هاني الفردان- الوسط البحرينية-
التوظيف والبطالة في البحرين من أهم الملفات «حساسية» في ظل الأزمات الكثيرة التي تعيشها البلاد من سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية، وما يترتب عليها من تبعات كثيرة تؤثر على وضع الاستقرار في البلد.
قبل أيام، أكد ديوان الخدمة المدنية أمرين مهمين، أولهما عدم توافر الكفاءات البحرينية في بعض التخصصات في وزارة التربية والتعليم، إذ لا توجد كوادر بحرينية متخصصة من الذكور كمُدرسي اللغة الإنجليزية والرياضيات والمواد الصناعية، بالإضافة إلى أن وزارة الأشغال تعاني من مشكلة عزوف المهندسين بسبب العروض المغرية التي تعرض عليهم في القطاع الخاص، لكن تم حل هذه المشكلة بتشغيل المهندسين الأجانب بنظام عقود المشاريع، بحيث تنتهي مدة عمل المهندس الأجنبي بانتهاء العمل في المشروع.
الأمر الثاني أن نسبة الأجانب في القطاع الحكومي لا تتجاوز 14 في المئة، وأن دور الديوان مع الجهات الحكومية والوزارات في عملية التوظيف، لا يعدو كونه دوراً تنظيميّاً ورقابيّاً، فالجهة المختصة أو الوزارة المعنية بالوظيفة هي التي تضع امتحانات التوظيف وتقوم بإجراء المقابلات.
الحديث عن توجه القطاع الخاص نحو توظيف الأجانب وتفضيلهم على البحريني متشعب ومرتبط بخيارات السوق ونظرة أصحاب الأعمال، ومع ذلك فرضت عليهم تشريعات تنظم العملية وتجعل من البحريني الخيار الأول ولو من باب التشريع.
لكن، عندما يتعلق الأمر بخيارات وزارات حكومية وتوجهاتها في توظيف الأجنبي على رغم وجود البحريني، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة صريحة ومراجعة واضحة ونظرة متأملة لما يحدث، وما إذا كان كما يقال غياب «الكفاءات».
إن كان الأمر غياب «كفاءات» كما يقال، فلماذا التكتيم وعدم الشفافية بشأن أرقام العمالة الأجنبية في القطاع العام، ولماذا ترفض الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي الكشف عن تلك الأرقام وسردها بالتفصيل كما تفعل بالنسبة إلى العمالة الأجنبية في القطاع الخاص؟
بحسب التقارير، فإن البحرين تدفع سنويّاً أكثر من 131 مليون دينار أجوراً للعمالة الأجنبية التي تعمل في القطاع العام (بحسب الحساب الختامي الموحد للسنة المالية المنتهية في (31 ديسمبر/ كانون الأول 2014) بينما كان في العام 2013 أكثر من 118 مليون دينار، أي أن المصروفات على العمالة الأجنبية التي تعمل في البحرين تتزايد سنويّاً.
مع ذلك الرقم الكبير (131 مليون دينار)، فإن التفاصيل بشأن العمالة الأجنبية في القطاع العام لاتزال غير متوافرة، ولا توجد وثيقة رسمية يمكن أن ترشدك إلى تفاصيل تلك العمالة وعددها وأجورها، وتوزيع فئاتها، سواء كان ذلك بحسب العمر أو الأجر، أو حتى المستوى التعليمي، والوظائف التي يشغلونها.
في قبال ذلك، لدينا كل الشفافية والأرقام والإحصاءات المتعلقة بأعداد العمالة الأجنبية في القطاع الخاص، حتى أجاب مؤخراً وزير العمل والتنمية الاجتماعية، جميل حميدان على سؤال برلماني، بأن عدد الأجانب العاملين في القطاع الخاص بلغ خلال العام الجاري (2015)، 466 ألفاً و524 عاملاً، وذلك بزيادة سنوية تقدر بنحو 5 في المئة، في حين لا يتجاوز عدد البحرينيين العاملين في القطاع الخاص أكثر من 89 ألفاً و592 بحرينيّاً، وبمعدل زيادة تقدر بـ 3 في المئة سنويّاً.
الحكومة دفعت في العام 2014 بشكل فعلي 16 مليون دينار تكاليف سكن للعمالة الأجنبية التي تعمل في مؤسساتها وهيئاتها، فيما تقدم إليهم أيضاً علاوات أخرى.
الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، ومن باب الشفافية في التقارير وإطلاع الرأي العام على كل المعلومات، فإنها تصدر تقريرها الفصلي لتتحدث بشكل كامل عن كل ما يتعلق بالقوى العاملة في البحرين، لكن عندما يصل الأمر إلى العمالة غير البحرينية في القطاع العام فإن الخانات المخصصة لها تجدها فارغة بلا أرقام ولا معلومات، فيما تجدها تسهب فيما يتعلق بالقطاع الخاص.
حاولت العثور على معلومات عامة عن غير البحرينيين العاملين في القطاعات العامة، فوجدت الخانات المتعلقة بعددهم، متوسط الراتب الأساسي الشهري لهم، متوسط العمر، متوسط العمر عند بداية الخدمة، متوسط سنوات الخدمة، المستجدين منهم، أجورهم، وأعمارهم، كلها بيضاء، فيما الخانات المقابلة لها والمتعلقة بالعمالة الأجنبية في القطاع الخاص كلها أرقام مفصلة، فلماذا؟
من حق البحريني أن يعرف وبكل شفافية ووضوح عدد الأجانب العاملين في القطاع العام؟ وأسباب استقدامهم؟ ومؤهلاتهم؟ وهل هم من الخبرات التي لا يمكن توافرها في البحرينيين؟ حتى يمكننا أن نقتنع بأن البحرينيين تنقصهم الكفاءات في تخصصات معينة.
ففي ظل الأزمة المالية والتقشف، وتوجه الحكومة إلى تقليص النفقات، فإن البحريني العاطل أولى بـ131 مليون دينار التي تصرف كأجور وامتيازات للأجانب في القطاع العام، والبحريني أولى بخير هذا الوطن وامتيازاته.