هاني الفردان- الوسط البحرينية-
يعد الفصل التعسفي في العمل صورة من صور التعسف في استعمال الحق من قبل أصحاب العمل، لذلك تعددت المعايير التي يمكن الاعتماد عليها للتمييز بين الإنهاء التعسفي والإنهاء المشروع لعقد العمل.
فقد كشف وزير العمل والتنمية الاجتماعية، جميل حميدان، في ردِّه على سؤال النائب غازي آل رحمة، حول عدد العمال البحرينيين الذين جرى تسريحهم وإنهاء عقودهم لدى شركات القطاع الخاص من 2008 - 2015 بالتفصيل، أن 12 ألفاً و139 بحرينيّاً سُرحوا من وظائفهم خلال 7 أعوام (7538 ذكور، 4601 إناث)، مؤكداً أن المسرحين يمكنهم الاستفادة من نظام التعويض ضد التعطل بنسبة 60 في المئة من الراتب قبل الفصل أو التسريح، ويشترط ألا يكون العامل استقال بمحض إرادته.
وذكر حميدان أن «من الملاحظ ارتفاع أعداد المسرحين في فترة العامين 2011 و2012، المصاحبة للأحداث المؤسفة التي مرت بها البحرين، وتجدر الإشارة إلى أنه تمت معالجة هذه الحالات وإعادتهم إلى أعمالهم».
المُشرِّع البحريني في قانون العمل (قانون رقم (36) لسنة 2012) صنَّف إنهاء عقود العمل من قبل صاحب العمل بصنفين هما: «الفصل التعسفي» و «الفصل بدون سبب أو لسبب غير مشروع».
القانون خصص الفقرة (أ) من المادة رقم (104) لبيان حالات الفصل التعسفي المباشر، والمادة رقم (105) لبيان حالات الفصل التعسفي غير المباشر، وانتهى في الفقرة (ج) من المادة رقم (111) بالإشارة إلى «الفصل بدون سبب أو لسبب غير مشروع»، وفي بيانه لحالات «الفصل التعسفي المباشر» حدد ست حالات حصرياً، نبينها كما جاءت في النص حرفياً على النحو الآتي: الفصل بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو العقيدة، والحالة الاجتماعية، والمسئولية العائلية، وحمل المرأة العاملة أو ولادتها أو إرضاعها لطفلها، والفصل بسبب انتماء العامل إلى نقابة عمالية أو مشاركته المشروعة في أي من أنشطتها، والفصل بسبب تمثيل العمال في تنظيم نقابي، أو سبق له ممارسة هذه الصفة أو السعي إلى تمثيل العمال، والفصل بسبب تقديم شكوى أو بلاغ أو رفع دعوى ضد صاحب العمل، ما لم تكن الشكوى أو البلاغ أو الدعوى كيدية، والفصل بسبب استخدام العامل لحقه في الإجازات السنوية طبقاً لأحكام القانون، والفصل بسبب توقيع الحجز على مستحقات العامل لدى صاحب العمل.
أما بشأن حالات الفصل التعسفي غير المباشر حدّد في المادة (105) حالتين فقط هما: اعتداء صاحب العمل أو من ينوب عنه على العامل أثناء العمل أو بسببه، وارتكاب صاحب العمل أو من يمثله أمراً مخلاً بالآداب نحو العامل أو أحد أفراد أسرته.
من الواضح أن المشرع البحريني، وضح بشكل «مقبول» معنى الفصل التعسفي، إذ اعتبره «غير قانوني» عندما فرض على صاحب العمل تعويض العامل المفصول تعسفياً.
هذا الحديث يتناقض مع تصريحات وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان من أن «الفصل التعسفي أبغض الحلال»، أي أنه «حلال» أو «قانوني» ولكنه «مكروه»، وهذا غير صحيح، فالفصل التعسفي «غير قانوني» ويخالف نصوص قانون العمل الذي عدد ستة أسباب توضح فيها مكامن الفصل التعسفي والتي يستوجب القانون فيها عقوبات على صاحب العمل جلها «تعويضات مالية».
«الحلال المبغوض» لا ينطبق أبداً على مفهوم الفصل التعسفي، فهو ليس أمراً «قانونيّاً مكروهاً»، حتى وإن لم يكن قانون العمل واضحاً في ذلك بشكل صريح، إلا أنه فرض عقوبات على صاحب العمل الذي يقدم على فصل عامل تعسفياً وتعويضه، وبذلك فإن تلك العقوبات لا تكون إلا عندما تكون هناك مخالفة لنص قانوني صريح.
ففي يونيو/ حزيران 2015، قضت المحكمة العمالية بإلزام شركة بتعويض سكرتيرة بحرينية بمبلغ 8362 ديناراً وتسليمها شهادة خدمة وألزمتها بالرسوم والمصاريف، وذلك بعد أن تم تخفيض راتبها في الشهر الثاني ثم الثالث وفصلها تعسفيّاً عند الاعتراض على التخفيض.