أحمد الدواس- السياسة الكويتية-
يروى أن ملكاً كان له خمسة أبناء، لكنهم كانوا غير جادين يمرحون معظم الوقت ولم يهتموا بوضعهم الملكي بالشكل المطلوب، وفي أحد الأيام جلس الملك والملكة وناقش الاثنان مصير الأولاد «الأمراء»، فيوماً مـا سوف يتولى الحكم أحدهم، ولايود الملك ان يعهد ولاية المملكة الى ابن غير متعلم، وأعلن الملك لأفراد المجتمع ان من يستطيع تعليم الأمراء سوف يُكافأ بنصف أراضي المملكة، ومر الوقت إلى أن جاء أحد المعلمين الى القصر وطلب تعليم الأمراء فتم قبوله، واستخدم معهم شيئاً جديداً وهو «رواية القصص المختلفة»، وهنا «افتـتن» الأمراء بالقصص، ولما مرت أربعة أشهر أراد المعلم اختبارهم فوجد أنهم لايتذكرون أي قصة، إذ كانوا يسمعون القصة ولايأخذون العبرة أو المغزى منها، لذلك استعمل المعلم أسلوبا آخراً، وهو ترغيبهم بذكر قصة أخرى بشرط ان يُعيدوا رواية القصة بينهم كوسيلة لتذكر أحداث القصة، فبدأ الأمراء بالإنصات الى القصص، وهكذا الى ان قال المعلم «ان التركيز على وقائع القصة سيترك إنطباعاً عميقاً في أذهانكم، وهذا ماأريده منكم «، وفي نهاية المطاف تمكن الأولاد الأمراء من معرفة المغزى من القصص، وتحسن انتباههم واستطاعوا فهم الأحداث .
بهذا يتضح دور المعلم في تكوين شخصية الأفراد، وغاندي قال» «ان علمت رجلاً فإنك تُعلم شخصاً واحداً، وإن علمت فتاة فأنت تُعلم عائلة ومجتمع وأمة بأسرها»، والمعلم الجيد له تأثير كبير للغاية على التلميذ، كما ان مهنة المعلم نبيـلة .
وإذا كان هناك خطأ في النظام التعليمي في بلدنا، فعلى الحكومة معالجته، لكن يتبين دائماً أهمية التعليم، حتى لواحتاج المدرسون لدورات تدريبية تصقل مهاراتهم. ألم يسأل أحدنا نفسه» لماذا لايتشاجر المعلم في الشوارع أو يقود سيارته بشكل متهور كما يجري في شوارعنا، وإنما تأتي المشاجرات وأعمال العنف من أناس افتقدوا إما التربية الحسنة أو التعليم؟
يقول بعض المعلمين وأولياء الأمور»» إن مناهج التعليم سبب انتكاسة التلاميذ وظهور السلوكيات السلبية في مجتمعنا»، وقد تكون التربية السيئة هي السبب، فالتربية السيئة منشؤها انصراف الأب أو الأم عن أمور المنزل وانشغالهما بشؤون الحياة، فلو تم الاهتمام بالجانب التعليمي لما رأينا مظاهر العنف السائدة في المجتمع، والنظام التعليمي في الكويت قادر على ان يغير حياتنا نحو الأفضل فنحن نمتلك تقريباً جميع مقومات المجتمع السعيد، ولكن مع الأسف تسود بيننا مظاهر سلبية، نذكر منها على سبيل المثال، احتقار الطلبة بعضهم لبعض على أساس طائفي، اعتداء على الطبيب في المستشفى، مشاجرة بين فتاتين في محطة للبنزين، مشاجرة في اجتماع مجلس إدارة إحدى الجمعيات التعاونية (جمعية العارضية) على آلية توزيع المناصب، مواطنان يقتحمان أحد المخافر بالسلاح، وتراجع كبير في الشعور بالهوية الوطنية والولاء للوطن بين الطلاب وفقاً لدراسة أكاديمية أعدها د. علي وطفة استاذ التربية في جامعة الكويت، إلى جانب إدخال وتعاطي المخدرات بجميع أشكالها من هيرويين وكوكايين وشبو وظهور أنواع جديدة مثل مخدرات الشيطان أو الشيطان ميث، والبعض منها دخل مدارس البلاد، مع إحصائية تذكر ان مانسبته 11 في المئة من مراهقات الكويت مدخنات .
يقول أحد الأميركيين المختصين في تطوير الذات « قد يغير حياتك إلى الأفضل أحد الأمور التالية : كتابُ تقرؤه، أو فلم تراه، أو الشخص الذي الى جانبك في الطائرة أو المخابرة الهاتفية التي تتلقاها «، فإذا كان الأمر كذلك فلاشك ان للمعلم دوراً كبيراً في تقويم سلوك الفرد وإصلاحه .
ان المعلمين مربو أجيال وهم مصدر مهم من موارد الدولة، فالتعليم ودور المعلم لايقل شأناً عن دور النفط، فإذا نضب النفط، عندئذٍ يفنى المال ولاتبقى إلا الأخلاق الفاضـلة، وهي التي تحفظ البلاد، بفضل الله سبحـانه .