الخليج الجديد-
«فضلا وظفني».. لم يكن وسما فقط انتشر كالنار في الهشيم، بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في سلطنة عمان، وإنما كان بمثابة صرخة في وجه النظام، طلبا لتوظيف العمانيين، أبناء الوطن.
الوسم لاقي تفاعلا كبيرا بين النشطاء على «تويتر»، للدرجة التي جعلته يحتل مراكز متقدمة خلال اليومين الماضيين.
الإعلامية العمانية «بثينة البلوشي»، أشادت بالوسم والتفاعل الواسع معه، وقالت: «هاشتاغ مهم، خصوصا إذا أثري محتواه بمنطق وموضوعية عن المعوقات، والحلول لمشكلة الباحثين عن عمل، بدون تجميل للواقع، أو تهويل له».
كما قال الصحفي «حمود الطقوي»، إن «سجل القوى العاملة ليس لديه إحصائيات دقيقة عن حجم الباحثين عن العمل ولكن المؤشرات أن عدد كبير باحث عن العمل».
الانتقادات طالت البيروقراطية والقوانين القديمة بالسلطنة، حيث قال ناشط يطلق على نفسه اسم «إسماعيلوف»: «حط أوراقك وراح نتواصل معك، ومن ثم مرت السنوات ولم يتصل عليه احد.. هذه قصة قصيرة مؤلمه يعاني منها الكثير عندما يموت ضمير المسؤولين».
في الوقت الذي قال الناشط «يونس الحارسي»: «ابتكرت بعض المؤسسات أساليب قذرة للالتفاف على أرقام التعيين، عبر إبرام عقود مع أطراف ثالثة، لتوفير موظفين لا يدخلون في سجلاتها».
وأضاف: «نحن لسنا أمام شح في الوظائف في عمان، فبالنظر لحجم القوى العاملة سنجد أنه كبير وتزيد فيه نسبة غير العمانيين عن المليون».
الأمر ذاته، أشار إليه الأكاديمي «على العوفي»، حين قال: «مشكلة الباحثين عن عمل تتفاقم بسبب مزاحمة الوافدين، وهشاشة سياسات العمل التي لا تخدم الصالح العام، فهناك 160 ألف مواطن يبحثون عن فرص».
وتساءل الناشط «ابن تميم»: «ماذا فعلت اللجنة الوطنية للشباب والمبادرات المدعومة للشباب الباحث عن عمل!، أين الدراسات التي تهتم بهم هل من توظيف لطاقاتهم؟»، وأضاف: «الشباب طاقات يجب استغلالها في بناء الوطن لا استغلال اسمها لخلق المزيد الهيئات واللجان التي تنزف جيب الوطن، وتنزف طاقة الشباب».
في الوقت الذي قال ناشط يدعى «الشيبة خلفان»: «الحكومة لا تستطيع توظيف الجميع في الوظائف الحكومية وهذا شي واقعي، ولكن للأسف لم تضع نهج مستقبلي للتوظيف وهذا أكبر الإشكاليات».
وعن الحلول، وضعت الناشطة «آن الكندي»، خارطة حل للأزمة، تتلخص في أن «النمو الاقتصادي يوفر فرص عمل»، مضيفة: «لينمو الاقتصاد لابد من بيئة مشجعة للاستثمار ورفع مستوى المهارة والتعليم للعماني».
في الوقت الذي قالت الناشطة «قمر عمر»: «أتمنى أن يكون لشباب طموح في الذهاب للأعمال الحرة»، مضيفة: «الأعمال الحرة كثيرة ولله الحمد.. أهم شيء الشباب يخططوا صح، وراح تترتب الأمور».
غير أن الناشط «إدريس الرشيدي»، كتب: «التعيين هو الحل، خلاص يا جماعة الخير، أبناء البلد أولى بثروتها، واليوم أبناء الوطن اثبتوا جدارتهم في مختلف التحديات الوظيفية».
أما الإعلامي «أحمد الكندي»، فأشار إلى أن الانتهاء من «مول عمان»، سيوفر 5000 وظيفة، وكتب: «مول عمان مشروع مُعطل أُعلن عنه في 2011، وبداية الإنشاء المخططة 2014 ليوفر 5000 وظيفة».
«مريم بنت غالب العلوي»، الرئيسة التنفيذية لإحدى شركات الإعلام، قالت: «40 عاما من القوانين تفصل لصالح التجار ألم تكفي! وجاء الوقت أن تعمل اليوم قوانين طارئة وحازمة في سوق العمل من صالح الشباب».
وأضافت: «الكونغرس الأمريكي في الأزمة الاقتصادية وتضرر المواطن، تم استدعاء الشركات الكبرى، فلماذا الشورى لا يستدعيهم ويستجوبهم مباشرة».
كما دعا الباحث في علوم الإدارة، «سعيد البلوشي» أصحاب القرار في عمان إلى العمل نحو تخطيط استراتيجي حقيقي لحل هذه الأزمة، وقال: «نداء لكل صاحب قرار.. التخطيط الاستراتيجي السليم يساوي إدارة أزمة مستقبلية بشكل سليم.. التباكي على اللبن المسكوب لن يفيد الآن».
«سالم الكندي»، كتب: «الوظيفة حق للخّريج، الذي تعب وسهر أثناء دراسته لخدمة البلد. وتكريمه بعمل مستحق، تشجيع ودفع به للأمام.. الشباب هم الطاقات الواعدة»، وأضاف: «تساهلوا مع راغبي التقاعد المستحقين قانونياً.. واشغلوا كراسيهم بنخب الخريجين الشغوفين للعمل، فالبلد تقوم على أفكار ومستقبل الشباب».
أزمة متفاقمة
يشار إلى أن البطالة في سلطنة عمان، تمثل أعلى المعدلات في محيط دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغت نحو 8% عام 2014، في حين ترتفع في أوساط الشباب إلى 20%، وفقاً لتقرير أصدره «المنتدى الاقتصادي العالمي».
وساعدت أوامر أصدرها السلطان قابوس في عام 2011 بسرعة توفير فرص عمل لنحو 50 ألف مواطن، في الحد من حركة شبابية غاضبة آنذاك، وتم استيعاب هذا العدد بالفعل في قوائم الخدمة المدنية والقوى العاملة، لكن الحكومة لم تقدم فرصاً للباحثين عن العمل بنفس هذا العدد في السنوات اللاحقة، في نفس الوقت قدمت فرصاً كبيرة للوافدين.
وكانت إحصائيات غير رسمية، أشارت إلى وجود 143 ألف طلب مسجل من المواطنين لدى سجلات القوى العاملة للباحثين عن العمل، لكن وزير القوى العاملة «عبد الله بن ناصر البكري»، أشار في تصريحات أنه خلال العام الماضي، بلغت عدد الطلبات 124 ألفاً فقط، وفق الكشوفات الداخلية الرسمية.
كما يعاني القطاع الخاص العماني من غياب البريق الكافي لاستمرار المواطن فيه، في ظل ضعف الحافز التشجيعي، وعدم ربط غالبية المخرجات التعليمية بسوق العمل في القطاع الخاص، مقارنة بحوافز أفضل في القطاع الحكومي، خصوصاً بعد قرار توحيد الرواتب الذي تم تنفيذه مطلع العام 2014، وأدى إلى زيادة في المرتبات وصلت إلى الضعف في بعض الدرجات الوظيفية.