اقتصاد » مياه وطاقة

هل نجحت السعودية في تخفيف اعتمادها على النفط؟

في 2024/09/08

كمال صالح - الخليج أونلاين-

شهدت الصادرات السعودية غير النفطية قفزة ملحوظة، خلال الفترة الماضية، في تحول يشير إلى نجاح استراتيجية المملكة في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

ووفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية، الصادرة في 22 أغسطس الماضي، فقد سجلت الصادرات غير البترولية، من ذلك إعادة التصدير، ارتفاعاً بنسبة 10.5%، خلال الربع الثاني من العام الجاري 2024، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2023.

ومنذ أطلقت المملكة "رؤية 2030" عام 2016، بذلت جهوداً كبيرة للتحول التدريجي من الاعتماد على النفط، عبر تنشيط مختلف القطاعات الحيوية، فإلى أين وصلت في هذا السياق؟

ارتفاع ملموس

وسجلت الأنشطة غير النفطية، في مارس الماضي، مساهمة بلغت 50% في الاقتصاد السعودي، وهو أعلى مستوى تاريخي تصل إليه على الإطلاق، حيث وصل إجمالي الاقتصاد غير النفطي في المملكة إلى 1.7 ترليون ريال (450 مليار دولار)، بالأسعار الثابتة، مدفوعاً باستمرار النمو في الاستثمار والاستهلاك والصادرات.

وبحسب تقرير للهيئة العامة للإحصاء السعودية (22 أغسطس الماضي)، ارتفعت الصادرات غير البترولية باستثناء إعادة التصدير إلى 1.4%، في حين ارتفعت قيمة السلع المعاد تصديرها إلى ما نسبته 39.1% خلال الفترة ذاتها.

وأظهرت البيانات الرسمية أن صادرات المملكة السلعية، خلال الربع الثاني من هذا العام، بلغت 78.6 مليار دولار، فيما سجلت الواردات السلعية 52.2 مليار دولار خلال الربع نفسه.

وفي أبريل الماضي، ارتفعت الصادرات غير النفطية في المملكة بنسبة 12.4% على أساس سنوي، في مقابل انخفاض صادرات المملكة البترولية بنسبة 4.2%.

أما في مايو الماضي، فقد ارتفعت بنسبة 8.2% لتصل إلى قرابة 18.69 مليار ريال (4.98 مليارات دولار)، وهي أعلى نسبة تصلها الصادرات غير النفطية منذ عامين.

إشادة دولية

مساعي السعودية لتنويع اقتصادها لاقت إشادة دولية، وسط توقعات بنمو اقتصاد المملكة بفضل تطوير قطاعات مثل السياحة والصناعة، وتوسيع القطاع الخاص، وتوفير فرص العمل.

وبحسب تقرير لصندوق النقد الدولي (4 سبتمبر)، فإن السعودية حققت تقدماً هائلاً فيما تشهده من تحول اقتصادي غير مسبوق، لافتاً إلى أن اقتصاد المملكة سينمو 4.7% في 2025، مع الإلغاء التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط. 

كما أوصى المجلس التنفيذي لصندوق النقد بمواصلة تصحيح أوضاع المالية العامة بالسعودية، لافتاً إلى أن الاقتصاد السعودي لم يشهد أي انعكاسات كبيرة نتيجة الأحداث الجيوسياسية في المنطقة.

ودعا أيضاً إلى بذل مزيد من الجهود لدعم الإيرادات غير النفطية بالسعودية، والإلغاء التدريجي للدعم المتبقي على الوقود، مع تنفيذ برامج للفئات المستحقة.

وتوقع صندوق النقد نمو الاقتصاد السعودي غير النفطي 4.4% على المدى المتوسط، بعد تراجعه في 2024، فيما توقع أن يكون متوسط نمو الاقتصاد 3.7% سنوياً بعد 2025.

كما أشار الصندوق إلى أن السعودية حققت تقدماً هائلاً فيما تشهده من تحول اقتصادي غير مسبوق، موصياً بتشديد الإجراءات الاحترازية حال استمرار ارتفاع الائتمان.

رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية أمين ماتي أكد أن المملكة خففت من اعتمادها على النفط.

وتوقع ماتي في تصريح لموقع "العربية نت" (الخميس 5 سبتمبر) أن يحصل الاقتصاد غير النفطي في المملكة على الدعم من توجه صندوق الاستثمارات العامة لرفع استثماراته السنوية من 40 مليار دولار سنوياً إلى 70 مليار دولار سنوياً.

المسؤول في صندوق النقد الدولي أشار إلى أنه عند الحديث عن التنوع الاقتصادي فإن هناك ثلاثة جوانب؛ هي التنويع من حيث الناتج المحلي الإجمالي، ومن حيث الإيرادات والصادرات.

وأضاف: "إذا قمت بتقييم السعودية وتلك الجوانب من حيث الناتج المحلي الإجمالي، فإن حصة النفط في الاقتصاد تبلغ الآن 30%، بعد أن كانت أقرب إلى 50% قبل عقد من الزمن".

كما لفت إلى أنه "بالنظر إلى حصة النفط كنسبة مئوية من إجمالي الإيرادات، فهي تبلغ الآن نحو 60%، فيما كانت تبلغ 80% أو أكثر سابقاً".

تعديل خطط استراتيجية

لكن في المقابل تواجه المملكة بعض التحديات التي تتعلق بالتحولات العالمية، وانخفاض أسعار النفط، والتعثر الذي أحدثه التضخم العالمي، وفيروس "كوفيد 19"، وكذلك الاضطرابات التي أحدثها النزاع في غزة والبحر الأحمر.

هذه العوامل دفعت المملكة إلى إعادة النظر في بعض خططها لجعلها أكثر مرونة، بحسب ما كشف وزير المالية السعودي محمد الجدعان، في فبراير الماضي، مشيراً إلى أن "المملكة ستعدل خطتها المتعلقة برؤية 2030 لتحويل اقتصادها وفقاً لما تقتضيه الحاجة، مما يقلص حجم بعض المشروعات ويسرع وتيرة مشروعات أخرى".

كما توقع الجدعان أيضاً أن "يتجاوز نمو الأنشطة غير النفطية على المدى المتوسط 5% سنوياً، ومع ذلك فمن المرجح أن تستمر المملكة في الاعتماد على عائدات النفط والغاز لدفع الاستثمارات من أجل توسيع الأنشطة غير النفطية".

الوزير السعودي أكد أن للقطاع الخاص دوراً مهماً في تنفيذ رؤية 2030، مشيراً إلى أن "الرؤية تتمحور حول تمكين القطاع الخاص؛ للمساهمة في إسناد جهود الحكومة للتحول نحو الاقتصاد غير النفطي".

وفي سياق سعيها للتحول نحو الاقتصاد غير النفطي أطلقت المملكة 4 مناطق اقتصادية خاصة عززت جذب الاستثمارات النوعية، كما ازدهر قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل غير مسبوق، في الوقت الذي يواصل فيه القطاع الصناعي منجزاته بتوطين العديد من الصناعات؛ كصناعة السيارات وبعض الصناعات العسكرية والدوائية.

كما عززت المملكة هذا التوجه بإطلاق مشروع "ندلب" لتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، الذي يهدف لتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية، وقد نجح في استقطاب قرابة 141 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي.