طه العاني - الخليج أونلاين-
تتميز منطقة إقليم كردستان بموقعها الاستراتيجي في شمال العراق، حيث تتشارك حدودها مع تركيا وإيران، ما يجعلها مركزاً مهماً للتجارة والاستثمار في منطقة الشرق الأوسط.
وتمتاز هذه المنطقة بموارد طبيعية غنية، خصوصاً في مجال النفط والغاز، مما جعلها هدفاً جذاباً للمستثمرين الخليجيين والدوليين، وقد أدت الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للطاقة إلى تطوير هذا القطاع بشكل كبير خلال العقدين الماضيين.
استثمار مشترك
يعتبر قطاع الطاقة واحداً من أكثر القطاعات حيوية في كردستان العراق، حيث تعتمد الحكومة المحلية للإقليم بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز لتطوير اقتصادها.
وعلى الرغم من التحديات السياسية والأمنية، فإن حكومة كردستان نجحت في توقيع اتفاقيات دولية لتعزيز إنتاج الطاقة وجذب مزيد من استثمارات الشركات الخليجية والأجنبية، هذه الديناميكية جعلت من المنطقة مركزاً للاستثمار الدولي، خاصة في مجالات استخراج وتكرير النفط.
واستقبل رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، كلاً من رئيس مجموعة بهوان التجارية القابضة العمانية، الشيخ أحمد سهيل بهوان، والرئيس التنفيذي لمجموعة الخرافي الكويتية، لؤي جاسم الخرافي، وذلك لبحث فرص التعاون المشترك في مجالات الطاقة المتجددة مع الجهات الحكومية والخاصة.
وتأتي هذه الزيارة في إطار رؤية التحالف العُماني- الكويتي لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول الخليج وإقليم كردستان، كما تتزامن مع اقتراب مجلس النواب العراقي من إقرار قانون الطاقة المتجددة خلال الأيام القليلة المقبلة، مما يعزز فرص الشراكة في هذا القطاع الحيوي.
وبدوره، أوضح الخرافي أن "قانون الطاقة المتجددة يعتبر من القوانين المهمة، حيث إنه يخدم العراق من خلال الاستفادة من الطاقة الشمسية والطاقات الأخرى المتجددة لتوليد الطاقة الكهربائية".
وأشار إلى أن قانون الطاقة المتجددة سيسهم في حل العديد من التحديات، من ضمنها الاعتماد على استيراد الغاز والطاقة من الدول المجاورة، إلى جانب المشاكل الفنية المرتبطة بعمليات الاستيراد.
وأضاف أن مواد مشروع القانون ستُدرس بعناية، حيث تتناول تنظيم قطاع الطاقة في العراق وآليات تعزيز استهلاك الطاقة بكفاءة لتحقيق التنمية المستدامة من مصادر متجددة.
ويتطرق القانون إلى توزيع عوائد الكربون، ومنح تراخيص الاستثمار، ووضع خرائط إرشادية لتجارة الانبعاثات، وفقاً للاتفاقيات الثنائية بين المستثمر والدولة المستضيفة، مع تحديد أسعار التخفيض استناداً إلى الجهود الوطنية بمجرد اعتماد القانون بصيغته النهائية.
وتعد الزيارة استكمالاً للقاءات التي جرت خلال قمة "AIM للاستثمار" التي عُقدت في مايو الماضي بأبوظبي، حيث كانت مشاركة إقليم كردستان العراق مميزة.
وخلال القمة، تم تسليط الضوء على التطورات الأخيرة في المشهد الاستثماري العالمي، واستعراض حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، بهدف تحقيق اقتصاد عالمي مستدام ومزدهر.
كما حضر وفد حكومي واقتصادي رفيع من الإقليم لاستعراض ما يقرب من 200 فرصة استثمارية في قطاعات مختلفة، مثل السياحة والزراعة والبنى التحتية والصناعات التحويلية والتعدين.
فوائد مرتقبة
ويرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد صدام، أن أهمية الشراكة العُمانية-الكويتية للاستثمار في كردستان العراق تتمثل في أنها سوف تركز على قطاع الطاقة المتجددة.
