنفط الصخريين، بديلاً مفترضاً لمصادر الطاقة التقليدية، ومصدراً إضافياً للطاقة بمعية الطاقات المتجددة كذلك.
غير أن من أبرز العراقيل التي واجهت هذه الدول الساعية لاستغلال الغاز والنفط الصخريين لاعتبارات اقتصادية خاصة، تلك التحديات البيئية التي يطرحها هذا الاستغلال، ولا سيما أن أطرافاً كثيرة تناهض استغلال الموردين السابقين بدعوى أنهما مضران بالبيئة.
ويجمع محللون في قطاع الطاقة على أن الأوقات العصيبة التي يمر بها منتجو النفط الصخري بسبب الأوضاع العالمية الحالية توفر فرصة مثالية للشركات الدولية المختلفة للاستفادة من التطور التكنولوجي، خصوصاً مع ما يشهده العالم من طفرة يقودها 10 منتجين للنفط والغاز الصخريين بينها دولتان عربيتان.
طفرة قادمة
لا تتوقف دول العالم الكبرى عن البحث عن طرق مختلفة لتوفير الطاقة، ومن بينها ما يتعلق بالنفط والغاز الصخريين، حيث يشير موقع "أويل برايس" الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة تقف بالمقدمة، حيث توصف بدولة رائدة في إنتاج النفط الصخري، في حين تتولى الصين زمام موارد الغاز الصخري.
ووفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تمتلك الولايات المتحدة أكبر مورد قابل للاستخراج من النفط الصخري على مستوى العالم، حيث يبلغ حتى الآن 78.2 مليار برميل، وتليها روسيا بـ74.6 مليار برميل.
ورغم كون الصين وافداً جديداً نسبياً على الساحة، فإنها تحتل مكانة مهمة باحتياطي يبلغ 32.2 مليار برميل، مما يسهم بنسبة 7.7% من الحصة العالمية.
كما وصلت الأرجنتين وليبيا والإمارات العربية المتحدة إلى مراتب متقدمة، وهو ما يشير إلى التوزيع المتنوع لموارد النفط الصخري في جميع أنحاء العالم.
وتحتل الأرجنتين المركز الرابع عالمياً بـ27 مليار برميل، تليها ليبيا بـ26.1 مليار برميل، بنسبة 6.2% من الحصة العالمية، والإمارات سادسة بـ22.6 مليار برميل، وبنسبة في الحصة العالمية 5.4%، ثم تشاد 16.2 مليار برميل.
أما فيما يتعلق بالغاز الصخري فإن الصين تتصدر بـ 1115.2 تريليون قدم مكعبة، تليها الأرجنتين بـ 801.5 تريليون قدم مكعبة، فيما جاءت الجزائر ثالثة بـ707 تريليونات قدم مكعبة.
وينعكس تصاعد هذا الجانب على النفط، حيث يؤثر تأثيراً مباشراً على أسعار النفط وإنتاجه، الذي تتميز دول الخليج بشكل كبير في إنتاجه عالمياً وتتصدر مراتب متقدمة.
خفض التكلفة
وبعد سنوات من ارتفاع تكاليف إنتاجه، بدأت شركات النفط الصخري تبحث عن فرص خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق أرباح أكبر من الآبار.
إذ بحسب تقرير بنشرة "أويل برايس" الأمريكية النفطية، فقد انخفضت تكاليف إنتاج النفط الصخري بنسبة 1% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الماضي 2023. وهي المرة الأولى التي تقلصت فيها تكاليف الإنتاج منذ ثلاث سنوات.
وانخفضت أسعار أنابيب الحفر إلى النصف خلال 2023، وتراجعت أسعار الحفارات اليومية بأكثر من 10%، كذلك تتجه تكاليف الصلب والديزل إلى الانخفاض.
وفي ذات الصدد، قال مصرف "غولدن ساكس" الاستثماري الأمريكي إن تكلفة الحفر تراجعت بنسبة 50% خلال 2023.
