ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
تجري المملكة العربية السعودية مراجعة شاملة لموازنتها لمواجهة مزاعم بأنها تواجه شبح نفاذ المال مع تأثير انخفاض أسعار النفط على عائدات الحكومة.
وقد اعترف مستشارون للديوان الملكي وأعضاء في المجلس الاقتصادي لـ«ديلي تليغراف» مؤخرا أن الاعتماد على العائدات النفطية بنسبة تبلغ ما بين 80%-85% من دخل الحكومة كان هو المعضلة.
ومع ذلك فقد هونوا من فكرة أن الانخفاض في أسعار النفط إلى ما دون 100 دولار للبرميل، والذي يمثل نقطة التعادل الحالية للميزانية، إلى ما يقترب من 40 دولارا، قد يمثل أزمة تهدد البلاد، وفقا لزعمهم.
«يعتقد المجلس الاقتصادي أن الأمر يوفر فرصة جيدة لفتح آفاق جديدة لتنويع الاقتصاد»، وفقا لبيان صادر عن المجلس. وأضاف البيان أيضا: «هناك مجالات جديدة لم يتم استثمارها بعد في السوق الأكبر في المنطقة والذي يتمتع بقوة شرائية عالية وتكنولوجيا فائقة».
وقد أسهم تغيير في القيادة في الرياض بعد وفاة الملك «عبد الله» في يناير/كانون الثاني في خلق حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل المملكة العربية السعودية الناجم عن التغير المستمر لأسعار النفط العالمية.
الملك الجديد، «سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، قام بإطلاق 5 مشاريع جديدة ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام في مكة المكرمة، في 12 يوليو/ تموز الماضي. ويمنح الملك حظوته الخاصة لابنه الأصغر، الأمير «محمد بن سلمان»، والذي تمت ترقيته في سن الثلاثين ليكون رئيسا للديوان الملكي ووزيرا للدفاع ورئيسا للمجلس الاقتصادي. وقد حافظ الملك الجديد على السياسة التي اتبعها سلفه بخصوص أسعار النفط.
وقد أدى ذلك إلى وفرة المعروض في الأسواق العالمية، مع تزايد الاتهامات للمملكة العربية السعودية بمحاولة طرد المنافسين ذوي التكلفة المرتفعة من السوق وخاصة منتجي النفط الصخري في أميركا.
وقد أصدر صندوق النقد الدولي في الشهر الماضي تقريرا يشير إلى أن هذه السياسية قد تأتي بنتائج عكسية. وقد توقع الصندوق أن يصل عجز الموازنة في المملكة العربية السعودية هذا العام إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي. وبلغ صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي 654 مليار دولار منخفضا من 730 مليار دولار قبل عام. وهو أدنى مستوى منذ فبراير/شباط 2013.
ومع ذلك يقول المستشارون إن الانخفاض في الأسعار هو الذي يحفز الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها سواء في الحكومة أو على مستوى الاستراتيجية الاقتصادية الكلية للبلاد.
وقال عضو في مجلس الموازنة أن المراجعات أوضحت أن 32% من النفقات كانت تهدر ببساطة. نظرا لأن موظفي الخدمة المدنية كانوا يحاولون إنفاق جميع الأموال المخصصة لهم بصرف النظر عن مدى الحاجة إلى إنفاقها.
«الجميع يدرك أن هناك هدرا في النفقات، والتقدير السنوي للإنفاق مبالغ فيه بشكل كبير»، وفقا لما صرح به العضو لصحيفة «ديلي تليغراف».
ويؤكد المستشارون أنه كان هناك توسعا في سياسة التوظيف من قبل القطاع العام على الرغم من وجود وظائف في القطاع الخاص. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السياسة الحالية لتشجيع الشركات، بما فيها الشركات متعددة الجنسيات، لتخفض العمالة الوافدة وتوظف السكان المحليين بدلا من ذلك سوف تستمر.
بالفعل، تم جلب مئات الآلاف من النساء إلى سوق العمل في إطار حزمة إصلاحات منفصلة تهدف إلى تشجيع زيادة مشاركة المرأة في الحياة العامة في المملكة. وقد اتجه الكثير منهن إلى العمل في المحلات التجارية ليحللن محل العمالة الوافدة، وبخاصة من الفلبين وجنوب آسيا.
وقال مصدر حكومي رفيع أنه على أية حال فإن السعوديين يتوقعون أن تشهد أسعار النفط استقرار ثم ترتفع بعد ذلك بسبب ارتفاع الطلب من أجل مواكبة العرض. وتتوقع الحكومة أن الطلب العالمي سيشهد ارتفاعا ما بين 1.5 - 1.7 مليون برميل خلال هذا العام وحده.
وقال إنه حتى مع الميزانية الحالية، فإنه يمكن التعايش مع معدلات أسعار تبلغ 80 دولارا للبرميل.
«نعتقد أن بقاء معدلات الأسعار حول 40 - 50 دولارا هو أمر مؤقت». وأضاف «الجميع الآن في السوق يفكر في الانتعاش القادم لكن السؤال هو متى؟».
ومع ذلك، فقد بدأت الحكومة علنا مناقشة فرض الضرائب لأول مرة، مع اقتراح فرض ضريبة على الأملاك من قبل مجلس الشورى، وهو أمر يمكن أن توافق العديد من الطبقات الوسطى في المملكة عليه من أجل إسقاط أسعار العقارات إلى مستويات معقولة.
وقالت الحكومة أيضا أنها ستصدر سندات دين، مع مستويات دين تبلغ 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهي مستويات أقل من أي بلد آخر في العالم.
كما تجري أيضا دراسة خفض الدعم على الوقود كما اقترح ح العديد من الاقتصاديين، على الرغم من حساسية الأمر من الناحية السياسية.