مكة نيوز السعودية-
منذ أن أعلن ولي ولي العهد رئيس المجلس الأعلى لأرامكو السعودية الأمير محمد بن سلمان عن توجه المملكة لطرح حصة من شركة أرامكو في اكتتاب عام أولي والكل يتساءل عن سؤالين وهما لماذا وما هو حجم الاكتتاب؟ ويبرز سؤالان آخران عن الاكتتاب ولكنهما لاحقان وهما: من سيديره ومتى سيتم طرحه؟
1 - لماذا تنوي المملكة طرح أرامكو في اكتتاب عام؟
أجاب الأمير محمد بن سلمان عن هذا السؤال في حوار أجرته معه مجلة الإيكونوميست بقوله: «فكرة طرح الأسهم للاكتتاب لا تزال تحت المراجعة، ونعتقد أن القرار سيتخذ في الأشهر المقبلة، شخصيا أنا متحمس للخطوة، وأعتقد أنها في مصلحة السوق السعودية، وفي مصلحة «أرامكو»، وتصب في مصلحة الشفافية ومواجهة الفساد حول الشركة إن وجد».
ويرى الخبراء والمحللون أن هذا الاكتتاب سيضيف المزيد من الشفافية في أسواق النفط العالمية حيث إن أرامكو هي أكبر شركة نفط في العالم. ويرى مصرف سوسيتيه جنرال الفرنسي أن هذا الاكتتاب مهم ليس فقط من ناحية إدخال أموال للخزينة السعودية ولكن الشفافية الناتجة عنه ستساهم في ترشيد نفقات أرامكو أيضا.
أما أرامكو السعودية فقد شرحت وجهة نظرها أيضا عندما بينت في بيانها أن المقترحات حول الاكتتاب تأتي في سياق برنامج التحول الوطني الطموح الذي تنتهجه المملكة، والمتضمن إصلاحات شاملة بما في ذلك خصخصة قطاعات مختلفة من نشاطات المملكة الاقتصادية وتحرير للأسواق، وهو توجه حكيم تدعمه أرامكو السعودية بكل حماس.
وتؤكد أرامكو السعودية كذلك أن هذه العملية ستعزز من قدرات الشركة وتركيزها على تحقيق رؤيتها بعيدة المدى، والتي تتمثل في أن تصبح الشركة الرائدة عالميا في التكامل في مجالات الطاقة والكيميائيات، مع الاستمرار في تركيزها في المقام الأول على إدارة موارد المملكة الهيدروكربونية بأعلى درجات الكفاءة والموثوقية، مع تلبية الطلب من قبل عملائها في المملكة وكل أنحاء العالم، وتحقيق القيمة المضافة في جميع مراحل سلسلة الأعمال، والوفاء بالتزاماتها نحو جميع الأطراف ذات العلاقة بالشركة بما في ذلك أقصى درجات المسؤولية نحو البيئة والسلامة.
2 - متى ستطرح أسهم الشركة؟
بحسب ما أوضحه الأمير محمد بن سلمان فإن قرار طرح أرامكو في الاكتتاب سيكون خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأوضحت الشركة في بيانها أمس أنه متى ما تم الانتهاء من دراسة الخيارات المتاحة بالتفصيل؛ سيتم عرض نتائج الدراسة على مجلس إدارة الشركة، والذي بدوره سيقوم برفع توصياته إلى المجلس الأعلى للشركة الذي سيتخذ القرار النهائي حول هذا الموضوع.
وإذا ما تمت الموافقة النهائية على شكل الاكتتاب النهائي والتي من المتوقع أن ينتهي منها بعد انعقاد الاجتماع القادم لمجلس إدارة أرامكو والذي اجتمع أخيرا مما يعني أنه سيجتمع خلال أربعة أشهر من الآن مرة أخرى، فإن المسائل الإدارية والتنظيمية المتعلقة بالاكتتاب قد تأخذ عاما من الآن أو عامين في حد أقصى بحسب تقديرات بعض المختصين.
ويتوقع المسؤولون في المملكة وعلى رأسهم رئيس مجلس إدارة أرامكو ووزير الصحة خالد الفالح أن أسعار النفط ستعود للارتفاع بنهاية العام الحالي وهو ما سيعني أن اكتتاب أرامكو سيحدث في فترة تشهد تحسن أسعار النفط عن المستويات الحالية المتدنية جدا وهو في صالح أسهم الشركة وقيمتها السوقية، حيث أوضح أحد المختصين أن السوق ستشتري أسهم أرامكو بناء على قيمتها السوقية.