ووفق البنك، فإن تكاليف إنتاج النفط الصخري ستكون أقل بنسبة 10% في عام 2024، وهو ما يكفي لتعزيز الأرباح والتدفقات النقدية بشكل كبير لشركات النفط الصخري.
دول الخليج
وإلى جانب الإمارات، فإن البحرين أعلنت، في الربع الأول من العام الماضي 2023، أنها بدأت بإنتاج النفط الصخري، معولة على زيادة أسعار النفط لجذب المستثمرين لتطوير المشروع.
والبحرين هي أول دولة اكتشفت النفط في منطقة الخليج العربي منذ عام 1932، عندما اكتشفت البئر رقم واحد بمنطقة جبل الدخان، ولكن إنتاجها من الوقود الأحفوري أقل بكثير من الدول المجاورة لها مثل السعودية.
أما السعودية فقد أكدت، في العام 2020، أنها ستقتحم بقوة قطاع الغاز الصخري بإطلاق أكبر مشروع للغاز الصخري خارج الولايات المتحدة، وسيقام في حقل الغاز العملاق الجافورة.
وإذا حققت "أرامكو" أهداف تطوير الحقل فإن السعودية ستصبح ثالث أكبر منتج للغاز في العالم بحلول 2030 بعد الولايات المتحدة وروسيا.
أما الكويت فقد دخلت خططها لإنتاج الغاز الصخري مرحلة متقدمة، حينما كشفت أنها ستبدأ بتشغيل محطتي إنتاج جديدتين العام الجاري، بينما يتطلب الأمر المزيد من الوقت لمعرفة ما إذا كانت ستنافس على هذا المورد عالي التكاليف.
وقالت شركة نفط الكويت في بيان لها، إنها تتوقع "بدء تشغيل محطتي الإنتاج الجوراسي 4 و5 أوائل عام 2024، وأن معدل الإنجاز وصل إلى ما يقرب من 70٪.
ومع سعيها للحفاظ على موقعها الريادي في سوق الغاز العالمية، كأكبر مصدر للغاز المسال في العالم، تتجه قطر إلى الاستثمار في شركات إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة وأستراليا، فيما تستهدف الاستحواذ على 40% من تجارة الغاز العالمية بحلول 2030.
أما في عُمان فقد أعلنت شركة "بي. بي.عُمان"، في ديسمبر 2020، إكمال أول عملية تحفيز إنتاج لإحدى الآبار عن طريق التصديع الصخري في المربع 61، الذي يقع في حقل غزير، وقامت بها شركة "أبراج" لخدمات الطاقة.
الغاز والنفط الصخري
والنفط الصخري نوع من النفط الخام الخفيف الموجود في طبقات صخرية عميقة تحت سطح الأرض، ويستخرج بالتكسير الهيدروليكي عن طريق حفر آبار أفقية.
أما الغاز الصخري فهو غاز طبيعي محصور في طبقات صخور تشبه في تركيبها الصفائح التكتونية الصخرية، وتستخدم لاستخراجه تقنية معقدة مقارنة بتقنية استخراج الغاز الطبيعي التقليدي.
وحالياً تستخدم تقنية تحطيم الأحجار بواسطة الماء المضغوط من أجل إحداث شقوق خلال المسام المحتوية على الغاز والنفط، وقد يصل الحفر اللازم لاستخراجه إلى مسافة 3كم، وبعض هذا الغاز قد يكون ممتصاً في المواد العضوية التي نشأ منها، كما يلزم لاستخراجه حفر آلاف الآبار.
ورغم أن اعتبارات أمن الطاقة، وارتفاع أسعار المصادر الأخرى، تحفز تطوير تقنية استخراج الغاز الصخري، فإن المنظمات المعنية بالبيئة حذرت كثيراً من المخاطر الجسيمة التي يمكن أن تنجم عن عمليات استخراجه، ومدى تأثيرها على الإنسان والنظام البيئي برمته.