حسن المدحوب- الوسط البحرينية-
من عجائب هذا البلد، دون بقية الدول، أن الدنيا مقلوبة هنا، فأنت تحتاج إلى واسطةٍ من الأجانب لتوظيف أبناء البلاد، نعم! هذا الأمر حقيقة لا مبالغة فيها ولا تضخيم ولا مزايدة، ولعلها جزء من واقعٍ مضحك مبكٍ في حال وطننا!
قصص كثيرة نعرفها ونسمعها كل مرة. أخبروني أين يوجد بلدٌ يلجأ فيه مواطنوه إلى الغريب من أجل أن يتوسط لهم لينالوا وظيفة هم يستحقونها أصلاً بفضل شهاداتهم وتفوقهم الدراسي، ولكنهم لا يحصلون عليها لأنهم ببساطة بحرينيون؟
ما هذا الواقع الذي نعيشه؟ بلدٌ يحظى فيه الأجانب بالأولوية في التوظيف والترقيات والخير الوفير قبل المواطن البحريني، هناك الآن 474 ألف أجنبي يعملون في البحرين، ولدينا 26 ألف وظيفة يحصل عليها غير البحرينيين سنوياً، الكثير منهم يحظون بوظائف قيادية ورواتب عالية.
إذا قلتم إن هذه الأرقام هي جزءٌ من الصورة، فتعالوا لنكمل الصورة معاً، كم لدينا من العاطلين البحرينيين اليوم؟ كم عاطلاً جامعياً موجوداً؟ وكم يبلغ متوسط رواتب البحرينيين؟ وكم قصة حزن منسوجة في بيوت هؤلاء العاطلين؟ وكم شهادة جامعية مركونة في أدراجهم؟
أعتقد أن المقارنة محزنة على قلوب هؤلاء وعلى كل بحريني، لأنها تكشف عن واقع مأساوي نعيشه على هذه الأرض، والأكثر أسى على القلوب هو أن تضطر لأن تطرق باب الغريب وأنت في وطنك من أجل أن يتعطف عليك بوظيفة أو عمل، أو حتى ترقية أنت أولى بها منه بكفاءتك وجدك وإخلاصك وتفانيك!
الحكومة تقول أنها لا تستطيع توظيف كل الجامعيين العاطلين، لأنها إما لا تمتلك شواغر أو لا موازنات لهم، على رغم أن المئات منهم مستمرون في بطالتهم سنواتٍ طوالاً، ولكنها استطاعت في يوم واحد أن تستقطع من أرزاق الناس وقوت عيالهم 1 بالمئة من أجل صندوق التعطل، المصاب بالتخمة المالية الآن بعد أكثر من ثمان سنوات من هذا الاستقطاع المستمر الذي تم بغير رضا الناس، والنتيجة اليوم أن هناك مبالغ ناهزت النصف مليار دينار مكدسة من فوائض هذا الصندوق دون أن يستفاد منها في شيء.
هذه الفوائض كفيلة بتوظيف كل العاطلين، وفي القطاع الحكومي، من الآن ولعشر سنوات قادمة، الجامعيين منهم وغير الجامعيين، لو أرادت الحكومة صرف رُبعها فقط عليهم.
عجيب غريب أمرنا في وطننا وعلى أرضنا، هل بات الأجنبي أحنّ علينا وأكثر إنصافاً؟