3 - ما هو حجم الاكتتاب؟
لعل هذا السؤال هو الأصعب للإجابة عنه ولا تزال التقديرات كلها مبدئية ومتباعدة جدا ولا يمكن الجزم بصحة أحدها نظرا لأن حجم أصول أرامكو يصعب تقديره، ولكن هذه التقديرات تعطي فكرة مبدئية عما يمكن حدوثه.
ومما يصعب التقديرات هو وجود سيناريوهين حتى الآن لبيع أسهم الشركة، حيث أكدت شركة أرامكو السعودية في بيان أول من أمس أنها قد بدأت منذ فترة بدراسة عدة خيارات ولكنها ذكرت سيناريوهين فقط. وأما السيناريو الأول فهو بيع حصة مناسبة من أصولها مباشرة. وأما السيناريو الثاني فهو طرح حزمة كبيرة من مشاريعها للاكتتاب في عدة قطاعات، وبالذات قطاع التكرير والكيميائيات.
وتضع شركة كابيتال إيكونوميكس في مذكرة نشرتها حجم أصول أرامكو السعودية بين تريليون و10 تريليونات دولار، أي ما يعادل بين 3.75 تريليونأـ و30.75 تريليون ريال.
ولكن مختصين أوضحوا لـ»مكة» أنه من المتوقع أن تكون حجم الأصول العامة للشركة فوق 3.2 تريليونات دولار (12 تريليون ريال) حيث إن حجم احتياطيات أرامكو من النفط يعادل 10 أضعاف احتياطيات أكبر الشركات النفطية الموجودة في العالم والمدرجة في سوق الأسهم وهي شركة إكسون موبيل.
وتقول المصادر النفطية المتعددة إن أرامكو قد تدرس طرح ما قيمته 5% من أصولها وهو ما يعني أنها سوف تطرح 160 مليار دولار، أي ما يعادل 600 مليار ريال سعودي في سوق الأسهم وهو رقم يعادل تقريبا ثلث قيمة سوق الأسهم السعودية كاملة والبالغ 500 مليار دولار.
أما إذا ما فكرت أرامكو في السيناريو الثاني وهو بيع أصولها في المشاريع التابعة لها وبخاصة في قطاع التكرير والبتروكيماويات فإن حجم الأصول لها في هذا القطاع قد يصل إلى 100 مليار دولار. ولكن المختصين توقعوا أن تقوم الشركة بطرح حصص قد تصل إلى 49% كحد أقصى من مشاريعها البتروكيماوية، وهو ما يعني أنها ستطرح 49 مليار دولار (180 مليار ريال).
4 - من سيدير اكتتاب أرامكو؟
حتى الآن لم تتقدم أرامكو بأي طلب للمصارف العالمية بدراسة الاكتتاب أو التجهيز له بحسب ما ذكرته وكالة بلومبيرج الأمريكية، مما يعني أن المرحلة مبكرة جدا لمعرفة أي من البنوك العالمية والمحلية سيقوم بإدارة الاكتتاب.
ولكن الوكالة الأمريكية نقلت عن مصادر في القطاع المصرفي أن أقرب المصارف العالمية لإدارة هذا الاكتتاب هي المصارف التي سبق لها التعامل مع أرامكو في السابق.
وحددت الوكالة ثلاثة مصارف عالمية وهي جي بي مورجان الأمريكي وإتش إس بي سي البريطاني ودويتشه بانك الألماني.
وساعد كل من جي بي مورجان وإتش إس بي سي أرامكو في تدبير قرض بقيمة 10 مليارات دولار العام الماضي. والمصرفان من بين أهم عشرة مصارف في المملكة لإدارة الاكتتبات.
وكان إتش إس بي سي هو مستشار اكتتاب البنك الأهلي التجاري والبالغ 6 مليارات دولار الأكبر في تاريخ المملكة والشرق الأوسط حتى الآن. وكان البنك مستشار اكتتاب أرامكو عندما طرحت جزءا من بترورابغ للاكتتاب العام في سنة 2008.
أما دويتشه بانك الألماني فقد كان مستشار صفقة شراء أرامكو لحصة بقيمة 3 مليارات دولار من شركة لاكنسيس الألماني العام الماضي، وهو ما يجعله من بين البنوك المحتملة كما ذكرت بلومبيرج.
ولا تتقاضى المصارف العالمية رسوما كبيرة في الاكتتابات في السعودية مقارنة بالرسوم في الخارج، حيث أوضحت بلومبيرج أنهم يتقاضون نحو 0.1% من قيمة الاكتتاب فيما يتحصلون على 2.7% في أوروبا. ولهذا فإن طرحا بحجم اكتتاب أرامكو لا يعني بالضرورة أن المصارف العالمية ستجني مبالغ ضخمة جدا.