الخليج الجديد-
ساهمت أسعار النفط المتناقصة يوما بعد يوم، في اشتعال نيران «ثورة» ضد السعودية داخل جدران منظمة الدول المصدرة للنفط، «أوبك»، بحسب مراقبين.
هذه المعركة الداخلية خرجت للعلن بين السعودية ومنتجي النفط الأصغر مثل فنزويلا والجزائر، فهذه الدول ترغب بالتقليل من إنتاج النفط للمساعدة برفع أسعاره ودعم أوضاعهم الاقتصادية السيئة.
ولكونها المنتج الأساسي للنفط، فإن السعودية تملك تأثيرا كبيرا على أسعار النفط حول العالم، ويأمل السعوديون بهذه الطريقة أن يخرجوا منتجي النفط الأمريكيين من اللعبة على المدى الطويل بإبقاء الأسعار منخفضة، وبهذه الطريقة فإن السعوديين يمكنهم استعادة الحصة التي أخذها الأمريكيون من السوق النفطي.
قبل عشرة أعوام كانت السعودية أكبر دولة منتجة للنفط، إذ كانت تضخ ضعفي النفط الخام الذي كانت تنتجه الولايات المتحدة، لكن النفط الأمريكي ضرب التوقعات مع ثورة باستخراج الصخر الزيتي خلال السنوات الماضية، وهذا غير معادلة الطاقة العالمية، واليوم تنتج الولايات المتحدة ما يقارب الإنتاج السعودي من النفط.
هذا الهجوم النفطي الأمريكي على قطاع النفط، أدى إلى انخفاض أسعار النفط من 100 دولار للبرميل في منتصف عام 2014، لغاية 40 دولارا اليوم.
أعضاء «أوبك» الأضعف يواجهون السعودية
إن انهيار أسعار النفط تسبب بأضرار لدى الدول الأقل إنتاجا للنفط، مثل الجزائر وأنغولا والإكوادور ونيجيريا وفنزويلا، وبدأت هذه الدول بطلباتها للسعودية بتغيير استراتيجيتها، لكن وحتى الآن الرد كان بعدم الإجابة.
وقال المحلل في شركة «Oppenheimer»، «فاضل غيث»، والذي عمل على تغطية أخبار قطاع النفط منذ 35 عاماً: «أوبك لم تكن أبدا منقسمة بهذا الشكل».
من جهته، حذر وزير النفط الفنزويلي بانخفاض أسعار النفط لتبلغ 25 دولاراً للبرميل إن لم تتصرف «أوبك» بسرعة، ودعت الجزائر إلى تحديد أرضية ثابتة لأسعار النفط، بينما قال وزير النفط الأكوادوري إن الطريقة الوحيدة بإعادة التوازن للسوق تتمثل بقطع الإنتاج نهائيا.
وقال المدير السابق للبنك المركزي في نيجيريا، «محمد سنوسي الثاني»، في مقابلة مع «CNN»، إن قرار السعودية بإفاضة السوق بالنفط يعتبر خاطئا، مضيفا: «إنه لا يساعدهم ولا يساعد أي أحد».
العداوة يمكنها أن تدمر «أوبك»
كل هذه الخلافات بين أعضاء «أوبك» تأتي بالتزامن مع تحضير المنظمة لاجتماع في فيينا في الرابع من ديسمبر/كانون أول المقبل، للوصول إلى حل.
القلة فقط يعتقدون بأن السعودية سترضخ لمطالب الآخرين، لكن استعدوا للمزيد من المواجهات، فهذا الخلاف الكبير يمكنه أن يهدد بتدمير «أوبك»، أو المنظمة كما عهدناها، بالطبع، هنالك خطورة بحدوث هذا»، وفقا لما يراه «فيليب تشلاديك»، المحلل في موقع «بلومبيرغ»، والذي يغطي أخبار قطاعي النفط والغاز في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
انخفاض أسعار النفط بمقدار 60% منذ يونيو/حزيران عام 2014، تسبب بخسارة مقدارها 500 مليار دولار بين أعضاء «أوبك» خلال عام، وفقا لما أشارت إليه وكالة الطاقة الدولية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس)، الإثنين الماضي، بأن المملكة مستعدة «للتعاون مع الدول المنتجة والمصدر للنفط»، لكن لم تأت أي تفاصيل أو تلميحات حول قطع السعودية من إنتاجها للنفط، وقد أصدرت مثل هذه التعليقات سابقا.
وقال مصدر وزاري في الحكومة السعودية، في مقابلة مع مراسل «»CNN جون دفتيريوس، إن السعوديين لن يتزحزحوا عن موقفهم إن استمرت روسيا بإنتاج 11 مليون برميل في اليوم الواحد، وإن بقيت المكسيك خارج معادلة الدول غير المصدرة للنفط، وإن رفض العراق الدخول بقوانين «أوبك»، أي بعبارات أخرى يبدو وأن الأمور ستظل على حالها.
السعوديون محاطون بجيران أثرياء، مثل قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة، وهذه الدول جميعها تملك القدرة المالية على تحمل تبعات الأسعار المنخفضة للنفط، أو على الأقل للسنين القادمة.
ويمكن لدول الخليج، بالأخص السعودية، نظرياً على الأقل، تحمل قطع إنتاج النفط، لكن هنالك مخاوف إن قامت بذلك أن تذهب حصص أكبر من السوق لصالح الولايات المتحدة وروسيا ونظرائها من الدول الأعضاء في «أوبك.»
من غيّر الأمور فعلياً فيما حصل، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، «أوبك» لم تتوقع هذه الثورة، واليوم فإن خيارات المنظمة محصورة للاستجابة لفائض الإنتاج بالنفط، كما يبدو وأن «أوبك» تقلل من متانة الصخر الزيتي ومرونة التعامل معه، فقرار العام الماضي بالحفاظ على المستوى ذاته من إنتاج النفط لم يوجه ضربة قاضية إلى الصخر الزيتي، ومنتجوه ظلوا مستعدين لرفع الإنتاج بالوقت الذي ترتفع فيه الأسعار.
ويقول المحلل، «غيت»، إن »التكنولوجيا الموظفة في الصخر الزيتي غيرت وجه القطاع إلى الأبد، فهي لن تختفي، بل ستستمر بالتطور لأنها مبنية على تكنولوجيا، والوقت لا يصب في صالح أوبك».
سيحب السعوديون أن يروا اتفاقا بينهم ومنتجي النفط الأمريكيين لإيقاف تدفق النفط إلى السوق، لكن المشكلة تكمن بأن قطاع الطاقة الأمريكي، بعكس «أوبك»، ليس منظمة مصممة لتغيير أسعار السوق، يقول «تشالديك»: «لا يوجد هنالك مسؤول عن الصخر الزيتي يمكن للسعودية مخاطبته، ففي أمريكا كل شخص لوحده».