د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-
مشاكل الكويت كثيرة وتتنوع ما بين الرياضة والإسكان والصحة والتعليم وخلافه، لكن أشدها كان في القطاع النفطي والذي يبدو أنه كرة ثلج بدأت تكبر مع مرور الوقت.
السجال الدائر بين وزير النفط الدكتور علي العمير والنائب أحمد القضيبي غريب في بابه ومن غير المعلوم إلى أين سينتهي. أتذكر أن الشرارة بدأت بين الاثنين بعد تصريح الوزير عن وجود فساد وحديثه عن «أرباب المناقصات المليارية» قبل أشهر. تصريح العمير استفز النائب (لا أدري لماذا!)، ومن بعدها أخذ هذا السجال دوره في السياق السياسي الكويتي إلى أن وصلنا إلى ما نحن فيه.
قد يكون وزير النفط مختلفاً عن بقية أعضاء الحكومة الآخرين كونه يُدير مؤسسات لها أبعاد تجارية ويتحكم بمصدر دخل الدولة الرئيسي. ومن ثم عمله قد لا يكون سياسياً صِرفاً كالوزارات الأخرى، بل الخبرة الإدارية لهذه الشركات مهمة للغاية ولها مدخلية محورية في الأمر. أقول هذا الكلام مع معرفتنا طبعاً بأهمية النفط ولأنها سلعة دولية تلعب دوراً خطيراً في العلاقات الدولية.
ما نجده أن الخصمين يتصرفان بمنطق معقول ومُقنع إلى حد كبير. فالوزير منذ أن تسلم المنصب أعلن أنه يريد الإصلاح ومحاربة الفساد وأربابه في أهم مؤسسة اقتصادية بالبلد باتخاذ إجراءات فتحت عليه النار بهذا الشكل. فإجمالاً قام بثلاث خطوات رئيسية، أولاها إحالة الملفات التي تحدث عنها للنيابة للتحقيق فيها، وثانيها اتخاذه قرارات إدارية بتدوير القيادات، وأخيراً أحال البعض منهم على التقاعد، وهذه الخطوات الثلاث كانت السبب كما تعلمون في الكثير من اللغط والربكة خلال المدة الماضية.
على الطرف الثاني وجدنا النائب القضيبي تصرف بشكل دستوري موزون، ومنصف بحق الوزير، فمنذ أن سمع بتصريح الوزير تجاه المناقصات المليارية وهو يُواصل السؤال عمن يقصد الوزير، وراح يطالبه بتزويده بالأسماء وملفات الفساد، وأخيراً التهديد بالاستجواب كما يبدو هذه الأيام.
لكن وفي مقابل هاتين الصورتين الإيجابيتين اللتين يستند إليهما كل طرف، توجد على كل واحد نقطة ضعف تُقلل من موقفه السياسي. ففي حالة الوزير، يُثار عليه أنه يريد التغيير والتحرش بالقيادات النفطية لأسباب سياسية، فمرة لمصالح انتخابية ومرة ثانية لأنه يريد عقد صفقات مع النواب. ومن حضر جلسة الأربعاء الفائت واستمع للنائب سعدون حماد، قد يميل إلى هذا الرأي!، ويجدر بنا أن نلفت النظر بأن قرار التدوير الذي يتشبث به العمير بحجة الفساد، رده القضيبي بأنه لو أن الفساد هو السبب لكان حري بالوزير الإحالة على القضاء لا التدوير.
والقضيبي يُعاني هو الآخر من ضعف بأن دوافعه في حقيقتها تجارية تراعي مصالح «الكبار». فهناك من يرمي على أحمد القضيبي بأنه يتحدث دفاعاً عن أرباب الصفقات المليارية والمستفيدين من هذا القطاع من التجار وأتباعهم.
إجمالاً يصعب أن نفهم ما الذي يجري في أهم مرفق من مرافق الدولة الاقتصادية. لكن الصفقات الفاشلة التي جاءتنا بها القيادات النفطية سواء في تقييماتها لسعر النفط أو في مشاريعها كـ «الداو» و«الزور»، تُعد دافعاً وعاملاً مهماً لسقوط بعض الرؤوس، وللكشف عن بعض أسرار هذا الصندوق. لذا نتمنى أن نصل لجلسة الاستجواب الموعود كي نتعرف على بعض المستور.