ويضيف صدام لـ"الخليج أونلاين"، أن مجموعتي بهوان والخرافي سارعا إلى هذه الفرصة الاستثمارية، تزامناً مع قرب إقرار قانون الطاقة المتجددة بالعراق، وهذا يعني أن المجموعتين حقّقتا السبق في اقتناص الفرص الاستثمارية بإقليم كردستان، وهذه نقطة مهمة من الناحية التجارية.
ويوضح صدام أن الفرص الاقتصادية لكلا البلدين تتمثل في توسيع إيرادات المجموعتين المستثمرتين في العراق، إذ إن معظم أرباح الشركات يتم تحويلها إلى البلدان الأم، فهذا يرفع مستوى إمكانيات الشركات المستثمرة في استثمار أرباحها محلياً بكل من عُمان والكويت.
ويردف: "في المقابل، يستفيد العراق من تحقيق شراكة استثمارية تجارية مهمة، لا سيما مع وجود النقص الكبير في توليد الطاقة الكهربائية".
ويلفت إلى أن هناك نقطة مهمة تتمثل في الجانب البيئي وتقليل الانبعاثات ومواجهة التغير المناخي، ومن ثم فمثل هذه الاستثمارات يمكن أن تتماشى مع توجهات العراق أمام المجتمع الدولي في المساهمة في تقليل مستوى التلوث من خلال توسيع الاستثمارات في الطاقة المتجددة.
ويؤكد صدام بأن الاستثمارات العُمانية الكويتية تتمثل في فائدة اقتصادية تتجسد في تشجيع شركات أخرى للاستثمار في العراق وخلق بيئة اقتصادية تنافسية يستفيد منها إقليم كردستان العراق في الحصول على مشاريع بتكاليف أقل.
ويعتقد أن هذه الشراكة ستسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وإقليم كردستان، من خلال فتح آفاق الاستثمار في قطاعات أخرى غير الطاقة المتجددة، مثل قطاع السياحة والمشاريع التجارية المختلفة مثل الإلكترونيات والسيارات الكهربائية وغيرها.
ويشير صدام إلى أن مجموعتي بهوان والخرافي هما شركتا تجارة عامة، وهذا يعني أن هناك سهولة أمامهما في التوجه نحو شراكات استثمارية جديدة بعد نجاحهما المتوقع في قطاع الطاقة المتجددة.
نظرة على الشركات
تمتلك الكويت وعمان خبرات طويلة في إدارة مشاريع الطاقة الكبرى، بينما تقدم كردستان بيئة غنية بالموارد وفرص الاستثمار، هذا التعاون يعزز التكامل الاقتصادي ويزيد من فرص النمو المستدام بالمنطقة، كما يسهم في تحقيق توازن اقتصادي أكبر بين الدول الخليجية والدول ذات الموارد الطبيعية مثل العراق.
وتعتبر مجموعة بهوان التجارية من أبرز المؤسسات التجارية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، وتتميز بإدارتها الاحترافية.
وتمتد أنشطة المجموعة عبر العديد من القطاعات المتنوعة، وضمن ذلك السيارات، الإلكترونيات، السفر، الرعاية الصحية، الزراعة، المواد الكيميائية، الأسمدة، البناء والهندسة، تكنولوجيا المعلومات، التصنيع، خدمات النفط والغاز، الاتصالات، إضافة إلى الأثاث ومواد البناء.
كما تُعد مجموعة الخرافي الكويتية واحدة من أبرز الشركات العائلية متعددة النشاطات في الكويت ومن بين أكبر الشركات في العالم العربي.
وبدأت أعمالها كشركة مقاولات، لكنها سرعان ما وسّعت نشاطاتها مع ازدهار قطاع النفط، لتشمل مجالات مثل التجارة العامة، الزراعة، الصناعات الغذائية، المطاعم، صناعة الصلب، العقارات، الترفيه، الضيافة، والسياحة، كما تمتد عمليات المجموعة لتشمل نحو 27 دولة حول العالم.