متابعات-
يواصل تحالف "أوبك بلس" تمديد خفض إنتاج النفط الخام في إطار مساعيه لضبط سوق النفط ومنع انهياره في ظل التوترات السياسية والاقتصادية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم.
ولكن قيود الإنتاج هذه لا تشمل الإمارات التي لطالما تحفظت عليها سابقاً قبل أن تتفق مع دول التحالف النفطي على استثنائها ضمن خطط إنتاج محددة.
الإمارات.. استثناء
والأحد 2 يونيو الجاري، أفاد بيان صادر عن أوبك بأن تحالف "أوبك بلس" اتفق خلال اجتماعه الافتراضي على تمديد شريحة من تخفيضات إنتاج النفط في 2025 بأكمله.
وجاء اتفاق الأعضاء الـ22 في "أوبك بلس" بغرض دعم الأسعار في مواجهة العديد من عوامل عدم الاستقرار.
وأوضح بيان التحالف أن "أوبك بلس" المؤلف من أعضاء منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية، وعشر دول حليفة لها أبرزها روسيا، "سيمدّد مستوى إنتاج النفط الخام من الأول من يناير 2025 وحتى 31 ديسمبر من العام نفسه".
وأظهر جدول ملحق بالبيان أن جميع دول أوبك تحدد لها نفس مستوى الإنتاج المطلوب في 2025 مثل عام 2024، باستثناء الإمارات التي ارتفع إنتاجها إلى 3.519 ملايين برميل يومياً، بزيادة 300 ألف برميل يومياً.
وذكر البيان أن الزيادة الإماراتية ستكون تدريجياً على مراحل، ابتداء من يناير 2025 حتى نهاية سبتمبر 2025.
بداية التحفظ
حكاية الاستثناء الإماراتي بدأت في أكتوبر 2022، حين اجتمعت دول أوبك بلس، واتفقت على خفض عالمي للإنتاج بمقدار مليونَي برميل يومياً.
وحينها لم تعلن الإمارات صراحةً رفضها لهذا القرار، لكنّها عبرت عن تحفظاتها على بعض جوانبه.
ولكن ما نقطة تحفظ أبو ظبي؟
تعتمد "أوبك بلس" على نقطة أساس مرجعية لتحديد حصص الإنتاج لكل دولة عضو، وهنا تُشير الإمارات إلى أن نقطة الأساس المرجعية الخاصة بها غير عادلة، فهي تمنحها حصة إنتاجية أقل من قدراتها الحقيقية.
وترى الإمارات أنّ نقطة الأساس المرجعية يجب أن تُحدّد بناءً على احتياطياتها النفطية المُثبتة، أو قدرتها الإنتاجية القصوى.
وآنذاك قالت وكالة "رويترز"، في تقرير لها، إن الإمارات لم تكن تعارض مبدأ تقييد الإنتاج لكنها ترغب في أن يرتفع إنتاجها، وتقول إن خط الأساس الخاص بها -وهو مستوى الإنتاج الذي يتم من خلاله حساب التخفيضات- كان في الأصل متدنياً للغاية.
وأوضحت الوكالة أن الإمارات كانت ترغب في أن يتحدد خط الأساس لإنتاجها عند 3.8 ملايين برميل يومياً مقارنة بالمستوى السابق عند 3.168 ملايين برميل يومياً.
وكانت الإمارات تقول إنها ليست الوحيدة التي تطلب خط أساس أعلى للإنتاج، إذ عدلت دول أخرى، مثل أذربيجان والكويت وكازاخستان ونيجيريا، المستوى الذي تنفذ عنده التخفيضات منذ بدء الاتفاق في العام 2021.
ولحل هذه الأزمة توصلت أوبك بلس، في نوفمبر 2022، إلى اتفاق جديد يُتيح للإمارات زيادة إنتاجها بشكل طفيف.
خطط إنتاج طموحة
وفي تحليلها للموقف الإماراتي وأسبابه تقول جوليان جيجر، المحللة بموقع "أويل برايس" المتخصص في شؤون الطاقة: إن "الإمارات لديها خطط طموحة لنمو الإنتاج، واستثمرت مليارات الدولارات لتعزيز الطاقة الإنتاجية، لكن اتفاق الإمدادات كان يترك حوالي 30% من طاقتها الإنتاجية معطلة".
وتضيف جيجر، في مقال نشرته في الموقع في يناير الماضي: "زادت شركة أدنوك الإماراتية قدرة إنتاج النفط لديها إلى 4.85 ملايين برميل يومياً، وتستثمر الإمارات من أجل الوصول لقدرة إنتاجية تقدر بـ5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2027".
وتتابع: "نتيجة لذلك جادلت الإمارات على مدار سنوات بأنها يجب أن يُسمح لها بزيادة الضخ بما يتماشى مع زيادة سعة إنتاجها. وفي يونيو الماضي استجابت أوبك+ وقررت تعديل حصة الإنتاج للإمارات إلى 3.219 ملايين برميل يومياً حتى نهاية عام 2024".
ما الأسباب؟
وحول هذه القضية يتحدث الخبير الاقتصادي منير سيف الدين قائلاً: "تُعتبر الإمارات من الدول الغنية باحتياطيات النفط، ولديها طموحات لزيادة إنتاجها".
ويضيف سيف الدين، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "ترى الإمارات أنّ خفض الإنتاج العالمي يُعيق قدرتها على الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط العالمية، ويحدّ من قدرتها على تحقيق أهدافها الاقتصادية".
ويشير إلى أن الولايات المتحدة قد تكون مارست ضغوطاً على الإمارات لحثّها على معارضة قرار خفض الإنتاج، وذلك سعياً منها لكبح ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
ووفق سيف الدين، فإن الإمارات من الدول ذات الاقتصاد الأكثر تنوعاً في المنطقة، حيث لا يعتمد اقتصادها كثيراً على صادرات النفط، لذلك قد تكون الإمارات أقل اهتماماً بخفض الإنتاج مقارنةً بدول أوبك بلس الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط وتسعى بدأب إلى الحفاظ على استقرار أسعار الخام.
ويقول: "قد تلعب العوامل الجيو-سياسية، مثل العلاقات مع إيران والولايات المتحدة، دوراً في موقف الإمارات من قرار خفض الإنتاج".
ويتابع: "أثار رفض الإمارات توتراً داخل أوبك بلس، وأظهر أنّ تماسك المجموعة قد يكون هشاً وقد يُهدّد هذا التوتر بِوحدة المنظمة وقدرتها على التحكم بأسعار النفط في المستقبل".
ويشير إلى أنه في حال تشددت الإمارات أكثر في موقفها ورفضت أي قيود تفرضها أوبك بلس فقد يُؤدّي ذلك إلى المزيد من التقلبات في أسعار النفط العالمية، ممّا يُؤثّر سلباً على استقرار السوق ويزيد من مخاطر الاستثمار في قطاع الطاقة.